بدأ الذعر ينتاب حتى أنصار ماكرون

هل تعود فرنسا إلى تقلبات الجمهورية الرابعة؟

هل تعود فرنسا إلى تقلبات الجمهورية الرابعة؟


توفيت المطربة الفرنسية الأصيلة والمحبوبة جداً فرانسواز هاردي المولودة عام 1944، الثلاثاء الماضي.. اليقينيات الفرنسية تختفي. وبحسب مدير الأبحاث السابق في قسم السياسات والدراسات الدولية بجامعة كامبريدج جون كيغر، قد يكون نظام الجمهورية الخامسة هو التالي.
ورجح أن يؤدي القرار المذهل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد بحل الجمعية الوطنية، عقب الفوز الملحوظ لحزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، إلى تحويل الأزمة السياسية إلى أزمة نظام.

مفارقة المفارقات
كتب كيغر في مجلة «سبكتيتور» أنه في أعقاب إعادة انتخاب ماكرون عام 2022 من دون أغلبية فاعلة، دخلت فرنسا أزمة بطيئة التبلور. وتستمر التداعيات بتلويث الحياة السياسية في البلاد. فبعد الزوال المؤلم للحزب الاشتراكي، شهدت فرنسا الثلاثاء انهيار الحزب الجمهوري، أي «الديغوليين»، الذين أعطوا فرنسا المؤسسات المستقرة حتى الآن مثل الجمهورية الخامسة إضافة إلى 4 رؤساء.
فقد كسر زعيمه إريك سيوتي المحرمات المتمثلة بعدم التواطؤ مع «اليمين المتطرف»، من خلال إبرام اتفاق مع التجمع الوطني، الأمر الذي أغضب هرمية الحزب، لكن ليس القاعدة الشعبية. (اللجنة السياسية للجمهوريين فصلت لاحقاً سيوتي من الحزب، لكنه رفض التخلي عن منصبه).
إن التأثير المعزز للاستقرار الذي خلّفه التناوب بين الحزبين الديغولي والاشتراكي التاريخي قد يُدفَن فعلاً، وبقوة، بحلول الجولة الثانية من الانتخابات المبكرة في السابع من يوليو (تموز). شهدت الانتخابات الأوروبية الإدلاء بما يفوق 50% من الأصوات للأحزاب غير التقليدية التي صنفها ماكرون بـ «المتطرفة». ومن المفارقات أنه في الذكرى الخامسة والستين للجمهورية الخامسة، ستكون فرنسا قد عادت إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والركود، التي شهدتها الجمهورية الرابعة.

آخر الأرقام
أظهر استطلاع أجرته مؤسسة «هاريس إنتراكتيف»، الثلاثاء، أن التجمع الوطني حصل على 34%، فيما احتل الاتحاد الإيكولوجي والاجتماعي الشعبي الجديد (نوب) بصيغته الأوسع، «الجبهة الشعبية»، المركز الثاني بنسبة 22%. وحل تجمع ماكرون الوسطي في المركز الثالث بنسبة 19%. في الحالة الأصعب، يمكن أن يترجم ذلك إلى أغلبية مطلقة من مقاعد لحزب التجمع الوطني، بالنظر إلى التأثير المضاعف لنظام التصويت بالأغلبية على جولتين للفائزين. احتل التجمع الوطني المرتبة الأولى في 96 من أصل 101 مقاطعة فرنسية. وضع تحليل آخر لتوزيع المقاعد حزب التجمع الوطني كأكبر حزب ضمن نطاق واسع من الاحتمالات تصل إلى حصوله على الأغلبية الشاملة. لكن ذلك أتى قبل إعلان سيوتي. في حال حصل التجمع الوطني على الأغلبية المطلقة أو النسبية، سيعين ماكرون جوردان بارديلا رئيساً للوزراء، بالرغم من أن الدستور لا ينص على أن التعيين يتم من الحزب الأكبر، مما يترك المجال أمام ماكرون ليكون أكثر تمرداً على المعتقدات التقليدية.

ما الذي سيحدث في الحالتين؟
في ظل وجود أغلبية فاعلة، سيواجه حزب الجبهة الوطنية صعوبة كبيرة في تنفيذ سياساته المعلنة. لن يكون هذا «تعايشاً» حميداً كما في الماضي. أولاً، ستتطلب السياسة الرئيسية التي ينتهجها حزب التجمع الوطني، والمتمثلة في إجراء استفتاء على الهجرة موافقة رئاسية. وبالنظر إلى معارضة ماكرون المعلنة، إن نجاح هذه الخطوة شبه مستحيل. السياسة الخارجية والدفاعية هي من الامتيازات الرئاسية، وبالتالي ستتعثر سياسة التجمع الوطني بشأن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. سيتعين على حكومة بارديلا أن تقنع بالسياسات الداخلية المتعلقة بالقانون والنظام، ولا سيما إعادة المهاجرين غير الشرعيين، بالرغم من أن ذلك يحمل بعداً في السياسة الخارجية. 

 

 

 

ودون أغلبية عاملة، ستكون الصورة أقرب إلى حالة من الجمود والفوضى البرلمانية على غرار العامين الماضيين، ولكنها أسوأ بكثير مع نوب-2 متحمسة في الجمعية الوطنية. ومن المرجح أن يكون المشهد عبارة عن طلبات سحب ثقة متكررة، حيث من المرجح أن تلجأ الحكومة إلى استخدام المادة 49.3 الدستورية للضغط من أجل تمرير التشريعات بدون تصويت. أعظم هذه التشريعات ستكون الموازنة. قدّر معهد مونتين كلفة إصلاحات حزب الجبهة الوطنية بنحو 100 مليار يورو، وأغلبها غير ممول حتى الآن، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع ديون فرنسا الهائلة.
ستكون نتيجة أي من السيناريوهين حالة من الذعر في الأسواق المالية والتي شهدتها الثلاثاء مع عمليات بيع الديون الفرنسية واتساع «فروق الأسعار» الفرنسية. شهدت البورصة الفرنسية خسائر واعترف مجتمع الأعمال الكبير والصغير في فرنسا بقلقه، في حين ذكر أنه يفضل بالرغم من ذلك حكومة التجمع الوطني على «الجبهة الشعبية» اليسارية.

المشكلة في ماكرون
بدأ الذعر ينتاب حتى أنصار ماكرون بشأن القرار الذي اتخذه رئيسهم بحل الحكومة. وبدأ كثر، بصوت منخفض، الإشارة إلى أنه هو المشكلة، من خلال اشتراط عدم ظهور صورته على الملصقات الانتخابية في دوائرهم الانتخابية.
بحسب كيغر، تقف فرنسا على مفترق طرق سياسي ومؤسسي ومالي ونفسي. إن اليقينيات التي حافظت على تماسك المجتمع الفرنسي لأربعة أجيال بدأت تختفي. ما سيبدو عليه الأمر في السنوات القادمة هو لغز.

 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot