الرئيس التركي يحرض على شن هجمات إرهابية

هكذا بدأت أوروبا تفقد صبرها على أردوغان؟

هكذا بدأت أوروبا تفقد صبرها على أردوغان؟


اتهم العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً في أوروبا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحفيز الإرهابيين على شن عمليات إرهابية ضد أوروبا بعد الهجوم الأخير على فيينا الاثنين الماضي.
وترى الكاتبة السياسية في مجلة “وورلد بوليتيكس ريفيو” فريدا غيتيس أن شبهة وقوف أردوغان بشكل غير مباشر خلف تلك الهجمات تعكس الغضب داخل أوروبا من تصريحات للرئيس التركي عقب عمليات إرهابية طالت القارة العجوز.

سلاح الأتراك
يثير أردوغان التوترات مع حلفائه في حلف شمال الأطلسيّ ويعمق تدهور شعبيته بين العديد من الأوروبيين. وهو يصعب بذلك حياة المهاجرين الأتراك في دول مثل النمسا، وألمانيا، وهولندا، إذ ترى هذه الدول أن الرئيس التركي يستخدم هؤلاء أسلحةً محتملة في صراعه السياسي ضد الغرب وفقاً للكاتبة.
 فعل ذلك أيضاً في 2017، حين أقحم نفسه في الانتخابات البرلمانية الهولندية مرسِلاً وزير خارجيته لتنظيم حملة انتخابية ضد رغبات الحكومة المحلية سعياً إلى زيادة نفوذه بين الناخبين من أصل تركي.

نقطة انهيار
برزت نقطة ارتكاز التوترات الأخيرة في العلاقات بين أردوغان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رد بقوة، وحسب البعض بقوة كبيرة جداً، على الهجمات الإرهابية الأخيرة في فرنسا.
ووصلت العلاقات التركية الفرنسية التي كانت مهتزة أصلاً إلى نقطة الانهيار، بعد أن ذبح لاجئ شيشاني رأس الأستاذ الفرنسي سامويل باتي، وصعق الفرنسيون كثيراً.
شن ماكرون سريعاً حملة إغلاق للمنظمات الإسلاموية في فرنسا معلنــــاً أن بـــــلاده ستعزز “صراعها ضد الإسلاموية الراديكالية”. وقال الرئيس الفرنسي إن سلطات بلاده ستتخذ إجراءات ضد المجموعات والأفراد الذين يروجون لـ “مشروع إسلامي راديكالي، بكلمات أخرى، آيديولوجيا هادفة إلى تدمير الجمهورية الفرنسية».
مزاعم غريبة
انتقد أردوغان ماكرون بشدة ولم يتوقف عن ذلك حتى بعد هجوم آخر على كنيسة في نيس أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، وذبح امرأة. وقال الرئيس التركي إن ماكرون “يحتاج إلى نوع من العلاج النفسي».
وصفت فرنسا تصريحات أردوغان بـ “غير المقبولة” واستدعت سفيرها في أنقرة. ومجدداً، صعّد أردوغان ودعا إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية وزعم بشكل غريب أن المسلمين الفرنسيين معرضون لملاحقات شبيهة بتلك التي شُنت ضد اليهود في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية”. ودعا سائر العالم إلى الوقوف بجانب المسلمين في فرنسا.
في المقابل، أبدى القادة الأوروبيون دعمهم لماكرون. ولقي انتقاد أردوغان لماكرون صدى بين الزعماء الشعبويين في باكستان، وماليزيا.
يبرّر الهجمات
بالنسبة إلى العديد من الأوروبيين، بدت كلمات أردوغان كأنها تبرير مقنّع للقتل والحض على العنف. ينتشر الخلاف في إطار تنافس جيوسياسي بين أردوغان وماكرون. وزعم بعض منتقدي الرئيس الفرنسي أن سياسته تنطلق من لعبة صراعات داخلية، لكن الكاتبة تشير إلى أن رد ماكرون تناغم مع شعور شعبي في فرنسا، حتى أن صحيفة لوموند الفرنسية، ردت على بعض المنتقدين الأمريكيين لماكرون كاتبة أن هؤلاء يتغاضون عن الإرهابيين في فرنسا.

استعراض مسرحي
مهما كانت دوافع ماكرون، فإن دوافع أردوغان واضحة. فهو يؤدي لعبته المألوفة التي دأب عليها منذ أعوام، محاولاً تتويج نفسه قائداً للعالم الإسلامي. فعل ذلك في 2009 حين دخل في استعراض مسرحي في ندوة بمنتدى الاقتصاد الدولي في دافوس بعدما انتقد الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بسبب الوضع في غزة.
وفعل الأمر نفسه في ذروة “الربيع العربي” منذ حوالي عقد من الزمن حين كانت الأحزاب الإخوانية تفوز في تونس، وتكسب النفوذ في مصر، وليبيا. وسافر أردوغان إلى هذه الدول مصوراً نفسه زعيماً لما بدا حينها وبشكل مؤقت أنها دول عربية ديموقراطية بقيادة أحزاب إسلاموية.

توترات متنقلة
انهار المشروع، لكن أردوغان لم يتخل عن طموحاته حتى مع تصاعد المشاكل الاقتصادية الداخلية في تركيا. وإضافة إلى خطواته العدوانية الشاملة ضد ماكرون، تصاعد الاحتكاك بسبب العديد من المسائل الأخرى خاصةً بعد مع إرسال سفن المسح التركية إلى شرق المتوسط للبحث عن النفط والغاز، وهو أمر يمكن أن يؤدي إلى صراع عسكري.
ويعد تورط تركيا في ليبيا أيضاً مصدراً آخر للتوتر، إلى دعم أنقرة لأذربيجان في النزاع حول إقليم ناغورنو قره باخ.
وترجح غيتيس أنّ هجوم فيينا كان سيحصل حتى دون أي كلمة من أردوغان أو ماكرون. لكن في ظل تورط أوروبا في ما يمكن أن يتحول إلى موجة أخرى من الإرهاب، فإن صبرها على خطابات أردوغان بدأ في النفاد.