لماذا لا يستطيع زيلينسكي التنازل عن شبه جزيرة القرم؟
يُعدّ مستقبل شبه جزيرة القرم محور خطة السلام، التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، لكن يستبعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاعتراف بالسيطرة الروسية على شبه الجزيرة، وفقا لشبكة «بي بي سي» البريطانية. وذكرت الشبكة أن الشروط الدقيقة لخطة ترامب لم تُنشر، لكن التقارير تشير إلى أنها ستشمل اعتراف الولايات المتحدة بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا بحكم القانون.
ويرى ترامب أن شبه الجزيرة الواقعة جنوبي أوكرانيا «ضاعت منذ سنوات» و»ليست حتى جزءًا من النقاش» في محادثات السلام.
لكن تخلي زيلينسكي عن شبه جزيرة القرم كجزء لا يتجزأ من أوكرانيا سيكون أمرًا غير مقبول، وعلى حد تعبير النائبة المعارضة إيرينا جيراشينكو، فإن «وحدة الأراضي والسيادة خط أحمر بالنسبة إلى أوكرانيا».
حجر عثرة
وبالنسبة إلى زعيم أمريكي مُستعجل للتوصل إلى اتفاق سلام، قد تُصبح شبه جزيرة القرم حجر عثرة كبير.
وترامب مُحقٌّ في أن فرصة استعادة أوكرانيا للقرم في المستقبل المنظور ضئيلة، وأنها بحكم الأمر الواقع تحت السيطرة الروسية، لكن هذا بعيدٌ كل البعد عن الاعتراف بشرعية الأمر. ويشير زيلينسكي إلى «إعلان القرم» الصادر عام 2018 عن وزير خارجية ترامب آنذاك، مايك بومبيو، الذي قال إن بلاده رفضت «محاولة روسيا ضم شبه جزيرة القرم» وتعهدت بمواصلة ذلك حتى استعادة وحدة أراضي أوكرانيا. ويُشير زيلينسكي إلى أن ترامب دعم أوكرانيا في قضية شبه جزيرة القرم آنذاك، وعليه الالتزام بذلك الآن.
الدستور الأوكراني
وأصرّ زيلينسكي على أنه لا يملك سلطة التخلي عن شبه جزيرة القرم: «لا مجال للحديث هنا. هذا مُخالف لدستورنا».
وتنص المادة الثانية من الدستور على أن سيادة أوكرانيا «تمتد على كامل أراضيها»، التي «ضمن حدودها الحالية غير قابلة للتجزئة ولا تُمس».
وأشارت الشبكة إلى أن أي تغيير في أراضي أوكرانيا يجب أن يُطرح لاستفتاء وطني، بموافقة البرلمان الأوكراني. وليس الرئيس ترامب وحده من يواجه مشكلات مع كييف. فروسيا أيضًا ترى في الدستور الأوكراني «عقبة» أمام جهود السلام. يمكن تغيير الدساتير، ولكن ليس في ظل الأحكام العرفية في أوكرانيا.
إن الموافقة على ضم روسيا غير القانوني لن يكون مجرد خط أحمر لأوكرانيا، بل سيكون سابقة مروعة لدول مثل رومانيا المطلة على البحر الأسود.
هل هو حق روسي؟
لطالما اعتبر الروس شبه جزيرة القرم جزءًا من أراضيهم، وقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «رابطة حية لا تنفصم» مع شبه الجزيرة، بمنتجعاتها على البحر الأسود ومناخها الصيفي المعتدل.
لكن شبه جزيرة القرم، إلى جانب بقية أوكرانيا، صوتت لمصلحة الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي المنهار في عام 1991.
وبعد ضمها عام 2014، سعى بوتين إلى ترسيخ سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، وشعر بوتين بأنه يُصحّح ظلماً لحق بروسيا عندما نقل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا عام 1954، وقال إن روسيا «لم تُسلب فحسب، بل نُهبت».
وسارعت روسيا إلى تنظيم استفتاء في 2014، لكن المجتمع الدولي رفضه واعتبره خدعة، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يدعم السيادة الأوكرانية.
وقضت المحكمة الجنائية الدولية بأن نشاط روسيا في شبه جزيرة القرم يرقى إلى «احتلال مستمر»، وقد لا تكون شبه جزيرة القرم المشكلة الوحيدة. ولم تُنشر خطة ترامب للسلام بعد، ولكن وفقًا لتقارير وتصريحات مختلفة لمسؤولين أمريكيين، سيُطلب من أوكرانيا الالتزام بشروط صعبة أخرى. فسيتم الاعتراف بحكم الأمر الواقع باحتلال روسيا لما يقارب 20% من أوكرانيا خلف خطوط المواجهة الحالية، ما يُجمّد الصراع فعليًا في 4 مناطق أوكرانية: دونيتسك، ولوغانسك، وخيرسون، وزابوريجيا
وسيكون هناك وعد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، على الرغم من إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
وستتولى الولايات المتحدة مسؤولية محطة الطاقة النووية في زابوريجيا، التي استولت عليها روسيا عام 2022. وذكرت الشبكة أن هناك اتفاقية أمريكية أوكرانية لتقاسم أرباح المعادن، التي من المتوقع أن يبرمها رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال مع الولايات المتحدة بحلول يوم السبت.