رؤية نقدية

نوارة السنعة جسر يجسد علاقة الجدة بالأحفاد

نوارة السنعة جسر يجسد علاقة الجدة بالأحفاد

أدب الأطفال من أصعب الفنون الإبداعية التى تواجه الكتاب والمؤلفين في هذا المجال، والسبب في ذلك يعود لوقوع بعض المبدعين في فخ الكتابة للطفل وهو في الأصل يكتب عن الطفل، والفرق كبير جدا بينهما، فالكتابة للطفل تعني مراعاة الفئة العمرية التى يوجه إليها العمل الأدبي، أما الكتابة عن الطفل فيكون محور الفكرة بطلها طفل ولا يهتم الكاتب بالمفردات ولا بالفئة العمرية، وبعض منهم يعتمد على ثقافته ولم يراعي الفترة الزمنية والتطور الذي حدث وكيف يفكر طفل اليوم، لكن الكاتبة مريم سالم السلمان فطنت هذه العوامل وهى تكتب قصة “ نوارة السنعة” واهتمت بتوجيهها للأطفال بأسلوب سلس وبسيط وبمفردات تناسب الفئة العمرية التى حددتها من الثامنة إلى الثاني عشر.
تأتي قصة نوارة في مجلد من ٢٧ صفحة من الورق الفاخر وتستهل بتعريف للقصة والهدف منها والقصة عبارة عن خمسة حلقات منفصلة متصلة، حيث تدور الأحداث بين تلاقي الأجيال، فأبدعت الكاتبة مريم سالم السلمان في اختيار الشكل المتناغم مع المضمون، فالفكرة بسيطة وتحدث في جميع مجتمعاتنا العربية، فالعلاقة بين الجدة والأحفاد والمسافة البعيدة بينهما من حيث التفكير والموروث الثقافي والخبرة ستظل موجودة للأبد، وهذه العلاقة يربطها جيل الوسط جيل الأباء والأمهات، فالقصة تناقش عدة محاور منها علاقة الأجداد بالأحفاد وعلاقة الأباء بالأبناء والأجداد بالأبناء، فلكل منهم له خصوصية وأسلوب حياة تمكنت الكاتبة من طرحها في قالب أدبي يعتمد على المفردات السهلة والمفهومة.
الكاتبة مريم سالم السلمان جسدت شخصية الطفلة نوارة على أنها الضمير والمستقبل والعقل والاعتدال والرسالة المجتمعية الممنهجة للتعامل مع كبار السن، وعلى النقيض طرحت شخصية الجدة ومتطلباتها في هذه السن للاهتمام والود واحترام خصوصيتها، خاصة عنصر المفاجأة لأن كبار السن لا ينسجموا مع هذه السمات، بل يرغبوا دائما في امتلاك مقاليد حياتهم والتصرف فيها حسب رؤيتهم هم، والأم تجسد جيل الوسط وكأنها الأنا الوسطى التى تسعى دائما لتصحيح المسار ونشر روح التعاون.
وضعت الكاتبة مريم سالم السلمان سيناريو محكم لتتبع الحلقات، وابراز دور الجدة التى تمثل الخبرة والتراث والتاريخ، وكيفية التعامل معها بحرص وبحب والاستفادة من كل حرف تقوله، وما على الأجيال الجديدة من تدوين هذا التاريخ والتراث للحفاظ على الهوية الوطنية، ولكي تسلط الضوء على احتياجات الجدة كان لابد من وجود صورة للمجتمع وكيفية التعامل مع كبار السن وهذا الدور قام به اشقاء نوارة الذين يتصرفون بهمجية وعدم اهتمام بمشاعر الأخر.
سخرت الكاتبة الأمثال الشعبية في قصتها بحرفية، ولم تغفل المصطلحات الحديثة التى تستخدم في وقتنا الحالي كالايباد، والتابلت وغيرها من الأجهزة، وكأن مريم سلمان ارادت ان تصنع توازن بين الماضي والحاضر وتبلغ رسالتها بأننا لسنا ضد التقدم والتنمية ولكن الا ننسى هويتنا العريقة وثقافتنا وإرثنا من القيم والاخلاق المتمثل في الجدة.
ربما كان إخراج القصة في حاجة إلا رسومات أكثر بهجة من خلال الألوان المبهرة لتتناسب مع ميول الأطفال، وإن كانت الصور ترجمت المشاهد على أنها خاصة بمجتمع واحد، وغفلت أن الأدب ليس له وطن ويحدث الأطفال وكبار السن في مجتمعاتنا العربية والغربية، وفي الواقع أن قصة نوارة السنعة تصلح أن تدرس في المناهج الدراسية وأن تعالج لتقديمها على المسرح المدرسي.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot