لأول مرةٍ على خشبةِ مسرح الشارقة الدولي للكتاب 2023
مسرحية «سجن باركود» .. رؤية إبداعية لقضايا التنمر والعنف
كان جمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 42، التي انطلقت تحت شعار “نتحدث كتباً” على موعدٍ مع أضخم عمل مسرحيٍّ استعراضي إماراتي لعام 2023، على خشبة مسرح المعرض.المسرحية التي امتدت على مدار ثلاث ساعات متواصلة، حملتْ عنواناً مثيراً للتساؤل وهو “سجن باركود”، الذي سيعرف الجمهور طوال مدة العرض قصة هذا السجن العجيب.
المسرحية من إخراج مروان عبد الله صالح، وبالتعاون مع المؤلفة الإماراتية ميرة المهيري، وبطولة باقة من الممثلين الإماراتيين اللامعين: موسى البقيشي، وعبد الله الباهتي، وسلطان بن دافون، وهيفاء العلي، وهيا القايدي، وريم الفيصل، وسارة السعدي، وغيرهم من الممثلين ذوي الطاقات التمثيلية الكبيرة، الذين قدموا أداءً مميزاً، جعل جمهور المسرح الغفير لا يتوقف عن متابعة كل ن لحظة ومشهد من العرض.
جذبُ انتباه الجميع من الثواني الأولى
بشكل مثير للإعجاب والدهشة، استطاع عرض “سجن باركود” أن يأسر الجمهور من أول ثانية، فعندما حان موعد العرض، أظلمت القاعة، وبدأت السينوغرافيا في ممارسة ألاعيبها على الحضور، أضواء تومض وتنطفئ، صوتٌ بشريُّ غليظ يتحدث عن جزيرةٍ يقول عنها: مكان لعزل البشر، وبينما هو يتحدث يظهر خيال أربعة أشخاص في الظلام، نعرف أنهم على جزيرة نائية تدعى “باركود” وهم مسجونون في سجنٍ على اسم الجزيرة، وتهمتهم هي التنمر، كلّ واحدٍ فيهم يتنمر بطريقةٍ معينة، فهناك الذي يتنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك المتنمر على الشخصيات المشهورة، وهناك المتنمرة على زميلاتها اللواتي يخالفنها في القناعات، كلهم متنمرون متسلسلون، ويجب على السلطات أن تبعدهم عن الناس الطبيعيين، فلا أمل فيهم.
تجربة مسرحية جريئة
أكثر ما يميز مسرحية “سجن باركود” ليست قصتها التي جاءت بلا حبكة مركزية، وكأننا إزاء مشاهدة عملٍ من المسرح العبثي، يذكرنا بمسرحيات صمؤيل بيكيت، لكن الجميل هي الحوارات المكتوبة للممثلين، المتشبعة بالكوميديا السوداء الساخرة، وعلى الرغم أن الغرض الأساسي للسخرية إسعاد الناس، إلا أن القصد الخفي منها خلق وتشكيل وعي تجاه قضايا مجتمعية حساسة، كالتي تطرقت إليها المسرحية، مثل قضية التنمر وخطورته حين يستشري في المجتمع، والعنف ضد المرأة.
تميّز أداء الممثل مروان صالح في دور آمر السجن، فالمشاهد لا يعرف من أدائه هل هو شخصية حقيقية في المسرحية، أم شخصية متخيّلة،
يكتبها أحدٌ داخل المسرحية، أم هو متهم مثلهم ومتنمر مسجون مثلهم، أم هو كلّ هذه الشخصيات المركبة،
وبالفعل استطاع بحرفية أن يؤدي كل هذه الشخصيات ويقنع المشاهد أنه الثلاثة في واحد، ويترك الجمهور في نهاية العرض مندهشاً بأدائه.