ناشونال إنترست: انهيار النفوذ الفرنسي في كامل إفريقيا لا في مالي وحدها

ناشونال إنترست: انهيار النفوذ الفرنسي في كامل إفريقيا لا في مالي وحدها


عن انحسار النفوذ الفرنسي في أفريقيا، كتب الزميل الباحث في أمريكان إنتربرايز إنستيتيوت مايكل روبن في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن الكثير من الأفارقة يعتبرون أنه لم تعد للفرنسيين مكانة، إن لم يكن غير مرغوب فيهم في دول عدة كانوا يسيطرون عليها في يومٍ من الأيام.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، على سبيل المثال، احتفل آلاف الماليين في العاصمة باماكو بطرد السفير الفرنسي جويل ميير من البلاد.

وعندما وصف وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان انقلاب المجلس العسكري بـ “غير شرعي” أو أنه “خارج السيطرة”، أمر القادة العسكريون الماليون السفير بالمغادرة.
وقال الكاتب إن الإحباط من باماكو كان يتصاعد باستمرار. وانتشرت القوات الفرنسية في هذه الدولة  في يناير-كانون الثاني 2013 لمحاربة تمرد الطوارق الذي استغلته مجموعة موالية لتنظيم القاعدة للسيطرة على أراضٍ في الشمال.

وبعد أن كانت ذات يوم جزءاً من الدول الأكثر ديموقراطية في أفريقيا، انزلقت مالي إلى مستنقع الحكم الرديء والتمرد الذي كان يغذي بعضه، وأخيراً، تعاقد المجلس العسكري المالي مع شركة فاغنر الأمنية الروسية، المعروفة بانتهاك حقوق الإنسان ونهبها للثروات المحلية. وفي الوقت نفسه، فإن القوات الفرنسية في طريقها للخروج من البلاد.

وقال الكاتب إن الطلاق بين فرنسا ومالي يتحول على نحوٍ متزايدٍ ليصبح قاعدة لا استثناءً. ويبدو أن أكثر من قرن من الهيمنة الفرنسية الديبلوماسية في أفريقيا في طريقها إلى الزوال، ومعه ادعاء فرنسا أنها لاعب أساسي على المسرح الدولي.

ولنأخذ مثلاً أفريقيا الوسطى، حيث هدد قبل سنة، المتمردون في المستعمرة الفرنسية السابقة الغنية بالثروات، بنهب العاصمة بانغي.
ووقفت الأمم المتحدة التي تملك قوة حفظ سلام كبيرة في البلاد جانباً، على غرار فرنسا. وفي المقابل، سارعت رواندا التي يبلغ عدد سكانها خمس سكان فرنسا، وجيشها عُشر الجيش الفرنسي، إلى إنقاذها وأوقفت زحف المتمردين الإسلاميين وأعادتهم إلى معاقلهم. ومن وجهة نظر السكان المحليين، فإن رفض التدخل الفرنسي، يُذكر بخيانة الرئيس الفرنسي الراحل فاليري جيسكار ديستان، الذي دعم الديكتاتورية المحلية مقابل ألماس هذه الدولة للخزينة الفرنسية.
وعن رواندا نفسها، المستعمرة البلجيكية السابقة، قال الكاتب إن فرنسا عاملته مثل بلد تابع منذ الاستقلال في 1962. وتظهر الوثائق الفرنسية السرية، تآمراً فرنسياً مباشراً في 1994، في الإبادة للتوتسي.

وكانت دوافع فرنسا، هي الشك في الروانديين الذين كانوا يسعون إلى علاقات أوسع مع العالم الإنغلوساكسوني.
وبينما نجحت هوليوود في تصوير بعض مشاهد الرعب أثناء الإبادة في 1994، فإن المنتجين حذفوا مقاطع عن تدريب مستشارين فرنسيين وإدارتهم الحواجز جنباً إلى جنب مع الهوتو، الذين ارتكبوا المذابح ضد التوتسي.
وفي الوقت الحاضر، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن القوات الفرنسية التي ستنسحب من مالي ستعيد انتشارها في أماكن أخرى، من منطقة الساحل. لكن لا يعرف إذا كانت ستقابل بالترحيب.

إن مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي بينما كان يقاتل المتمردين الإسلاميين حرم فرنسا من حليف قوي. وتراقب بوركينا فاسو، والنيجر، عن كثب جيرانهما، ولن تترددا في طرد فرنسا المتراجعة، إذا عثرا على بدائل.

كما أن رفض فرنسا الاعتراف بالمنافسة الإقليمية كان له ثمنه. فجيبوتي التي كانت محطة استراتيجية للقوات الفرنسية، لم تعد كذلك، وباتت الصين مهيمنة في المستعمرة الفرنسية السابقة.
وفي الوقت نفسه تستخدم تركيا الخطاب المعادي لفرنسا لمد نفوذها في المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا. أما في واشنطن، فيطرح سؤالان، الأول، لماذا تجاهلت فرنسا علامات التحذير، وهل يحدث أمر مشابه للنفوذ الأمريكي.