رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
ما الذي يمكن لبايدن تعلمه من اغتيال لقمان سليم؟
طالب الأكاديمي المقيم في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين وزميلته المسؤولة في قسم الدراسات الدفاعية والخارجية التابعة للمعهد نفسه دانيال بليتكا إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باستخلاص الدروس من اغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم.
وكتاب في صحيفة “واشنطن بوست” أن الخوف هو السلاح السري للمستبدين لكنه أيضاً أعظم مخاوفهم. كان لقمان سليم نقطة ضعف عظيمة لدى حزب الله. أسس سليم مؤسسة “هيا بنا” المناهضة للتنظيم. وقاد حملات بلا هوادة داخل الأحياء التي يسيطر عليها حزب الله لمواجهة جهود الأخير في تقويض الديمقراطية اللبنانية وإخضاع المصالح القومية اللبنانية لإيران. تجاهل الناشط اللبناني تهديدات الحزب له لفترة طويلة. لكنه وُجد مقتولاً يوم الخميس بعد تلقيه طلقات نارية عدة في الرأس والظهر.
باريس الشرق الأوسط
على الرغم من أن حزب الله أصدر بياناً يدين فيه القتل، برز تلميح إلى وجود فرح ضمن أجوائه. كتب نجل أمين عام حزب الله جواد نصرالله في تغريدة أن “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب” وأرفق تغريدته بوسم “بلا أسف”. ثم محا تغريدته لاحقاً.
وكتب آخرون تعليقات على صفحة سليم في فيس بوك معربين عن فرحتهم بأن حزب الله “تخلص من القمامة”. في اغتيال سليم، يرى الباحثان صورة مصغرة لما أصبح عليه لبنان. ما كان في يوم من الأيام باريس الشرق الأوسط أصبح فيلم قتل حيث يواجه كل بطل حتفه على أيدي القوى الحقيقية التي تهيمن على بيروت.
مواجهة فساد حزب الله
في 2005، وعقب ثورة الأرز اللبنانية، انضم سليم إلى مجموعة متنوعة من الإصلاحيين العرب ضمن مشروع هدفه إطلاق نقاش حول المستقبل الديمقراطي لدولهم. وتابع الأكاديميان مقالهما كاتبين أنه في السنة التالية، قدم سليم أفكاره عن أسلوب مواجهة فساد حزب الله في مؤتمر نظمه معهد المشروع الأمريكي. وفي دراسة للمعهد، كتب: “قبل أن يصبح المثقفون اللبنانيون مستعدين لرسم خط واضح وعدم السماح لحزب الله وغيره من البلطجية المستأجرين بتحديد (مسار) النقاش، هنالك أمل ضئيل في المعارضة والإصلاح الحقيقي».
تلاشي بصيص الأمل
كان سليم محقاً. بالنسبة إلى كثر في العالم العربي، تم رسم هذا الخط خلال تظاهرات عمت دولاً عدة في الشرق الأوسط نهاية 2019. ضاق اللبنانيون ذرعاً فنزلوا أيضاً إلى الشوارع ونجحوا في إسقاط الحكومة. ويرى روبين وبليتكا أن تفشي جائحة كورونا والعجز الدائم عن إيجاد بدائل لسياسييهم أديا إلى تلاشي بصيص الأمل. حتى انفجار الرابع من أغسطس (آب) الذي ترك الآلاف بين قتيل وجريح فشل في تعبئة الأمة للتحرك ضد مصالح حزب الله الذي سيطر على المرفأ وخزن المتفجرات في قلب العاصمة وفقاً للتقارير.
بعكس نخب بيروتية أخرى
قارن الكاتبان سليم بشجعان آخرين حول العالم مثل المعارض الروسي أليكسي نافالني والمحامي الحقوقي وانغ كوانجانغ ورجل الأعمال التركي عثمان كوالا، إذ أدرك أن التغيير الحقيقي يأتي من الداخل. وطالب الدولة اللبنانية باستعادة عباءة القيادة التي انتزعها حزب الله. لكن على عكس الكثير من النخب البيروتية، لم يبحث عن مخلّصين في الخارج. لقد أدرك أن المقاومة تبدأ في الداخل ويجب أن تكون عضوية. لكنه علم أيضاً أنه دون الحصول على دعم من الخارج، لن تنجح هذه الجهود.
خوف أوباما
أشار روبين وبليتكا إلى أن وزارة الخارجية في ولاية أوباما قطعت التمويل عن مؤسسة هيا بنا، وأوضحت في رسالة أن “جميع النشاطات التي هدفت إلى تعزيز صوت شيعي مستقل يجب أن تتوقف على الفور وإلى أجل غير مسمى”. وتساءل الكاتبان عن السبب الذي يدفع الديموقراطية الرائدة في العالم إلى إنهاء دعم الأصوات الشيعية المعتدلة. قد يقول الديبلوماسيون سراً إنه شرط غير مكتوب لاتفاق أوباما مع إيران حول عدم دحر مصالح طهران الإقليمية. ربما صحيح وفقاً للكاتبين لكنهما يرجحان أن السبب الحقيقي والدائم كان الخوف والضعف.
لماذا أظهر حزب الله وجهه الحقيقي
الخوف هو ما يمكّن حزب الله من النمو. وحصانة سليم تجاه هذا الخوف هي ما دفعت حزب الله لإظهار وجهه الحقيقي. إذا أراد الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنطوني بلينكن النجاح حيث فشل أسلافهما، فعليهما التغلب على خوفهما. عليهما أن يكونا، مثل سليم، نقطة ضعف حزب الله الكبرى. وختم الأكاديميان مقالهما بالإشارة إلى أن قلمه ربما أُسكِت الآن، لكن يجب ألا يلقى صوته المصير نفسه.