رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده
ماركة مسجّلة روسية:
ماسكيروفكا، الخداع العسكري الذي يعشقه بوتين...!
-- خلال الحرب العالمية الثانية، لجأ جنرالات ستالين إلى الخداع بقدر ما لجؤوا إلى تأثير الأرقام
-- عـدم ثقـة الغـرب تــزداد حجمــا لأن موسـكو جعلت الخــداع العســـكري علامتهــا المميــزة
-- يعتبر ضم شبه جزيرة القرم من قبل الكرملين عام 2014 حالة ماسكيروفكا تدرّس
-- عقيدة تقوم على عدم الاعتراف بالنوايا الحقيقية، واستخدام جميع الوسائل لخداع العدو، والحفاظ على المبادرة
تزعم موسكو أنها بدأت في سحب قواتها المحتشدة في ضواحي أوكرانيا. في المقابل، يشهد الغربيون أن أعدادهم تتزايد، ويخشون الغزو.
منذ يوم الثلاثاء، 15 فبراير، ادعى فلاديمير بوتين بدء انسحاب القوات الروسية المحتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية والتي أثارت مخاوف من حدوث غزو. في نفس الوقت، قال الناتو إن عمليات الانتشار مستمرة. وهكذا أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن عدد الجنود الروس الموجودين في المنطقة سيكون “أكثر من 150 ألفًا”، موضحًا أنه “يشعر” أن هجومًا سيحدث “في الأيام المقبلة».
إن عدم ثقة الغرب في ازدياد لأن موسكو جعلت الخداع العسكري علامتها المميزة. بالتأكيد، هذه الحيل قديمة قدم العالم، مثل حصان طروادة المذكور في ملحمة هوميروس. لكن في روسيا، هذا النهج له اسم محدد: “ماسكيروفكا”، والذي يمكن ترجمته حرفيًا على أنه “تمويه او خداع”. وهي مادة تدرّس في أكاديمياتها العسكرية منذ عقود.
تدفع هذه العقيدة الصلف إلى أقصى حدوده: عدم الاعتراف مطلقًا بالنوايا الحقيقية، واللجوء إلى جميع الوسائل السياسية والعسكرية الممكنة لخداع العدو، والحفاظ على المبادرة.
و”يصر المدربون الروس كثيرًا على هذه الأداة، وعلى أهمية الإخفاء والمفاجأة في الحرب، كما يحدد جوستاف جريسيل، المتخصص في شؤون روسيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية. إن ماسكيروفكا هي نظامية تمامًا الى درجة ان السلطات الروسية -والسوفياتية من قبل -ليسوا مسؤولين أمام جماهيرهم”. وفي هذا اختلاف كبير مع الولايات المتحدة، التي تذرعت بوجود أسلحة دمار شامل لغزو العراق عام 2003 –وهي كذبة.
«رجال بوتين
الخضر الصغار»
يعتبر ضم شبه جزيرة القرم من قبل الكرملين عام 2014 حالة تدرّس لماسكيروفكا. تلك الأراضي الأوكرانية، حيث تقع إحدى أكبر قواعد البحرية الروسية، سيفاستوبول، تعرضت للهجوم في 28 فبراير 2014 من قبل جنود مقنعين بدون شارة، والذين ظهروا من العدم –”الرجال الخضر الصغار” المشهورون.
«نفى فلاديمير بوتين في البداية أنهم روس، يذكّر غوستاف جريسيل، قبل ان يمنحهم ميداليات بعد بضعة أسابيع، معترفا بأنهم كانوا فعلا جنودًا روس، وتحديدا من القوات الخاصة، التي تم نشرها في شبه جزيرة القرم بعد مشاركتها في حماية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي “ التي أقيمت في الفترة من 7 إلى 23 فبراير 2014».
إن خلق الحوادث كذريعة للتدخل العسكري هو أيضًا جزء من المشهد الشامل للماسكيروفكا الروسي. دأبت واشنطن، منذ عدة أيام، على إدانة “سيناريو” الاستفزازات في نهر دونباس، والذي سيكون بمثابة ذريعة لتدخل موسكو العسكري. وهكذا أعلنت المناطق الانفصالية، حيث وزعت جوازات السفر الروسية مجانًا في السنوات الأخيرة، يوم الجمعة 18 فبراير عن إجلاء المدنيين إلى روسيا المجاورة، تحسبا لغزو أوكراني. ومع ذلك، كررت كييف، في نفس الصباح، أنها “لا تنوي شن أي هجوم».
ويشير هذا الإطار إلى سابقة جورجيا عام 2008. فبعد أيام من تبادل إطلاق النار بين القوات المحلية وقوات منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، اتخذت موسكو ذريعة شن هجمات ضد قوات حفظ السلام الروسية وسكان أوسيتيا الجنوبية الذين يحملون الجنسية الروسية، لشن هجوم سريع ومدمّر. وكان على تبليسي، التي اعلنت في ذلك الوقت رغبتها في الانضمام إلى الناتو، مثل أوكرانيا اليوم، أن تقبل وقف إطلاق النار، والتخلي، بحكم الأمر الواقع، عن استعادة السيطرة على جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المعلنتين، حيث أقام الكرملين قواعد عسكرية.
«كل العمليات
تضمنت خداعًا»
لا ينبغي القفز على الحقبة السوفياتية عندما يتعلق الأمر باستخدام “ماسكيروفكا”. ضد الجيش النازي، خلال الحرب العالمية الثانية، لجأ جنرالات ستالين إلى الخداع بقدر ما لجؤوا إلى تأثير الأرقام. “تضمنت جميع العمليات جزءًا من الخداع، وكان هذا هو الحال أثناء عملية باغراسيون، في صيف عام 1944، عندما أربك الجيش الروسي الألمان وشتت قواتهم بهجمات فورية”، يذكّر المؤرخ لاشا أوتخمزوري، المؤلف، مع جان لوبيز، لسيرة ذاتية عن أحد الفاعلين الرئيسيين في هذا الانتصار، المارشال جوكوف، منشورات بيرين.
إن المعلومات المضللة لا تتعلق فقط بتحركات القوات. عام 2014، لإخفاء تدخلها السري في دونباس، لم تتردد روسيا في إنشاء قافلة إنسانية مؤلفة من أكثر من 250 شاحنة بيضاء مطلية على عجل، والتي غادرت موسكو في 12 أغسطس. ولعدة أيام، ركزت وسائل الإعلام على هذا الحدث، الذي أذاعه التلفزيون، بينما عبر جنود روس “في إجازة” وأسلحة، متطورة أحيانًا، الحدود في أماكن أخرى.
وقبل أقل من شهر، في 17 يوليو، تم إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية إم. إتش 17، التي كانت تربط أمستردام بكوالالمبور، بصاروخ أرض جو، مما أسفر عن مقتل 298 شخصًا. وخلص فريق محققين دوليين إلى أنّ مصدره الجيش الروسي، غير أن موسكو نفت دائما تورطها... لأنها رفضت دائمًا الاعتراف بدعمها العسكري للانفصاليين الموالين لروسيا، ووفاء لمبادئ الماسكيروفكا.
-- عـدم ثقـة الغـرب تــزداد حجمــا لأن موسـكو جعلت الخــداع العســـكري علامتهــا المميــزة
-- يعتبر ضم شبه جزيرة القرم من قبل الكرملين عام 2014 حالة ماسكيروفكا تدرّس
-- عقيدة تقوم على عدم الاعتراف بالنوايا الحقيقية، واستخدام جميع الوسائل لخداع العدو، والحفاظ على المبادرة
تزعم موسكو أنها بدأت في سحب قواتها المحتشدة في ضواحي أوكرانيا. في المقابل، يشهد الغربيون أن أعدادهم تتزايد، ويخشون الغزو.
منذ يوم الثلاثاء، 15 فبراير، ادعى فلاديمير بوتين بدء انسحاب القوات الروسية المحتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية والتي أثارت مخاوف من حدوث غزو. في نفس الوقت، قال الناتو إن عمليات الانتشار مستمرة. وهكذا أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن عدد الجنود الروس الموجودين في المنطقة سيكون “أكثر من 150 ألفًا”، موضحًا أنه “يشعر” أن هجومًا سيحدث “في الأيام المقبلة».
إن عدم ثقة الغرب في ازدياد لأن موسكو جعلت الخداع العسكري علامتها المميزة. بالتأكيد، هذه الحيل قديمة قدم العالم، مثل حصان طروادة المذكور في ملحمة هوميروس. لكن في روسيا، هذا النهج له اسم محدد: “ماسكيروفكا”، والذي يمكن ترجمته حرفيًا على أنه “تمويه او خداع”. وهي مادة تدرّس في أكاديمياتها العسكرية منذ عقود.
تدفع هذه العقيدة الصلف إلى أقصى حدوده: عدم الاعتراف مطلقًا بالنوايا الحقيقية، واللجوء إلى جميع الوسائل السياسية والعسكرية الممكنة لخداع العدو، والحفاظ على المبادرة.
و”يصر المدربون الروس كثيرًا على هذه الأداة، وعلى أهمية الإخفاء والمفاجأة في الحرب، كما يحدد جوستاف جريسيل، المتخصص في شؤون روسيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية. إن ماسكيروفكا هي نظامية تمامًا الى درجة ان السلطات الروسية -والسوفياتية من قبل -ليسوا مسؤولين أمام جماهيرهم”. وفي هذا اختلاف كبير مع الولايات المتحدة، التي تذرعت بوجود أسلحة دمار شامل لغزو العراق عام 2003 –وهي كذبة.
«رجال بوتين
الخضر الصغار»
يعتبر ضم شبه جزيرة القرم من قبل الكرملين عام 2014 حالة تدرّس لماسكيروفكا. تلك الأراضي الأوكرانية، حيث تقع إحدى أكبر قواعد البحرية الروسية، سيفاستوبول، تعرضت للهجوم في 28 فبراير 2014 من قبل جنود مقنعين بدون شارة، والذين ظهروا من العدم –”الرجال الخضر الصغار” المشهورون.
«نفى فلاديمير بوتين في البداية أنهم روس، يذكّر غوستاف جريسيل، قبل ان يمنحهم ميداليات بعد بضعة أسابيع، معترفا بأنهم كانوا فعلا جنودًا روس، وتحديدا من القوات الخاصة، التي تم نشرها في شبه جزيرة القرم بعد مشاركتها في حماية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي “ التي أقيمت في الفترة من 7 إلى 23 فبراير 2014».
إن خلق الحوادث كذريعة للتدخل العسكري هو أيضًا جزء من المشهد الشامل للماسكيروفكا الروسي. دأبت واشنطن، منذ عدة أيام، على إدانة “سيناريو” الاستفزازات في نهر دونباس، والذي سيكون بمثابة ذريعة لتدخل موسكو العسكري. وهكذا أعلنت المناطق الانفصالية، حيث وزعت جوازات السفر الروسية مجانًا في السنوات الأخيرة، يوم الجمعة 18 فبراير عن إجلاء المدنيين إلى روسيا المجاورة، تحسبا لغزو أوكراني. ومع ذلك، كررت كييف، في نفس الصباح، أنها “لا تنوي شن أي هجوم».
ويشير هذا الإطار إلى سابقة جورجيا عام 2008. فبعد أيام من تبادل إطلاق النار بين القوات المحلية وقوات منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، اتخذت موسكو ذريعة شن هجمات ضد قوات حفظ السلام الروسية وسكان أوسيتيا الجنوبية الذين يحملون الجنسية الروسية، لشن هجوم سريع ومدمّر. وكان على تبليسي، التي اعلنت في ذلك الوقت رغبتها في الانضمام إلى الناتو، مثل أوكرانيا اليوم، أن تقبل وقف إطلاق النار، والتخلي، بحكم الأمر الواقع، عن استعادة السيطرة على جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المعلنتين، حيث أقام الكرملين قواعد عسكرية.
«كل العمليات
تضمنت خداعًا»
لا ينبغي القفز على الحقبة السوفياتية عندما يتعلق الأمر باستخدام “ماسكيروفكا”. ضد الجيش النازي، خلال الحرب العالمية الثانية، لجأ جنرالات ستالين إلى الخداع بقدر ما لجؤوا إلى تأثير الأرقام. “تضمنت جميع العمليات جزءًا من الخداع، وكان هذا هو الحال أثناء عملية باغراسيون، في صيف عام 1944، عندما أربك الجيش الروسي الألمان وشتت قواتهم بهجمات فورية”، يذكّر المؤرخ لاشا أوتخمزوري، المؤلف، مع جان لوبيز، لسيرة ذاتية عن أحد الفاعلين الرئيسيين في هذا الانتصار، المارشال جوكوف، منشورات بيرين.
إن المعلومات المضللة لا تتعلق فقط بتحركات القوات. عام 2014، لإخفاء تدخلها السري في دونباس، لم تتردد روسيا في إنشاء قافلة إنسانية مؤلفة من أكثر من 250 شاحنة بيضاء مطلية على عجل، والتي غادرت موسكو في 12 أغسطس. ولعدة أيام، ركزت وسائل الإعلام على هذا الحدث، الذي أذاعه التلفزيون، بينما عبر جنود روس “في إجازة” وأسلحة، متطورة أحيانًا، الحدود في أماكن أخرى.
وقبل أقل من شهر، في 17 يوليو، تم إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية إم. إتش 17، التي كانت تربط أمستردام بكوالالمبور، بصاروخ أرض جو، مما أسفر عن مقتل 298 شخصًا. وخلص فريق محققين دوليين إلى أنّ مصدره الجيش الروسي، غير أن موسكو نفت دائما تورطها... لأنها رفضت دائمًا الاعتراف بدعمها العسكري للانفصاليين الموالين لروسيا، ووفاء لمبادئ الماسكيروفكا.