استراتيجية تثير جدلا داخليا

هل السويد في طريقها للانتصار على كوفيد-19...؟

هل السويد في طريقها للانتصار على كوفيد-19...؟

       في الربيع الماضي، كانت السويد رجل أوروبا المريض -حتى أكثر من البقية. ما يقرب من 2500 حالة وفاة بسبب كوفيد-19 في شهر أبريل فقط على عشرة ملايين نسمة، أغلق الجيران حدودهم أمام سكان المملكة، ولم يتم اتخاذ أي تدابير حجر صحي. ولكن، منذ منتصف يوليو، انخفض عدد الإصابات وكذلك عدد الوفيات بشكل كبير: 771 حالة جديدة و25 حالة وفاة من 28 أغسطس إلى 4 سبتمبر، مقابل ما يقرب من 40 ألف إصابة و131 حالة وفاة في فرنسا. ومع تزايد العدوى مرة أخرى في أوروبا، كيف حققت المملكة هذه النتيجة؟
ميزة الانسجام
    أولا، إن الانخفاض في الأرقام يحافظ على ديناميكية إيجابية في السويد، ويضع البلاد في دائرة صالحة. “عدد أقل من المصابين يمكنهم أن ينقلوا العدوى للآخرين”، تلخص هيلينا نوردنستيدت، الأستاذة المساعدة للصحة العامة في معهد كارولينسكا في ستوكهولم. والتراجع المستمر الملحوظ منذ أبريل تأكد مع الصيف وبداية الإجازات. كما أن السويديين تعودوا على القواعد الصحية الجديدة، توضح الأخصائية: “يستمر الناس في التباعد الاجتماعي وغسل أيديهم كثيرًا».

   ثم تعلمت البلاد من أخطائها. وبحسب وكالة الصحة العامة، فإن 47 بالمائة من الوفيات المؤكدة منذ بداية الوباء حدثت في دور المسنين. “كان هناك نقص في التحضير حول كيفية التعامل مع كوفيد-19، تشرح اختصاصية الصحة العامة، وظهرت الأعراض على العديد من الموظفين وكان عليهم البقاء في بيوتهم، مما جعل من الصعب رعاية المقيمين”. منذئذ، أصبحت بيوت المسنين محمية بشكل أفضل، كما تؤكد.
   في السويد، الكمّامة ليست إلزاميّة، ولا حتى موصى به رسميًا. “المدارس مفتوحة، لا أحد يرتدي أقنعة هناك، ولا أحد في النقل أيضًا، بينما نعلم أنه كان هناك انتشار بطيء للفيروس في الأشهر الأخيرة”، يأسف جان لوتفال، أخصائي الحساسية والأستاذ في جامعة غوتنبرغ. أن تعميم الكمّامة في تلك المرحلة من الوباء كان سيأتي بنتائج عكسية، تعتقد هيلينا نوردنستيدت. “كانت الاستراتيجية السويدية تقوم في الأساس على ان تظل منسجمة، بحيث يفهم الجميع القواعد التي يتم تطبيقها. وفرض قيود أكثر صرامة مثل وضع الكمامة عند انخفاض العدوى ليس متسقا.»

الاختبارات والعدوى:
 صراع الأرقام
   تتصور المتخصصة من معهد كارولينسكا، ان حلقات محلية في الجنوب، تأثرت قليلاً في الربيع بالوباء، “لكن لا شيء يشبه ما عرفناه”. بالنسبة لزميلها في جامعة غوتنبرغ، قد لا تدوم الارقام السويدية الجيدة. “ما تشاهدونه هو صورة لحظة تي، يقول جان لوتفال، أعتقد أن السويد متأخرة قليلاً عن بقية العالم”.
ومن وجهة نظره، من المرجح أن يجد ارتفاع حالات كوفيد-19 في الخارج، ترجمته داخل السويد.    بالنسبة للمملكة الاسكندنافية، فإن مقارنة أرقامها بأرقام الدول التي يزيد عدد سكانها عن ثلاثة إلى ستة أضعاف، مثل إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا، فيه اطراء دون شك. في حين يعتقد اندرس فالني، أستاذ علم الفيروسات الإكلينيكي في معهد كارولينسكا، بدلاً من ذلك، إن المقياس الصحيح يتطابق مع الجيران الاسكندنافيين، الذين سجل كل منهم بضع مئات من الإصابات فقط الأسبوع الماضي، وبدون وفيات تقريبًا. “في العادة، عندما نقارن، نقارن أنفسنا بـ الأفضل”، يوضح الأستاذ، مضيفا، السويد أقل كثافة سكانية بشكل ملحوظ من بلجيكا أو هولندا أو المملكة المتحدة.
   ويتساءل عالم الفيروسات أيضًا عن سياسة الاختبار في السويد، سواء في حجمها –”لم نختبر جميع المجموعات في ستوكهولم” -وفي معاييرها: “في ثاني أكبر مدينة في البلاد، لم يُسمح بفحص الأطفال دون سن 16 عامًا، لأن السلطات أكدت أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بالفيروس، بينما اصابتهم واردة طبعا».
   حتى الآن، يُنصح الأطفال الذين يعانون من الأعراض بالبقاء في البيتن طالما استمرت تلك الاعراض. وأصدرت وكالة الصحة العامة السويدية توصية جديدة يوم الاثنين الماضي تدعو إلى اختبار الأطفال دون سن 16 عامًا إذا ظهرت عليهم الأعراض. “إن تصورنا للأطفال، والإصابة بالعدوى لم يتغير. نحن نحافظ على تأكيداتنا السابقة بأن الأطفال أقل عرضة للإصابة من البالغين، وأن البيئة المدرسية لم تثبت أنها محرك لانتشار المرض”، صرحت كارين تيغمارك ويسل رئيسة الوكالة في بيان.
حصانة جماعية،
استراتيجية حكومية سرية؟
   في ذروة الوباء، وقّع جان لوتفال وأندرس فالني، عريضة مع 20 آخرين من زملائهم، اتهموا فيها السلطات بالسعي لتحقيق مناعة جماعية، تلك العتبة من 50 إلى 70 بالمائة من السكان التي انطلاقا منها تعتبر البلاد في حالة مناعة.
   «إنهم ما زالوا يحاولون الوصول إليها”، يقول أندرس فالني، بينما نفت وكالة الصحة العامة مرارًا. زميلتها في الصحة العامة، تشير إلى جميع التدابير التي سبق ان اتخذتها السويد، مثل التجمعات التي تقتصر على 50 شخصًا، والمطاعم المغلقة بسبب عدم الامتثال للتعليمات الصحية، أو الترويج للعمل عن بعد من قبل وكالة الصحة العامة. وقالت “من الواضح أن الاستراتيجية تتمثل في عدم السماح للفيروس بالانتشار بحرية، بمعنى اخر لن تكون هناك قيود على كل شيء ما لم تغرق الأقسام والخدمات الصحية».
   وفي مؤتمر صحفي يوم الجمعة، أعلنت كارين تيغمارك ويزيل، أن “7 بالمائة من المتبرعين بالدم على مستوى البلاد لديهم أجسام مضادة” لـ كوفيد-19، و12 بالمائة في ستوكهولم. وإذا كانت هذه الأرقام بعيدة جدًا عن العتبة اللازمة، فإنها يمكن أن تمنح “درجة معينة من الحصانة للسكان”، كما تعتقد هيلينا نوردنستيدت: “من المنطقي أن الأشخاص الأكثر عرضة للخطر -سائقي الحافلات، وسائقي سيارات الأجرة، والباعة –سبق ان أصيبوا، وبالتالي يتمتعون بمستوى معين من المناعة، مما يساعد على إبطاء عمليات انتقال الفيروس».
   ويسلط المعهد العمومي الضوء بوضوح في تقريره الأخير، بتاريخ 3 سبتمبر، على أن “انتشار العدوى في السويد آخذ في الانخفاض”، بينما لم يكن أي من المشاركين البالغ عددهم 2500 في دراستهم الأخيرة حاملًا لـ كوفيد-19 مقابل 0.9 بالمائة في أبريل و0.3 بالمائة في مايو. “مات ما يقرب من 6 الاف شخص بسبب فيروس كورونا في السويد، يجيب أندرس فالني، وإذا قارنتم البلد بالنرويج والدنمارك وفنلندا، لا يمكنني القول إننا أبلينا بلاءً حسناً.»
   في 8 أغسطس، بدا أن دراسة أجراها معهد الإحصاء تعزز هذا التشخيص. لقد حددت 51405 عدد الوفيات في السويد بين يناير ويونيو، جميع الأسباب مجتمعة، أي “أعلى عدد للوفيات في الأشهر الستة الأولى من العام منذ 1869، مع 55431 حالة وفاة”. وبالنظر إليه كقيمة مطلقة، يبدو الرقم مثيرًا للدهشة. ولكن في منتصف القرن التاسع عشر، “كان عدد السكان أقل من نصف ما هو عليه اليوم”، يذكّر مارتن كولك.
   ويعتقد الخبير الديموغرافي في جامعة ستوكهولم، أنه من المناسب مقارنة معدل الوفيات الزائد بين الدول الأوروبية عوض عدد الوفيات بسبب كوفيد-19، بسبب أنظمة العد المختلفة: “عندما نقارن معدل الوفيات الزائد في السويد مع فرنسا وهولندا، الأرقام متشابهة ومختلفة عن أرقام إيطاليا وإسبانيا”. “في غضون 20 عامًا، كما يتوقع، لن يبدو عام 2020 مختلفًا تمامًا. ستكون هناك زيادة طفيفة “في الوفيات الزائدة” لكن لا شيء مختلف تمامًا.»    في السويد، الإجراءات تتغير مع ذلك. أعلنت لينا هالينغرين، وزيرة الصحة السويدية الثلاثاء أنه سيتم السماح للجماعات المحلية بحظر التجمعات العامة في حالة تفشي العدوى. وحتى أن ارتداء الكمامة اعتبر “مفيدًا” “خلال فترة انتقالية”، من قبل يوهان كارلسون، المدير العام لوكالة الصحة العامة، إذا ظهرت بؤرة محلية.
   في الوقت الحالي، يبدو أن هذه الاستراتيجية تجد قبولا لدى الجمهور. ووفقًا لدراسة أجراها معهد كنتار، يقول 73 بالمائة من السويديين إنهم يثقون بوكالة الصحة العامة. “بدون ثقة السكان، لا يمكنك احتواء وباء”، تبتهج هيلينا نوردنستيدت. لكنها تحذر: “ما زال من السابق لأوانه معرفة النتائج التي ستعطيها الاستراتيجية السويدية، سيستغرق الأمر عدة سنوات”... مقرون بتقلبات كوفيد-19، يعد النقاش بأن يكون طويلاً.
عن لو جورنال دي ديمانش

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot