رئيس الدولة ورئيس غينيا بيساو يبحثان علاقات التعاون بين البلدين
معادلة معقدة.. هل الصين والهند على حافة انفجار جيوسياسي جديد؟
في مشهد غير مألوف منذ سنوات، شهدت العلاقات بين الهند والصين انفراجة حذرة منذ أواخر 2024، بعد جمود استمر أربع سنوات على حدود خط السيطرة الفعلية (LAC). هذه الانفراجة تجسدت في لقاء قمة جمع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالرئيس الصيني شي جين بينغ في 23 أكتوبر، تبعته سلسلة تحركات دبلوماسية مكثفة بين وزراء الدفاع والخارجية وكبار المفاوضين. بينما كان اجتماع الممثلين الخاصين في بكين لأول مرة منذ خمس سنوات الأبرز ، ما أعاد طرح السؤال: هل بدأ «التنين» و»الفيل» رقصة جديدة أم مجرد استراحة في معركة طويلة؟
حذر لا يُخفي الحسابات
رغم المؤشرات الإيجابية، يظل الحذر سيد الموقف. بكين ترى أن أي انسحاب من مواقع ما بعد أبريل 2020 يُصنف كمرونة استراتيجية وليس تنازلاً عن السيادة، في محاولة لتفادي التصعيد مع الاحتفاظ بأوراق ضغط للمستقبل. من جانبها، تدرك نيودلهي أن الانفتاح المفاجئ قد يخفي أهدافاً اقتصادية واستراتيجية أعمق، وأن كل خطوة محسوبة بدقة على رقعة شطرنج معقدة.
الهند... قوة
اقتصادية صاعدة
عام 2024 شكّل نقطة تحول كبرى؛ فقد تجاوزت الهند اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، بناتج محلي إجمالي بلغ 4.187 تريليون دولار مقابل 4.186 تريليون لليابان. وتشير التوقعات إلى أن الهند ستقفز للمرتبة الثالثة قبل نهاية العقد، بإجمالي ناتج متوقع قدره 5.584 تريليون دولار بحلول 2028، متجاوزة ألمانيا التي يُتوقع أن تبلغ 5.252 تريليون دولار. خلال عقد واحد فقط، تضاعف الناتج المحلي للهند من 2.103 تريليون دولار عام 2015 إلى نحو 4.272 تريليون دولار في 2025، بمعدل نمو يتجاوز 100%، ما يجعلها لاعباً اقتصادياً لا يمكن تجاهله حتى من قبل الصين نفسها.
الأبعاد الخفية للتقارب
الصين التي تواجه ضغوطاً غربية متزايدة وتراجعاً في القدرة التصديرية، ترى في السوق الهندية فرصة ذهبية لتصريف منتجاتها والحفاظ على نشاط شركاتها الكبرى. كمت تُستخدم الملفات الحدودية كأداة ضغط لإقناع نيودلهي بفتح الأسواق أو تخفيف القيود على الشركات الصينية. ويثير صعود الهند كقاعدة تصنيع بديلة قلق بكين. على سبيل المثال، تضاعف إنتاج هواتف iPhone في الهند 14 مرة بين 2020 و2024، فيما تقلصت حصة الصين من الإنتاج.
معادلة معقدة
بلا منتصر واضح
التحركات الأخيرة قد تُترجم إلى «تجميد للأزمة» أكثر من كونها «حلاً دائماً». الصين تطمح لفتح السوق الهندية دون تقديم تنازلات جوهرية على الأرض، بينما تحرص الهند على استثمار قوتها الاقتصادية الصاعدة لتفادي أي انحناء أمام النفوذ الصيني. المشهد الآن أقرب إلى لعبة شدّ حبل، حيث تتحول الأرقام الاقتصادية إلى ذخيرة سياسية، وتبقى الحدود الجبلية شاهدة على أن السلام الكامل لا يزال بعيد المنال. في المحصلة، ما يجري اليوم ليس اتفاق سلام بقدر ما هو هدنة محسوبة، تتخللها رسائل ناعمة مموهة بمصالح اقتصادية كبرى؛ حيث تدرك الهند أن فتح أسواقها للصين قد يمنح بكين نفوذًا اقتصاديًا يصعب التحكم فيه لاحقًا، بينما تحاول الصين استخدام الدبلوماسية كأداة لتخفيف الضغوط الاقتصادية الغربية وفتح أبواب أكبر سوق ناشئة أمامها. وبين هذين المسارين، تستمر الرقصة، لكنها تجري على أرضية مليئة بالألغام، حيث يمكن لخطوة غير محسوبة أن تعيد المشهد إلى مربع المواجهة.