ما علاقة البرنامج النووي الإيراني بالديموغرافيا الإيرانية؟

ما علاقة البرنامج النووي الإيراني بالديموغرافيا الإيرانية؟


عرض الباحث في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين زاوية جديدة للبرنامج النووي الإيراني ترتبط بقلق المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي من التحولات الديموغرافية السلبية التي تواجهها بلاده. وكتب في موقع “1945” كيف حض المرشد السابق الخميني الإيرانيين على الإنجاب وزيادة عدد السكان بعد نجاح الثورة. حينها، ارتفعت لافتات تظهر “عائلة إسلامية تقية” مؤلفة من أب وأم وسبعة أولاد.
عمد الخميني إلى إغلاق عيادات الشاه لتنظيم الأسرة وخفّض سن زواج الفتيات ليتزامن مع سن البلوغ وشرّع تعدد الزوجات ورفع كلفة تحديد النسل إلى حد لا تستطيع الغالبية العظمى من المجتمع تحملها. وفي بضع سنوات، وصل متوسط عدد أولاد العائلة الواحدة إلى سبعة. في ذلك الوقت، تجاهل الخميني مخاوف الاقتصاديين. عطلت الثورة النمو الاقتصادي الإيراني وأغرقت البلاد في ركود عميق. وفاقم غزو العراق تلك التداعيات. بمرور الوقت، أدرك الخميني أن الصعوبات الاقتصادية يمكن أن تطلق ثورة مضادة.

لافتات مختلفة
مع قبوله بإنهاء الحرب الإيرانية-العراقية وتشبيهه إياه بـ”تجرع كأس السم”، قبِل الخميني بتغيير موقفه الأساسي من تنظيم الأسرة، حيث كان القرار الأخير على درجة الأهمية نفسها تقريباً لقرار التوقيع على الهدنة. بعد فترة قصيرة، ارتفعت لافتات في مختلف أرجاء البلاد تظهر صورة “عائلة إسلامية تقية”: أب وأم وطفلين. أصبحت وسائل تحديد النسل منتشرة بشكل واسع. في 15 عاماً، انخفض معدل الأطفال للعائلة الواحدة من سبعة إلى اثنين. شكّل ذلك أكبر انخفاض في نسبة الخصوبة على الإطلاق. لكن ذلك لم يكن نهاية المطاف وفقاً لروبين.

توقعات الأمم المتحدة
تابع الباحث مقالـــــه كاتباً أن الخصوبة بلغت سنة 2006 نسبة تتدنى عن معدل الاستبدال في إيران قبل أن تنخفـــــض أكثـــــر في الســـــنوات اللاحقة.
تعافت هذه النســــبة لاحقاً بشكل طفيف، لكن الأمم المتحـــــدة تتوقع استمرار الانخفاض.
 حيــــــــن يتحــــــدث المعلقـــــــون الغربيــــون عن تضخم نســــــبة الشـــــــباب في الشرق الأوســـــط، غالبــــــاً ما يخلطون إيــــــران مع العالم العربي.
لكن نســــــــبة الولادات في إيران تعــــــادل تلك الموجـــــــودة في غرينـــــــلانـــــد، وهــــي نصف النســــــبة في العراق أو اليمن أو الأراضي الفلسطينية.
عودة مجدداً إلى أوائل الثمانينات
قال النائب الإيراني البارز حجة الإسلام حسين ميرزائي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن هنالك “أربع إلى خمس سنوات من الفرص لمساعدة الخصوبة والنمو السكاني في البلاد. إذا ضاع هذا الوقت الذهبي، فإننا سنشهد أزمة بشكل حتمي”. وفي كلمة بمناسبة رأس السنة الإيرانية تحدث خامنئي عن أن الانخفاض في نسبة الولادات سيؤدي إلى انكماش نسبة الشباب وبالتالي، عدم إمكانية تحقيق تطور كبير. وسبق لخامنئي أن أطلق مواقف سابقة مشابهة عن الموضوع نفسه.
فقد توجه إلى المؤتمر الوطني حول تغيير التركيبة السكانية بالأسئلة التالية: “إن فقدان الاهتمام بإنجاب أطفال هو مرض. بخلاف ذلك، يحب المرء في الحالات الطبيعية أن يكون له أولاد.
 لماذا يفضل عدد من الأشخاص الحصول على طفل واحد؟ لماذا يفضلون الحصول على طفلين فقط؟” وفي وقت لاحق، دعا لتنفيذ سياسات “تنديد بالعزوبية” في المجتمع و”تسليط الضوء على دور المرأة كأم وكمدبرة منزل” وتذمر من نسبة الطلاق القياسية في البلاد. مجدداً، شهدت البلاد انتشاراً للّافتات المشجعة على تكوين أسر كبيرة.

الأولاد ككاسحات ألغام
خلال الحرب الإيرانية-العراقية اعتمدت إيران في قوتها العسكرية على التفوق الديموغرافي. حين اندلعت الحرب، كان عدد سكان إيران 39 مليون نسمة أي ما يقارب ثلاثة أضعاف سكان العراق. وكانت غالبية سكانها من الشباب وفقاً لروبين. هذا ما مكّن الخميني من اعتماد تكتيك إرسال أولاد حفاة بعمر 14 عاماً لينظفوا حقول الألغام. مع انخفاض نسبة الخصوبة الإيرانية، أدركت القيادة أنه لم يعد بإمكانها الاعتماد على التفوق الكمي. فلم يعد هنالك ما يكفي من المراهقين للحلول مكان من غادروا الميدان.

يقترب من الهاوية
يبدو أن سعي إيران للحصول على القدرة النووية يصادف إدراك خامنئي، بعد فوات الأوان، لحاجة طهران إلى التفوق العسكري النوعي بعدما فقدت مزاياها الكمية. إن سكاناً متقدمين في السن مع نسبة استبدال غير كافية يسبّبون ضعفاً اقتصادية يمكن أن يجعل البلاد هدفاً ضمن الجوار. ويضيف روبين أن الديبلوماسيين الإيرانيين قد يسعون إلى انتزاع أكبر مقدار ممكن من التنازلات عند التفاوض مع نظرائهم الأمريكيين، لكن هذه التنازلات لن توقف مسعى إيران النووي. فالنظام يدرك أنه يقترب من الهاوية. يجب أن يكون السؤال بالنسبة إلى بايدن ما إذا كان بإمكان فريقه المساعدة حتى يلقى النظام حتفه الديموغرافي.