«الصيحة» تجسيد للتواصل الفريد بين الإبل وملاكها بمهرجان الظفرة الختامي

للإبل مقدرة استثنائية على معرفة صوت صاحبها حتى لو كان وسط مئات الأصوات

للإبل مقدرة استثنائية على معرفة صوت صاحبها حتى لو كان وسط مئات الأصوات


في أجواء تفيض بالأصالة والتراث، يواصل مهرجان الظفرة الختامي إحياء العلاقة الفريدة بين الإنسان والإبل، عبر “الصيحة” التي تُعد نموذجًا استثنائيًا للتواصل في مزاينات الإبل التي تتداخل فيها الأصوات من خارج منطقة التحكيم وتختلط الحروف ببعضها فلا يكاد الجمهور يميز الأصوات التي ينادي بها المشاركون على إبلهم، فأحدهم يصيح بشكل متقطع وآخر يصدر أصواتا غير مفهومة وثالث يصدر صفيرا وصياحا باسم ناقته، ورغم ذلك تلتقط الناقة صوت صاحبها مميزة الأصوات من بين الجموع.
وللإبل مقدرة استثنائية على معرفة صوت صاحبها حتى لوكان وسط مئات الأصوات ما يجعلها تنتبه وتبحث عن مصدر هذا الصوت وتحديد موقع صاحبها، وهو ما يسعى كل مشارك إلى تحقيقه حتى يضمن انتباه ناقته وتاليا رفع رأسها وإبراز جمالها أمام لجنة التحكيم.
وأجمع ملاك إبل مشاركة بمزاينات المهرجان أن “الصيحة” أو مناداة الإبل بأسمائها تعتبر من أبرز وسائل التحفيز التقليدية التي يستخدمها ملاك الإبل خلال المسابقات، فعند وقوف الناقة أمام لجنة التحكيم، ينادي صاحبها عليها بكلمات مألوفة لديها أو اسم مميز يحفزها على رفع رأسها واستعراض جمالها أمام الحضور، على الرغم من تعدد الأصوات واختلاط النداءات في ساحة المزاينة، مشيرين إلى أن الإبل تتمتع بقدرة استثنائية على التعرف على صوت صاحبها، فتستجيب له فورًا برفع رأسها بشموخ، وكأنها تقول: “أنا هنا، وأنا جديرة بالإعجاب”.
وفي هذا السياق قال سليم بخيت المنهالي، مذيع نتائج مزاينات الإبل وأحد ملاكها: “الإبل تستجيب لصيحة صاحبها بحركة مميزة ورشاقة لافتة، حيث تلتفت إليه بثقة وكأنها تدرك أن لحظتها للتألق قد حانت”، مضيفا: "الإبل تتمتع بذاكرة استثنائية، فهي قادرة على العودة إلى موطنها الأصلي بعد سنوات طويلة، وصغيرها يستطيع العودة إلى المكان الذي رضع فيه آخر مرة، مما يعكس مدى ارتباطها العميق بمحيطها وبمالكها، كما أن للإبل قدرة على تحديد مواقع المياه والأراضي المعشبة من مسافات بعيدة، بفضل حاسة شمها القوية، ما يجعلها رمزًا للتكيف والقدرة على العيش في أصعب البيئات". وأيده الرأي علي بن هياي المنصوري، أحد ملاك الإبل المشاركة في المهرجان، الذي أكد أن "الصيحة" تلعب دورًا أساسيًا في تحفيز الإبل أثناء المسابقات، فعندما ينادي صاحب الناقة عليها، تستجيب برفع رأسها وكأنها تبحث عن مصدر الصوت، ما يساعدها على إبراز معالم جمالها أمام لجنة التحكيم ويزيد من فرصها في الحصول على تقييم عال".
فيما قال عبدالعزيز محمد عايض القحطاني، مالك إبل مشاركة بالمهرجان،  أن كل ناقة تحمل بصمة صوتية لصاحبها تحفظها في ذاكرتها السمعية، وعلى الرغم من علو  الأصوات وتداخلها في نطاق المزاينة، إلا أن الناقة تملك القدرة على تمييز صوت صاحبها والرد عليه بأداء ذو حماس عالٍ أثناء المزاينة، لافتا إلى أن بعض ملاك الإبل يستخدمون صيحات متقطعة، بينما يضيف آخرون أصواتًا مثل الصفير أو كلمات متداخلة، وكل ذلك يسهم في تعزيز وقفة الناقة وجعلها أكثر جمالا".
مهرجان الظفرة للإبل ليس مجرد مسابقة لجمال الإبل، بل هو مشهد حي يعكس التراث الإماراتي العريق، من خلال “الصيحة”، يظهر التواصل الفريد بين الإبل وملاكها باعتباره جزءًا من هوية ثقافية غنية، تتداخل فيها الأصالة والفخر. ويعد المهرجان شاهدًا حيًا على إرث ثقافي يتناقل عبر الأجيال، ليظل حاضرًا في وجدان المجتمع ويُسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية للإمارات.