ندوة حول كتاب «مدينة الذيد» في النادي الثقافي العربي
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أمس الأول ندوة نقاشية حول كتاب “مدينة الذيد: قراءة في التاريخ والشخصيات” للباحث خليفة سيف حامد الطنيجي، الصادر عن معهد الشارقة للتراث عام 2020، وتحدث في الندوة كل من مؤلف الكتاب خليفة الطنيجي، والدكتور منّي أبو نعامة الباحث في التاريخ والتراث، والإعلامي محمدو لحبيب، وأدارها الصحفي مجتبى عبد الرحمن.
في تعريفه بالمؤلف قال مجتبى عبد الرحمن إن خليفة الطنيجي هو دبلوماسي وباحث وكاتب مقالات إماراتي، له عدة كتب منها: “الموسوعة الإعلامية لجزرنا الثلاثة، واحد الذيد 100 صورة وصورة، محطات من الإمارات، سلطان الثقافة ومصر الكنانة، قصة التعليم في الذيد”، أما من ناحية الكتابة فهو يكتب مقالات في معظم الصحف الكبرى المحلية، وله مقال ثابت في مجلة “الوسطى” التي تصدرها دائرة الثقافة في الشارقة.
استهل خليفة الطنيجي حديثه توجيه الشكر إلى معهد الشارقة للتراث الذي أصدر الكتاب، وقال إن الشارقة تعيش طفرة ثقافية كبيرة نابعة من حرص صاحب السمو حاكم الشارقة على النهضة بالثقافة لكونها العنصر الأساسي في تكوين وعي الإنسان وجعله يعي هويته ويتمسك بقيمه ويشارك بناء وطنه، وانطلاقا من هذه الرؤية تعمل مختلف المؤسسات في الشارقة بما فيها دائرة الثقافة ومعهد الشارقة للتراث على نشر الثقافة وتحرص بشكل خاص على نشر التراث وإتاحته للباحثين لدراسته، باعتباره جزءا من هوية وتاريخ المجتمع.
وقال الطنيجي إن كتاب “مدينة الذيد، قراءة في التاريخ والشخصيات” هو جزء من موسوعة يعمل عليها، ويرجو أن يوفقه الله لإكمالها، وقد أنجز منها حتى الآن، إلى جانب كتابه الجديد، كتابين هما “الذيد 100 صورة وصورة، ومحطات من الإمارات”. وأما عن كتابه الجديد فقد أنفق سنتين في البحث في موضوعاته وجمع المعلومات عنها، حتى تمكن من تأليفه، مشيرا إلى أن البحث في التراث الذي لم يوثق بعد هو بحث مضنٍ ومكلف ويحتاج إلى صبر وأناة، وإلى تضحية من الباحث، وهذا ما ساعده في ذلك، لأنه بحث في تاريخ وتراث مدينته التي أحبها وعشق كل شيء فيها، وهي مدينة لها تاريخ عريق يمتد لمآت السنين، ويحتاج إلى توثيق.
أما عن محتوى الكتاب، فقال الطنيجي، إنه قسم الكتاب إلى قسمين، قسم متعلق بالموضوعات، وآخر متعلق بالشخصيات، ففي الموضوعات تناول تاريخ زراعة النخيل التي هي الأساس الذي نشأت عليه المدينة، فالذيد هي واحة نخيل تقوم على “فلج” المياه المعروف باسم “فلج الذيد” أو”شريعة الذيد”، وحكاية النخل فيها هي حكاية ناسها وأرضها، ومن الموضوعات التي تناولها أيضا بدايات الزراعة الحديثة وتاريخ استخدام ماكينات الري في المدينة، وتناول أيضا قصة التعليم الحديث التي بدأت قبل 56 عاما مع إنشاء مدرسة الذيد المشتركة، وكذلك تاول موضوع “الأمن في المدينة” وظهور أول نقطة للشرطة في الذيد قبل خمسين عاما، وموضوع المساجد والأوقاف، وموضوع المواصلات، وموضوع الخدمات الصحية، وغير ذلك من الموضوعات التي كانت أساسية في انطلاق الذيد نحول الحياة الحديثة.
أما قسم الشخصيات، فتناول فيه – كما قال – شخصيات كان لها دور بناء وحضور فاعل في المدينة على عدة أصعدة، فأراد أن يخلد تلك الشخصيات، ويعطيها حقها على المدينة وعلى الأجيال اللاحقة، ومن تلك الشخصيات، الشاعر محمد الخيال الطنيجي، الذي لقب بـ”شاعر الذيد”، وهو شاعر الحكمة والأصالة الذي كان له أثر بالغ في أبناء المدينة، وكذلك مصبح بن ظاهر الكتبي الذي كان مرجعا في تاريخ الذيد والمنطقة الوسطى كلها، ومحمد البديوي الطنيجي راعي فلج الذيد الذي كان دور كبير في تنظيم توزيع المياه بين الواحات، ومن الشخصيات أيضا خلفان بن مترف الطنيجي، وأحمد بن سيف الطنيجي، وسالم المويه الشامسي، وسعيد بن خميس الطنيجي، وراشد المحيان الكتبي، وغيرهم.
الدكتور مني أبو نعامة استهل حديثه عن الكتاب بالإشادة بالجهود البحثية للمؤلف، الذي تعرف عليه عن قرب من خلال إصدارات المعهد له، فقال إن الطنيج يتمتع بالكثير من الصبر والعمق في بحوثه، ويبذل قصارى جهده من أجل الوصول إلى المعلومة والتأكد منها بشتى الطرق العلمية المتاحة، وأشار إلى أن ما أنجزه في كتابه الجديد،
يعتبر مساهمة أساسية في تاريخ الذيد، وقد تحول الكتاب بمجرد صدوره إلى مرجع للباحثين والطلاب الذين يبحثون في تاريخ المنطقة الوسطى،
فالطلب عليه من قبل الجامعات ومراكز البحث الدولة كبير، نظرا لتنوع المادة الموجودة به، بين موضوعات تشكل في حد ذاتها تاريخا، وشخصيات هي كنوز بشرية حملت الكثير من تاريخ المدينة، وعكست قيمها وملامحها.
وأضاف أبو نعامه أن الطنيجي لا ينظر إلى كتابه على أنه هو نهاية المطاف مع مدينته، فلديهم هم وهاجس أن يؤلف موسوعة عن مدينته، حتى يكون منجزه مرجعا في كل جوانب حياة وتاريخ وجغرافية الذيد، وهو هاجس كبير، ومسعى إن تحقق يكون صاحبه قد أنجز ما لم ينجزه أي باحث آخر في الإمارات، ويكون قد خلد تاريخ مدينته، وأتاحها على طبق من ذهب لكل القراء والباحثين.
أما الإعلامي محمدو لحبيب فقد تحدث عن ما أثاره فيه الكتاب من انطباعات، وما أفاده به من معلومات نادرة حول مدينة تزخر بالتاريخ والتراث الذي كان يحتاج إلى جهد توثيقي مثل الذي قام به الطنيجي، وتوقف لحبيب عند ملاحظتين بارزتين في منجز الطنيجي،
وهما: أولا أنه وفق في اختيار أسلوب سردي شيق، يستهوي القراء على جميع مستوياتهم، ولم يعزل نفسه في أسلوب البحث العلمي الذي لا يروق إلا للباحثين،
وثانيهما، أنه يسعى عن قصد إلى التأريخ للقيم الإنسانية والاجتماعية لأهل الذيد والمنطقة الوسطى، ويظهر في الموضوعات التي تناوله، ولكن بشكل أكبر في الشخصيات التي أرخ لها، وما عكسته تلك الشخصيات من قيم وأخلاق وما عملت عليه من حفاظ على لحمة وترابط المجتمع، وهذا الجانب –التاريخ لقيم المجتمع- نادر لدى الباحثين اليوم، مع أنه مطلوب، ويحتاج إليه خاصة لدى القراء من أجيال اليوم، الذين يحتاجون إلى قدوة تمثل قيم المجتمع.