لغة «المدمرات» بين واشنطن وبكين.. مخاوف من تقدير خاطئ قد يشعل فتيل المواجهة

لغة «المدمرات» بين واشنطن وبكين..  مخاوف من تقدير خاطئ قد يشعل فتيل المواجهة


حذّر خبراء في الشؤون الصينية من احتمال خروج المواجهات بين واشنطن وبكين عن السيطرة في بحر الصين الجنوبي. 
وأشاروا إلى أن أي خطأ في التقدير العسكري قد يؤدي إلى حادث أمني دولــــي كبير تكون له تداعيات خطيرة، خاصة مع التواجد المكثف للمدمرات العسكرية في المنطقة.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن هذا النوع من المواجهات يصنف على أنه «ضجيج بلا طحين»، حيث يحرص الجانبان على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى صدام مباشر، في ظل إدراك بكين وواشنطن أن أي احتكاك متبادل يصاحبه انفلات سيكون له صدى سلبي على الولايات المتحدة والصين.
وبينوا أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الصين تعتمد على تصعيد «تحت السيطرة». وتهدف هذه السياسة إلى خلق أوراق ضغط متعددة، يكون أهمها على المدى القريب التأثير في مفاوضات الرسوم الجمركية بين الجانبين.

طرد مدمرة أمريكية
وكانت البحرية الصينية أفادت مؤخرا بأنها طردت سفينة «مدمرة» تابعة للبحرية الأمريكية التي دخلت مياهها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، بينما دافعت الولايات المتحدة عن العملية، ووصفتها بالقانونية بموجب القانون الدولي.
ورفضت البحرية الأمريكية التأكيدات الصينية، ووصفت عمليتها بأنها تأكيد لحقوقها الملاحية، مؤكدة أن العملية تندرج ضمن الحقوق والحريات المشروعة للاستخدام البحري التي يكفلها القانون الدولي، وجاءت لتحدي القيود التي تفرضها كل من الصين وتايوان على المرور البري.

حقوق اقتصادية
وقال الخبير في الشؤون الصينية، الدكتور محمد بايرام، إن «جزر سكاربورو جزء من سلسلة جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وتشهد بشكل دوري مراقبة ومناورات عسكرية من قبل الصين والولايات المتحدة بالإضافة إلى دول أخرى تطالب بحقوق اقتصادية وبحرية بالمنطقة، وبالتالي الحادثة ليست الأولى من نوعها بهذا الشأن».
وأوضح بايرام في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن القوات المسلحة الصينية تحدثت عن إبعاد مدمرة أمريكية أبحرت بالقرب من جزر سكاربورو وهو الممر المائي الإستراتيجي المزدحم الذي يربط بين آسيا وأمريكا وسط تأكيد الجيش الصيني أن المدمرة الأمريكية انتهكت المياه الصينية وأن رد القوات الصينية وفقًا للإجراءات الدفاعية المتعارف عليها في وقت قالت فيه البحرية الأمريكية إن عملية عبور المدمرة يتسق مع قواعد القانون الدولي وحرية الملاحة العالمية.
وأشار بايرام إلى أن الأزمة جاءت ضمن توترات متصاعدة حول بحر الصين الجنوبي الذي تطالب به بكين جزئيًّا وتعتبره من مياهها الإقليمية فيما تؤكد واشنطن وحلفاؤها على أن حق الملاحة في هذه المنطقة متاح للجميع.

وقائع متكررة
وتابع بايرام أنه رغم التصعيد ومن خلال مراقبة مثل هذه الأحداث خلال آخر 5 سنوات، فإن الصدام ليس محتملًا على المدى القصير بين الجانبين لكن أي خطأ في التقدير قد يؤدي إلى حادث أمني دولي كبير لا تحمد عقباه. وذكر بايرام أن هناك خططًا صينية طويلة المدى من 2027 إلى 2030 بتجديد حماية مياهها الإقليمية عبر زيادة المناورات العسكرية والردود المتبادلة، الأمر الذي قد يزيد وقوع حوادث بحرية في المنطقة بين وقت وآخر ولكن لن يؤدي إلى صدام.
وقال: «يجب ألا ننسى أن ترامب ينوي زيارة بكين قبل نهاية العام الجاري. ومثل هذه الحوادث يمكن تلافيها، خاصة أنها تُعتبر وقائع متكررة لكلا الجانبين».  

تصعيد تحت السيطرة 
فيما يؤكد الباحث في العلاقات الدولية سعيد عبد الحفيظ، أن ترامب يتبع سياسة تصعيد مع الصين، ولكنها محاطة بخطوط تجعلها «تحت السيطرة» ولهذه السياسة عدة أهداف من بينها على المستوى القريب أن يكون لها دور في مفاوضات التعريفات الجمركية بين الجانبين.
وقال عبد الحفيظ في تصريح لـ»إرم نيوز»، إن هناك فارقًا كبيرًا بين تعامل ترامب مع الصين وأهدافه، وسياسة الرئيس السابق جو بايدن التي كانت متكررة الصدام مع بكين.
وأفاد عبد الحفيظ بأن الجانبين على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى صدام مباشر. ويعود ذلك إلى إدراك كل من واشنطن وبكين أن أي تصعيد متبادل يخرج عن السيطرة ستكون له عواقب سلبية على البلدين.
 خطوط حمراء
وبحسب عبد الحفيظ، فإن ترامب يعمل على تعدد أشكال التواجد الإستراتيجي والعسكري في محيط الصين وأيضًا تحقيق أشكال تعاون وتداخل في دول لها أهمية متعددة للصين على مستوى حدودها وأمنها واقتصادها وأمور أخرى، وهذه السياسة تزعج بكين بشكل كبير وتستفزها، والمؤسسات الأمريكية تدرك ذلك وتراهن عليه.
وأردف، أن هناك خطوطًا حمراء تدركها كل من واشنطن وبكين، ويحرصان على عدم تجاوزها. ويعود ذلك إلى إدراك الجانبين أن أي خطأ قد يؤدي إلى صدام يصعب السيطرة عليه. فالولايات المتحدة تدرك أن أي مواجهة مسلحة مع الصين ستشكل تحديًا كبيرًا لقوتها، بينما تركز بكين على تحقيق هدفها بأن يصبح اقتصادها الأول عالميًّا، وتجنب أي مواجهة قد تستنزفها أو تعطل خططها الصناعية.