هل باتت تسوية ترامب «السريعة» للحرب الأوكرانية «بعيدة المنال»؟‎

هل باتت تسوية ترامب «السريعة» للحرب الأوكرانية «بعيدة المنال»؟‎


يرى مختصون أن وعود ترامب بتسوية سريعة للحرب الروسية الأوكرانية باتت بعيدة المنال في الوقت الحالي، نظرًا لتقاطع المصالح بين الولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة، ورغبة الروس في تحقيق مكاسب جديدة على حساب كييف.
وأوضحوا في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن الوصول إلى تسوية في أوكرانيا يخضع لتقاطعات خاصة بمصالح واشنطن ومعضلة الناتو، وما يعمل عليه الأوروبيون لإطالة أمد الحرب، نظرًا لمخاوف من التوصل لتسوية تحمل تهديدات روسية للأمن الأوروبي.
وأشاروا إلى أن الجانب الأمريكي بدأ يلمس أن الروس غير جادين في هذه المرحلة على الأقل في التسوية، لرغبتهم في مكاسب جديدة على الأرض ترغم الجانب الأوكراني على المزيد من التنازلات؛ ما يقوي مؤشر عدم نهاية الحرب في المستقبل القريب أو حتى الإعلان عن هدنة شاملة قريبًا، في ظل أمور معقدة. خطط جديدة 
وكان مصدران أمريكيان أكدا مؤخرًا أن مسؤولين بارزين في إدارة ترامب ناقشوا في الأيام القليلة الماضية احتمال عدم قدرة الولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا في الأشهر القليلة المقبلة، ويضعون خططًا جديدة للضغط على كل من كييف وموسكو.
وبحسب تقارير، وضع ترامب وكبار مستشاريه في بداية فترة الرئاسة الجديدة هدفًا للتوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار بحلول أبريل- نيسان أو مايو- أيار 2025، وكانوا يأملون في التوصل إلى اتفاق سلام دائم في الأشهر التالية. 
صعوبة التسوية
ويقول المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأوكراني محمد العروقي، إن خطابات ترامب الدعائية في فترة الانتخابات الأمريكية، كانت مليئة برسائل استعداده لإيقاف هذه الحرب ضمن حديثه بأنه لو كان رئيسًا للولايات المتحدة لقام بإنهائها خلال أسبوع، هو ما كان بالأمر الغريب، ولا سيما أن من يعلم خبايا المواجهة يدرك أن ذلك غير واقعي ولا يمت للأحداث بأي صلة.
وأوضح العروقي في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن كل ما توصلت إليه الولايات المتحدة عبر لقاءات في المملكة العربية السعودية بين الوفد الروسي تارة، وأخرى مع الوفد الأوكراني، أسفر عن هدنة غير واقعية لم تنفذ على أرض الواقع؛ ما يبين صعوبة الوصول لتسوية حقيقية في أقرب وقت.
«روسيا غير جادة»
وأردف العروقي أن الأوكرانيين وافقوا على هدنة غير مشروطة كما تريد الولايات المتحدة، في حين أن الطرف الروسي أعلن عما هو أقل من هدنة، وذلك بوقف تبادل الضربات على منشآت الطاقة والبنى التحتية وتسيير الممر بالبحر الأسود، ومع ذلك لا يوجد حتى الآن التزام كامل روسي، ولا سيما أنه مع كل خطوة تريد موسكو أن تضع شروطًا أخرى؛ ما يصعّب التسوية. 
وبين العروقي أن الجانب الأمريكي بدأ يلمس أن الروس غير جادين في هذه المرحلة على الأقل في التسوية، لرغبتهم في مكاسب جديدة على الأرض ترغم الجانب الأوكراني على المزيد من التنازلات؛ ما يقوي مؤشر أن هذه الحرب لن تنتهي في المستقبل القريب أو حتى الإعلان عن هدنة شاملة دون شروط لن يأتي في المدى العاجل في ظل أمور معقدة.
وتابع العروقي أن تهافت ترامب نحو روسيا وبوتين وإطراءاته جاءت بنتائج عكسية جعلت الأخير يتمادى في شروطه ولا يتعامل سوى في إطار استسلام كييف. فيما يرى رئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الحسين كنون، أن هناك أسبابًا تقوي مؤشر أن التوصل إلى تسوية أمر بعيد المنال، ولا سيما في ظل التقاطعات الخاصة بمصالح واشنطن ومعضلة الناتو، وما يعمل عليه الأوروبيون من إطالة أمد الحرب؛ لأن ما طرح من أشكال تسوية بين ترامب وبوتين، قد يحمل تهديدات للأمن الأوروبي والناتو أيضًا.
ويؤكد كنون  في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن ترامب يستخدم كافة أوراق القوة على مستوى السياسة الخارجية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن هناك دوائر تتبدل على أثر مصالح الأطراف المتعددة، وظهر ذلك في عدة مشاهد ما بين استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالبيت الأبيض، ودرجة التعامل معه لحد وصل إلى الإهانة، ثم الذهاب إلى صفقة «المعادن النادرة» وما يتعلق بها، وصولًا إلى علاقة الرئيس الأمريكي مع بوتين التي هي جيدة في الأساس منذ ولايته السابقة ووجود تناغم بينهما في التعامل مع هذه الحرب، لتتجدد مع ذلك تباينات جديدة.