مسؤولون و خبراء: التعاون والشراكات الاستراتيجية ضرورة لمعالجة تحديات الأمن السيبراني
أكد مشاركون وخبراء في الاجتماع السنوي للأمن السيبراني 2025 الذي نظم بالتزامن مع فعاليات مجالس المستقبل العالمية 2025، الأهمية الاستراتيجية للأمن السيبراني وضرورة تعزيز التعاون الدولي والشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، بما يواكب المستجدات والتحديات التي يواجهها العالم في مختلف القطاعات، مؤكدين أهمية الحوكمة والتشريعات اللازمة والابتكار التكنولوجي من أجل فضاء سيبراني أكثر أماناً ومرونة. جاء ذلك، خلال جلسة بعنوان "النظام السيبراني الجديد: التعاون في ظل الاضطرابات"، بمشاركة سعادة الدكتور محمد الكويتي رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وجيريمي جورجنز المدير الإداري للمنتدى الاقتصادي العالمي، وراشيل إيليهوس المديرة العامة للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، المملكة المتحدة، وهيلموت رايزنجر الرئيس التنفيذي لشركة "بالو ألتو نتوركس" لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، الولايات المتحدة الأمريكية، وأدارها رافي أجراوال رئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي".وقال سعادة الدكتور محمد الكويتي إن دولة الإمارات تدرك أهمية الأمن السيبراني كعنصر حيوي في بناء مستقبل رقمي آمن ومستدام، وتحرص على توظيف أدواتها المتقدمة واستثماراتها الذكية بالشكل الأمثل لتعزيز جاهزيتها السيبرانية، ومن موقعها المتقدم عالميًا، والذي تُوّج باحتلالها المرتبة الثالثة على مستوى العالم في مجالات الذكاء الاصطناعي، تقود الدولة نموذجًا استثنائيًا في تبني التحولات الاستراتيجية، وترسيخ مكانتها قوة ابتكار رقمي إقليمي وعالمي.وأوضح أنه في ظلّ التحولات التكنولوجية المتسارعة والتغيرات الجيوسياسية المتلاحقة، تواصل الإمارات اتباع منهجية فكرية مرنة، ومتعددة التخصصات، تستهدف الاستفادة من الفرص الواسعة للعصر الذكي، ورفع كفاءة إدارة الموارد، وتعزيز الإنتاجية من خلال تسريع التحول نحو اقتصاد معرفي يرتكز على الابتكار.
وأشار محمد الكويتي إلى أن العالم يعيش مرحلة متقدمة من الحروب السيبرانية، حيث تشكل الهجمات الرقمية تهديدًا متناميًا يتجاوز في تأثيره الكثير من النزاعات التقليدية، وقد عملت الإمارات على مدار السنوات الماضية على مراقبة المشهد السيبراني بشكل دقيق، وتمكنت من التعامل مع عدد من التحديات والهجمات على هذا المستوى، بفضل يقظتها الأمنية واستراتيجياتها المتقدمة في التحليل والاستجابة.ونوه إلى أن دولة الإمارات استطاعت تحقيق إنجازات استثنائية من خلال توظيف قدراتها التحليلية المتطورة، وتأسيسها لمنظومة متكاملة من الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى تعاونها مع شركاء دوليين، منها إصدار أحكام قضائية فاعلة، وتوقيع اتفاقيات متعددة الأطراف، إلى جانب نجاحها في تفكيك شبكات المحتالين، والتصدي لبرمجيات الفدية، مما يعكس ريادتها في بناء بيئة رقمية آمنة تعزز الثقة وتسهم في التنمية المستدامة.
من جهته، قال جيريمي جورجنز : “نعيش اليوم في ظل نظم عالمية تقنية جديدة، ولم يعد التقدّم في الأمن السيبراني محصورًا في نطاق تكنولوجيا المعلومات فحسب، بل أصبح نتاجًا لتكامل جهود متعددة وقد جمعنا أكثر من 600 خبير من الخبراء والعلماء إلى جانب مختصين في الأمن السيبراني، بهدف دمج المعرفة الفكرية والتقنية معًا، ونحن نعمل حاليًا على تطوير آليات دفاعية مبتكرة تنبع من هذا التعاون الفريد”.من جانبها أوضحت راشيل إيليهوس، أن العالم يشهد حروبًا سيبرانية، لكن دون ساحة معركة واضحة، وقالت: “ نعيش في حالة مستمرة من التغير والاضطراب، والأهداف السيبرانية للحكومات قد تؤثر بشكل مباشر على القطاعات المتنوعة، ما يتطلب من الحكومات العمل بشكل أكثر تنسيقًا وفعالية لفهم حجم التحديات الأمنية الراهنة”.
وأكدت إيليهوس ضرورة تمكين المؤسسات عبر تشريعات واضحة تسهم في رسم خارطة طريق لمواجهة هذه التهديدات، مشددة على أن الانعزال ووضع قواعد منفردة لم يعد خيارًا مجديًا، ودعت إلى تعزيز التعاون على المستويات كافة، سواء بين الدول، أو بين مؤسساتها الداخلية، أو بين القطاعين الحكومي والخاص، من أجل بناء بيئة سيبرانية أكثر أمنًا واستقرارًا على مستوى العالم.من ناحيته قال هيلموت رايزنجر : “ شهدنا زيادة ملحوظة في الهجمات السيبرانية منذ عام 2023 وأسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع هذا الاتجاه ” وأضاف أن الالتزام بالقوانين أمر ضروري والتي تختلف من دولة إلى أخرى، وبما يتناسب مع توجهاتها وأوضح أن الدول التي تفتقر إلى أطر قانونية قوية ستكون الأكثر تعرضًا للخطر في هذا المجال.وشدد المشاركون في ختام الاجتماع على ضرورة صياغة قوانين تتصدى للاعتداءات السيبرانية، مع الاعتراف بوجود ضعف في مجال الأمن السيبراني، وأكدوا أهمية إصدار التشريعات المناسبة وتطبيقها بفعالية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة، من أجل تعزيز مستوى الأمن السيبراني.