مجلة أتلانتيك: وحده الناتو قادر على إنقاذ بوتين
حذر الكاتب السياسي في مجلة “أطلانتيك” الأمريكية توم نيكولز الغرب من إقحام حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوكرانيا لمواجهة القوات الروسية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين واقع في مشكلة. على الرغم من محدودية مكاسبه على الأرض في أوكرانيا، هو يواجه هزيمة استراتيجية في حرب لم يتوقع أحد، بمن فيهم نيكولز، أن يخسرها. تبين أن الجيش الروسي المتبجح قوة جوفاء تكمن مهارتها البارزة في التنمر على مجنديها وقتل المدنيين الأجانب. كان أداء القوات الروسية دون أدنى التوقعات؛ ربما توجب على الطيارين الروس إمضاء من المزيد من الوقت في التدريب بدلاً من القيام بمناورات خيالية في المعارض الجوية الأجنبية. في الداخل، يفقد بوتين الثقة بأجهزته الأمنية الخاصة ويبدو أنه يقيل بعض كبار جواسيسه. ينزل الشعب الروسي إلى الشوارع مما يدفع السلطات إلى توقيف الآلاف.
الاقتصاد الروسي في حالة جمود عميق ومن المرجح أن يبقى في هذه الحالة لسنوات. أضاف نيكولز أن قوة عسكرية واحدة فقط قادرة على إنقاذ بوتين من الإهانة المطلقة: الناتو. إن تدخل الناتو في حرب روسيا على أوكرانيا يمكن أن يوقف الهجمات البربرية لتلك الدولة. لكن ذلك سيعني حرباً بين نظام بوتين والغرب وستشكل الحرب هدية لبوتين إلى درجة أنه يجب توقع أن يقوم بكل ما يلزم لإثارتها. على الولايات المتحدة وأوروبا مقاومة هكذا استفزازات.
ومن شأن تدخل الناتو أن يساعد بوتين من خلال السماح له بتعبئة شعبه وفرض عقوبات أقسى من أجل خنق الاعتراض. من الواضح أن ملايين الروس لا يريدون أي شيء له علاقة بالحرب الأخوية. إذا تورط الناتو فسيسر نظام بوتين بعرض لقطات لرجال روس يتعرضون للقصف من قبل المقاتلات الأمريكية والبريطانية والحليفة. والأمريكيون الذين يظنون أن منطقة حظر جوي لن تتطلب ضرب أهداف برية، ربما حتى في روسيا، يخدعون أنفسهم بحسب الكاتب. وحتى لو لم يشارك الألمان في الحرب، فمن شبه المؤكد أن تركب روسيا مقاطع تصور مقاتلات ألمانية تهاجم وحدات عسكرية روسية لتثير الغضب القومي الذي سيشعر به الروس بشكل تلقائي تجاه هذه الصور. يدرك بوتين أن عبارة ناتو قادرة على إنتاج رد فعل عميق في روسيا.
الناتو عدو تقليدي ألقى الروس اللوم عليه بسبب مشاكلهم في الماضي. سيسكت تحليق المقاتلات الأطلسية في أجواء أوكرانيا بعض الاعتراضات على الأقل ويعطي داعمي بوتين هراوة أكبر حين يضربون بشكل فاشي آخر الروس الرافضين لقبول الحرب. داخل الكرملين، قد يستخدم بوتين تدخل الناتو للتحرك ضد أي تردد أو انشقاق محتمل. إن احتمالات حصول انقلاب ضد بوتين هي أصلاً منخفضة. إن احتمالات حدوث هذه الخطوة خلال حرب روسية مع الناتو هي أدنى حتى.
حرب نووية
قد يستخدم بوتين مشاركة الناتو في الحرب لتجاوز الاعتراضات في الكرملين أو وزارة الدفاع الروسية حيال استعمال الأسلحة النووية. إن النخب الروسية التي قد تتردد حيال فكرة استخدام قنابل نووية ضد أوكرانيين أبرياء، سيواجهون ضغطاً أكبر لتفسير معارضتهم استخدام هكذا أسلحة ضد القواعد الجوية الأطلسية التي تنطلق منها المقاتلات لقتل جنود روس ولتحويل الدبابات الروسية الجبارة إلى حطام مشتعل.
بالرغم من أن بعض المراقبين قد يعتقدون أن بوتين سوف يتراجع قبل أن يقترب من العتبة النووية، وأن آخرين يقلقون من أن يطلق حتى أدنى تحرك أطلسي شرارة الحرب العالمية الثالثة، تتجاهل هذه الحجج المتطرفة لدى كلا الجانبين دور الحظ والمخاطر. إن الأزمة النووية ليست مبارزة منظمة أو لعبة ذات قواعد بل دوامة من المعلومات السيئة والإشارات المتضاربة والعواطف المشحونة للغاية. وما يزيد الطين بلة هو أن بوتين كان دوماً استراتيجياً سيئاً ومجازفاً يطلق قوى لا يمكنه السيطرة عليها وفقاً لنيكولز.
ما لا يريده الغرب وبوتين
حتى لو كان بوتين مخدوعاً إلى درجة عدم التفكير بهذه المخاطر، يجب على سائر دول العالم التفكير في مخاطر توجيه أكبر تحالف عسكري في تاريخ البشرية نحو معركة ضد جيش غير منظم ومضطرب بقيادة ضباط غير كفوئين ورئيس منعزل ومنخرط في الأوهام. إن نشر هذا الكم من الأصول العسكرية يمكن أن يطلق شرارة حرب لا يريدها بوتين ولا الغرب.
ينصح الكاتب بالإبقاء على نقل السلاح إلى الأوكرانيين ومواصلة خنق الاقتصاد الروسي كي يعجز بوتين عن تمويل حربه. وبالإمكان تعزيز قوات الناتو ودفاعاته والاستثمار بشكل أفضل في دفاعات الأمريكيين وحلفائهم، كما يمكن ربما فتح باب الناتو أمام دول أخرى من بينها فنلندا والسويد.
شرط خروج روسيا ضعيفة
يخسر بوتين وهو يعلم ذلك. عوضاً عن إيجاد طريقة للخروج من الفوضى التي يعيشها، هو يفكك قرابة 30 عاماً من التطور الروسي في المجالات الديبلوماسية والاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية. أسوأ من ذلك، تتحقق خسارته على يد الأوكرانيين الذين ظن بوتين أن جيشهم سينهار تحت أول وابل من القصف المدفعي الروسي، والذين ظن أن حكومتهم ستهرب مذعورة وأنهم سيرحبون به كمحرر.
إن روسيا التي ستخرج من هذه الحرب سوف تكون أضعف وأفقر من روسيا التي فتحت النار على الأوكرانيين الأبرياء، على الإخوة والأخوات السلافيين. لكن ذلك سيحصل فقط إذا ظل الغرب هادئاً ولم يسمح للصراع بأن يبتلع كل أوروبا. لهذا السبب، على الولايات المتحدة والناتو مقاومة الاستفزازات الروسية. إن تدخل الناتو في أوكرانيا سيحل جميع مشاكل بوتين تقريباً ويخلق مخاطر لا يمكن توقعها.