رئيس الدولة والرئيس المصري يبحثان العلاقات الأخوية والتطورات الإقليمية
بعد أسابيع من الاحتجاجات والاضطرابات الشديدة
مهمة صعبة أمام الحكومة الجديدة في بنغلاديش
شهدت بنغلاديش اضطراباً سياسياً كبيراً مع الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة مؤخراً، ما أدى إلى إنشاء حكومة مؤقتة بقيادة الجيش. يأتي هذا الانتقال بعد أسابيع من الاحتجاجات والاضطرابات الشديدة، والتي بلغت ذروتها بفرار حسينة من البلاد، حيث اقتحم المتظاهرون مقر إقامتها في دكا.
وأعلن الجنرال واكر الزمان، قائد جيش بنغلاديش، تشكيل حكومة مؤقتة مع وعود بإجراء انتخابات مبكرة والعودة إلى الحكم المدني. ومع ذلك، فالطريق أمام بنغلاديش محفوف بالتحديات، حيث تسعى الإدارة الجديدة إلى استقرار البلاد والتنقل عبر ديناميكيات محلية ودولية معقدة، حسب ما أفاد الدكتور ديفيد بروستر، أستاذ في كلية الأمن القومي في الجامعة الوطنية الأسترالية مختص بالشؤون الاستراتيجية لجنوب آسيا والمحيط الهندي.
حكم حسينة
وأضاف بروستر في تحليله بموقع الأبحاث الأسترالي «لي إنستتيوت»: تميزت فترة حكم الشيخة حسينة كرئيسة للوزراء، التي امتدت لستة عشر عاماً، بالنمو الاقتصادي والاستقرار، لكن أسلوب حكمها الاستبدادي المتزايد أدى إلى قمع أحزاب المعارضة والمعارضة السياسية. ويمثل إبعادها عن السلطة فرصة لبنغلاديش لتجديد إطارها الديمقراطي، لكنه يفرض أيضاً تحديات كبيرة.
في ظل حكم حسينة، أصبح المشهد السياسي في بنغلاديش خاضعاً لسيطرة حزب «رابطة عوامي»، التي احتلت 271 من أصل 350 مقعداً في البرلمان بعد انتخابات يناير -كانون الثاني 2024 المثيرة للجدل. وهذا التركيز للسلطة، إلى جانب مزاعم الفساد بين كبار أعضاء الحزب، لم يترك مجالاً كبيراً للمنافسة السياسية. ويواجه الجيش الآن مهمة تعزيز الكيانات السياسية الجديدة التي يمكن أن تساهم في بيئة سياسية أكثر توازناً وديمقراطية.
دور الجيش
ولفت الكاتب النظر إلى أن الجيش البنغلاديشي لعب دوراً مهماً في السياسة في البلاد على الصعيد التاريخي، إذ حكم البلاد من عام 1975 إلى عام 1990 ومرة أخرى من عام 2006 إلى عام 2008. وعلى الرغم من ذلك، أظهر الجيش ضبط النفس في السنوات الأخيرة، وتجنب التدخل المباشر في الشؤون السياسية في ظل حكومة حسينة. ويبدو أن القيادة العسكرية الحالية لديها اهتمام محدود بالحكم الطويل الأجل، مفضلة بدلاً من ذلك تسهيل الانتقال إلى الحكم المدني. وسوف يكون الهدف الأساسي للجيش هو استقرار البيئة السياسية وتشجيع تطوير الأحزاب السياسية العلمانية القادرة على تولي السلطة. ومن المتوقع أن تكون هذه العملية معقدة وطويلة الأمد، مع التحديات المحتملة الناشئة عن تفتت رابطة عوامي وطموحات الكيانات السياسية الأخرى.
المشهد السياسي والتحديات
ورجح الكاتب أن تشهد رابطة عوامي، المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنظام حسينة، انقسامات داخلية. وقد يسعى فصيل أصغر سناً وأكثر تقدمية، يتألف إلى حد كبير من النساء، إلى إبعاد نفسه عن ماضي الحزب والظهور كقوة سياسية جديدة.
وفي الوقت نفسه، يواجه «الحزب الوطني البنغلاديشي»، الذي ينظر إلى نفسه بوصفه الخليفة الشرعي بعد الإطاحة بحسينة، تحدياته الخاصة. فزعيمته بيغوم خالدة ضياء تعاني من أحوال صحية متردية، ولا يزال ابنها طارق رحمن في المنفى بسبب اتهامات بالفساد، الأمر الذي يقوض من نفوذ الحزب الوطني البنغلاديشي وتقدمه.
وتمثل الجماعات الإسلاموية، بما في ذلك «الجماعة الإسلامية» المحظورة، قوة سياسية محتملة أخرى. وعلى الرغم من إبعادها عن السلطة لسنوات، فإن هذه الجماعات قد تكتسب دعماً كبيراً في الانتخابات المقبلة، مما قد يشكل تحدياً للحكومة المؤقتة العلمانية التي يقودها الجيش.
التداعيات
الإقليمية والدولية
واعتبر الكاتب رحيل الشيخة حسينة تحولاً كبيراً في الديناميكيات الإقليمية، ويؤثر بشكل خاص في رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي حافظ على علاقة وثيقة معها. وكانت زعامة حسينة مفيدة في الحفاظ على الاستقرار في بنغلاديش ومواجهة نفوذ الجماعات الإسلاموية والمنافس الإقليمي الصيني. ومع خروجها من المشهد السياسي، من المرجح أن يتضاءل نفوذ الهند في جنوب آسيا، مما يسلط الضوء على اتجاه أوسع نطاقاً لتراجع النفوذ الهندي في المنطقة.
ومن المتوقع أن يدير جيش بنغلاديش العلاقات الإقليمية بثبات، ويوازن بين المصالح المتنافسة للهند والصين. بالإضافة إلى ذلك، قد تشهد علاقات بنغلاديش مع الولايات المتحدة تحسناً.
وكانت علاقات حكومة حسينة متوترة مع واشنطن، ويرجع ذلك جزئياً إلى كراهيتها للسفير الأمريكي السابق بيتر هاس ودفاعه عن القيم الديمقراطية.ورأى الكاتب أن الحكومة الجديدة بقيادة الجيش قد توفر فرصة للولايات المتحدة لإعادة بناء نفوذها في بنغلاديش، بدعم محتمــل من المساعدات العسكرية.
أزمة الروهينجا
وعدّ الكاتب الحرب الأهلية المستمرة في ميانمار أحد أكثر تحديات السياسة الخارجية إلحاحاً في بنغلاديش، والتي لديها القدرة على إشعال موجة أخرى من لاجئي الروهينغا إلى بنغلاديش. تستضيف البلاد بالفعل 1.2 مليون من الروهينغا، وقد يؤدي تجدد الصراع في ولاية راخين في ميانمار إلى تفاقم هذه الأزمة الإنسانية.
وأوضح الكاتب أن حكومة حسينة تجنبت إلى حد كبير التورط في أزمة الروهينغا في ميانمار، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة بقيادة الجيش في بنغلاديش تواجه مهمة شاقة في استعادة الاستقرار السياسي وتعزيز التجديد الديمقراطي. وتتفاقم التحديات بسبب الديناميكيات الجيوسياسية الإقليمية، وأزمة الروهينغا المستمرة، وإرث الحكم الاستبدادي لحسينة.
وبينما تتنقل بنغلاديش عبر هذه الفترة الانتقالية، فإن المجتمع الدولي، بما في ذلك دول مهتمة بالوضع في جنوب آسيا مثل أستراليا، سوف تراقب التطورات عن كثب، على أمل أن تكون بنغلاديش مستقرة ومزدهرة ويمكن أن تساهم في السلام والأمن في منطقة خليج البنغال، والهدف النهائي، حسب الكاتب، هو إنشاء ديمقراطية علمانية وغير منحازة، قادرة على التغلب على العقبات العديدة التي تنتظرها.