تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي:

لماذا يخفي ترامب «ملف ماكرون» في خزنته...؟

لماذا يخفي ترامب «ملف ماكرون» في خزنته...؟

 - يبدو أنه ليس لدى ترامب ملف آخر يتعلق بزعيم أجنبي
- لم يكن ترامب أبدًا من أشد المعجبين بماكرون... وكانت صداقتهما مجرد واجهة
- حيازة ملف عن رؤساء الدول الأجنبية «ممارسة معتادة»


   من بين الملفات “السرية للغاية” التي تم العثور عليها عند دونالد ترامب يوم الاثنين 8 أغسطس، أحدها ذو أهمية خاصة لباريس. ووفق مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن علامته تقول: “رئيس فرنسا».
   محرجة، ومن المحتمل قابلة للانفجار، تثير هذه القضية حنق باريس. ففي إطار تحقيق حول احتمال إخفاء دونالد ترامب لأسرار الدولة، يجري مكتب التحقيقات الفيدرالي حاليًا تحقيقًا قاده إلى إجراء عملية تفتيش، يوم الاثنين، 8 أغسطس، في مار الاغو، الإقامة الفرعية الأولى للرئيس الأمريكي في بالم بيتش (فلوريدا)، وصفتها الشرطة الفيدرالية بأنها “نادي شاطئي ومقر إقامة، يقابل قصرًا مكونًا من 57 غرفة و33 حمامًا على أرض مساحتها 7 هكتارات».

تثير القضية ضجة عبر المحيط الأطلسي ولسبب وجيه: بدلاً من نقل جميع أرشيفات رئاسته إلى الأرشيف الوطني لمكتبة الكونغرس، كما ينصّ القانون، احتفظ الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة، على العكس من ذلك، بعدد كبير من الوثائق السرية مرتبة وفقًا لثلاثة مستويات سرية مطلقة: “خاص”، “سري”، “سرية للغاية”. صباح الاثنين، فتح محققون من “المكتب” (اللقب الذي يطلق على مكتب التحقيقات الفدرالي) خزنة دونالد ترامب -كان في نيويورك -وصادروا خمسة عشر صندوقًا من المستندات.
   يحتوي بعضها على صور، بينما يتعلق البعض الآخر بالعفو الممنوح في نهاية ولايته لروجر ستون، وهو صديق ومستشار سياسي للرئيس.

والأكثر خطورة: يمكن أن تحتوي الصناديق على معلومات تتعلق بأسرار نووية أمريكية. غير ان ملفًا في خزنة ترامب يحظى باهتمام خاص لأن اسمه من كلمتين يشير إلى: “رئيس فرنسا”.
 ويدفع هذا إلى الاعتقاد بأنّ المستأجر السابق للبيت الأبيض احتفظ في بيته بمعلومات شخصية حساسة عن نظيره الفرنسي السابق.

«ممارسة معتادة»
   «تملك اجهزة كل دولة ملفات عن كل رؤساء الدول الأجنبية، يوضح محلل أمريكي مرتبط بعالم الاستخبارات، إنها ممارسة معتادة. يمكن أن توجد عناصر معلومات شخصية حول هذا النظير أو ذاك مفيدة لممارسة ضغط في سياق مفاوضات ما، الا ان المثير للدهشة هنا هو أن ترامب أخذ معه ملفًا يتعلق بإيمانويل ماكرون. وهو الوحيد في هذه الحالة: يبدو أنه ليس لدى ترامب ملف آخر يتعلق بزعيم أجنبي. على السطح، لا تبدو العلاقة بين الرجلين سيئة، لكن ترامب لم يكن أبدًا، في أعماقه، من أشد المعجبين بماكرون... كانت صداقتهما مجرد واجهة.
   بينهما، بدأت الأمور على ما يرام. بالنسبة لترامب، من خلال زيارة الشانزليزيه بمناسبة العرض العسكري 14 يوليو 2017، أعقبها عشاء في برج إيفل مع ميلانيا وبريجيت. بالنسبة لماكرون، من خلال زيارة دولة لواشنطن اعتبرها الجميع ناجحة. كل هذا زانته مصافحات ذكورية ولكن أيضًا خلافات، بدءً من الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية الإيرانية، والتي أضيفت إليها خلافات أخرى في الرأي -على سبيل المثال، حول العلاقة العابرة للأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة في إطار حلف شمال الأطلسي.

   في هذه المرحلة، تبقى هناك أسئلة بدون جواب: هل إيمانويل ماكرون هو حقًا الرئيس الوحيد المعاصر لترامب الذي يمسك هذا الأخير ملفات عنه؟
 هل يمتلك الملياردير ملفات مخفية أخرى في مكان آخر؟ وفيما يتعلق بماكرون، هل لديه عناصر من المحتمل أن تضغط عليه؟ الثابت: لدونالد ترامب شيء ما في رأسه يتعلق بمستأجر الإليزيه.

   يثير تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي أسئلة أخرى. فبصرف النظر عن ملف “رئيس فرنسا”، وبحسب تسمية مكتب التحقيقات الفدرالي، صادر المحققون صندوقين من الصور. ما نوع هذه الصور؟ مساومة بالصور لخصومه السياسيين؟ وأخيرًا: ماذا ينتظر رئيس الدولة السابق؟ إذا كان يخفي أسرارًا نووية، فإن ترامب يجازف، لأن مثل هذه الأسرار محمية بموجب قانون خاص ولا يمكن “رفع السرية عنها” بناءً على نزوة رئيس. لكن هذا هو خط دفاع محامي ترامب: يملك هذا الأخير امكانية “رفع السرية” عن الوثائق حسب رغبته، وبالتالي فإن نقلها إلى منزله لا يرقى إلى مستوى إخفاء أسرار الدولة. إلا أن هذا المنطق لا يصح فيما يتعلق بالأسرار النووية.

   بالعودة إلى فرنسا، هناك ملاحظة تفرض نفسها: صحيح أن باريس هي أقدم حليف تاريخي لواشنطن (الجمهوريون والديمقراطيون يكررون ذلك دائما لإرضاء غرور الفرنسيين)، لكن هاتين العاصمتين متنافستان أيضًا في سوق عقود الأسلحة وتصدير خبرتهما النووية – وقضية الغواصات الأسترالية قبل أقل من عام أثبتت هذا بوضوح.

 فهل يمكن ربط هذه المنافسة بوجود ملف “رئيس فرنسا” في مكتب دونالد ترامب بولاية فلوريدا؟ من الوارد ألا نعرف أبدًا.