هذه أخطار عودة بايدن إلى الاتفاق النووي
رأى الباحثان ريتشارد غولدبرغ ومارك دوبوفيتز في موقع مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن إيران قررت تصعيد التوترات مع الغرب من طريق تأكيدها علناً إنتاج الأورانيوم المخصب في منشأة نووية تحت الأرض، واستيلاءها على ناقلة نفط كورية جنوبية في مياه الخليج.
وقد يكون هذا التصعيد مقصوداً لممارسة مزيد من الضغط على الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وهي خطوة من شأنها تخفيف العقوبات عن نظام واقع تحت ضغط اقتصادي هائل.
لكن إذا أقدم بايدن على الخضوع للابتزاز النووي والتخلي عن العقوبات، فإنه يكون تنازل عن رافعــــــة مهمـــــة ضد طهران، وتالياً لن يكون في امكانه أبداً تحقيق هدفه المعلن بالتفاوض على اتفاق أفضل وأكثر ديمومة.
عيوب الاتفاق
قبل خمسة أعوام، عارض جميع الجمهوريين تقريباً في الكونغرس-والكثير من قادة الديموقراطيين وبينهم السناتورات تشارلز شومر وبوب ميننديز وجو مانتشين- الاتفاق الإيرانـــــي لأسباب لها ما يبررها.
فالاتفاق يحدد مهلاً للقيود الرئيسية، ويرفض التفتيش المفاجئ، وسمح للإيرانيين بالاحتفاظ بقدرات على التخصيب.
ولم يتطرق الاتفاق إلى البرنامج الصاروخي المتصاعد للنظام، ومنح إيران المصادر المالية لرعاية الاعتداءات الإقليمية والإرهاب، وتجاهل انتهاكاته الفاضحة لحقوق الإنسان.
نوايا بايدن
وفي تلميح إلى هذه العيوب مؤخراً، قال بايدن إنه يريد أن يبني على اتفاق 2015 لصوغ اتفاق جديد يتضمن “تشديداً وإطالة للقيود النووية، كما سنعالج مسألة البرنامج الصاروخي».
وخلال الحملة الانتحابية، وعد أيضاً بمواجهة سجل إيران في حقوق الإنسان “ونشاطاتها المزعزعة للاستقرار، التي تهدد أصدقاءنا وشركائنا في المنطقة”. لكن الرئيس المنتخب لا يزال عند موقفه القائل، إنه من أجل صوغ إطار جديد، يجب العودة أولاً إلى الاتفاق القديم.
وثمة مشكلة كبيرة في هذا المنطق. إذ أنه بمجرد العودة إلى الاتفاق القديم فإن ذلك يتطلب من واشنطن رفع معظم العقوبات المؤلمة، مما يقوض الرافعة التي سيرثها بايدن عن سلفه في اللحظة التي يتم فيها رفع العقوبات.
عقوبات قاسية
لقد عمل الكونغرس على مدى سنوات لفرض عقوبات قاسية على النظام الإيراني لإرغامه على التخلي عن نشاطاته المشينة. وفي الواقع، فإن الرئيس السابق بارك أوباما أرغم إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بفضل هذه العقوبات.
والسؤال الواضح هو الاتي: إذا كان أوباما قد وجد في الضغط الناجم عن العقوبات ضرورة لإنتاج اتفاق مشوب بالعيوب الفاضحة، فكيف يمكن بايدن أن يفاوض في شأن فرض مزيد من القيود على إيران، في حال لم يكن يملك الرافعة الاقتصادية؟
رسالة إلى الملالي
وحذر الكاتبان من أن تراجع بايدن عن العقوبات في مواجهة تهديدات إيران بالتوسع في النشاطات المتعلقة بالتخصيب، وطرد المفتشين الدوليين، وبناء مفاعلات نووية إضافية-أي الرضوخ فعلياً للابتزاز النووي- سيبعث برسالة واضحة إلى رجال الملالي:
أي أنه سيكون في امكانهم انتظار المفاوضات مع إدارة بايدن لأن الرئيس المقبل لن يعاود فرض العقوبات مخافة أن تعمد إيران مجدداً إلى توسيع نشاطاتها النووية.
تحدّ آخر
وثمة تحدّ آخر لسباق بايدن للانضمام مجدداً إلى الاتفاق النووي، إذ إن ثمة بنوداً قد انتهت صلاحيتها، مثل حظر بيع إيران أسلحة تقليدية. وانتهى هذا البند في أكتوبر (تشرين الأول). ولو لم يصدر ترامب أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على روسيا والصين في حال بيعهما السلاح لإيران، لكانت صفقات السلاح قيد الإنجاز الآن. ولم يقل بايدن ما إذا كان سيطبق هذه العقوبات.
إن التطورات في الحقل النووي يجب ان تحفز بايدن على توضيح توقعه بأن إيران ستعود إلى الالتزام الصارم بالاتفاق القديم في حال عادت واشنطن إليه. ولدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية دليل على أن إيران تخفي مواد ونشاطات ومواقع نووية غير معلنة. وتتبعت الوكالة الأرشيف النووي الإيراني الذي استولت عليه إسرائيل سراً عام 2018 وكذلك إعلانات صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد أن إيران لا تزال تحتفظ بعلماء في السلاح النووي يعملون في وكالة سرية.
وعلى الأقل، يتعين على بايدن أن يطلب من إيران كشفاً كاملاً عن نشاطاتها النووية غير المعلنة قبل أن يفكر في مقايضة رافعة واشنطن من دون تحقيق أي شرط من شروطه.