مخاوف من «حرب تجارية شاملة».. لماذا غاب التواصل بين ترامب وفون دير لاين؟

مخاوف من «حرب تجارية شاملة».. لماذا غاب التواصل بين ترامب وفون دير لاين؟


رأى خبراء فرنسيون أن غياب التواصل المباشر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يُهدد بإشعال حرب تجارية شاملة. ورغم أن المفوضية الأوروبية تملك صلاحيات حصرية في السياسة التجارية، ولا يمكن لأي دولة داخل التكتل الأوروبي أن تعقد اتفاقات منفردة، لم يتحدث ترامب مع رئيستها فون دير لاين منذ عودته إلى البيت الأبيض.
واعتبر الخبراء لـ»إرم نيوز»، أن ذلك الغياب يُثير قلقًا متزايدًا في الأوساط الاقتصادية، وسط تهديدات متكررة بفرض رسوم جمركية قد تؤجج نزاعًا تجاريًا واسع النطاق بين أكبر اقتصادين في العالم.

هشاشة خطيرة
ورأى الخبير الفرنسي جان مارك داني، أن «عدم التواصل المباشر بين الجانبين يعكس هشاشة خطيرة في العلاقات عبر الأطلسي، ما قد يؤدي إلى قرارات أحادية غير مدروسة تضر بالاستقرار التجاري العالمي».  وأشار في تصريح لـ»إرم نيوز» إلى أنه من المعروف أن ترامب يكن عداءً كبيرًا للاتحاد الأوروبي، ويصفه بأنه كيان احتكاري أنشئ «للاحتيال على الولايات المتحدة»، رغم أنه يؤكد «حبّه للدول الأوروبية كل على حدة»، إلا أنه يعارض مشروع الاتحاد نفسه باعتباره كيانًا سياسيًا واقتصاديًا مدمجًا.
وقال الاقتصادي فرانسوا جيميز، إن «الرسوم الجمركية التي يلوّح بها ترامب ليست فقط أداة تفاوض، بل تعبير عن نزعة انعزالية تعارض تمامًا فلسفة السوق الموحدة الأوروبية». وبيّن بخصوص «الاتفاق التجاري»، الذي جرى الحديث عنه خلال زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العاصمة واشنطن، أن «الاتفاق يُعد أولوية للطرفين، ولكن لأسباب مختلفة».
وأضاف جيميز لـ»إرم نيوز»، أنه «بالنسبة للاتحاد الأوروبي، هو وسيلة لتفادي كلفة الرسوم الجمركية، التي أعلنها ترامب (بنسبة 20 %) ثم علقها مؤقتًا، أما الولايات المتحدة، فترى فيه وسيلة لتهدئة الأسواق، وطمأنة المستثمرين، وتحقيق نصر دعائي». وذكر أن واشنطن جعلت من مهلة الـ90 يومًا، التي أعلنها ترامب فرصة للدول للقدوم إلى واشنطن ولقائه وإبرام تسوية، لم تُحدد طبيعتها بعد.
واعتبر جيميز أن زيارة ميلوني، كأول زعيمة أوروبية بعد إعلان الرسوم، كانت بمثابة بداية فصل جديد في هذا التفاوض غير الرسمي، ولا سيما أن ترامب كان قد استقبل قبلها وفدًا تجاريًا من اليابان.

محاولات فاشلة
وحاول فريق فون دير لاين قبل تنصيب ترامب ترتيب لقاء، لكن تلك المساعي باءت بالفشل، ومع دخول ترامب البيت الأبيض، بدأ بمهاجمة كل من سيادة غرينلاند والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مما زاد من توتر الأجواء.
ورغم أن فون دير لاين تُعرف بدعمها للعلاقات الأطلسية، إلا أنها باتت تعتمد لهجة أكثر صرامة مؤخرًا، حيثُ قالت إن «أوروبا مشروع سلام. لا نغزو جيراننا ولا نعاقبهم».
 وتحول غياب القيادة السياسية إلى فراغ تُرك لنواب ليس لديهم صلاحية اتخاذ قرارات كبرى، حيثُ أوكلت فون دير لاين مهمة التفاوض لمفوض التجارة ماروش شيفتشوفيتش، الذي عقد مؤخرًا اجتماعات واتصالات مع نظرائه الأمريكيين.
وقد عرضت المفوضية الأوروبية اتفاقًا لتعليق الرسوم على جميع المنتجات الصناعية، لكن ترامب سبق أن رفضه.
وتستمر المفاوضات على المستوى الفني، لكن مصدرًا مطلعًا صرح لـ»يورو نيوز» بأن الجهود خلف الكواليس «لا تحقق النتائج المرجوة»، وأن هناك مخاوف في بروكسل من أن البيت الأبيض قد يتراجع عن مهلة الـ90 يومًا.
ويحوم شبح فرض رسوم جديدة على قطاع الأدوية، وهو ما قد يهدد سلاسل التوريد الحساسة.
وفي قطاع التكنولوجيا، تخشى المفوضية أن يكون هدف الولايات المتحدة تقويض القوانين الرقمية الأوروبية مثل قانون الأسواق الرقمية (DMA) والخدمات الرقمية (DSA)، والتي تُخضع عمالقة التكنولوجيا مثل (Meta) و(Apple) و(Google)، و(X)، لتحقيقات قد تنتهي بغرامات ضخمة.
وبينما تقول بروكسل إن هذه التحقيقات منفصلة عن ملف التجارة، يرى البيت الأبيض أنها جزء من «حرب قانونية»، وفقًا لمستشار ترامب بيتر نافارو.
وحذر أحد المسؤولين الأوروبيين من أن ترامب قد يغيّر موقفه في اللحظة الأخيرة، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق أولي.