مع تصاعد التوتر بين الصين والغرب

هل ستندلع الحرب العالمية الثالثة في تايوان...؟

هل ستندلع الحرب العالمية الثالثة في تايوان...؟

-- إذا قررت الصين شن هجوم، عليها أن تكون متأكدة تمامًا من الانتصار وإلا فإنها ستتعرض لخطر مزدوج
-- تشكيل تحالف مع روسيا ليس الخيار الأفضل الذي يمكن أن تتخذه الصين
-- حتى تنتصر في هذه الحرب، لن يكون أمام القوات الصينية خيار آخر سوى الحرب الخاطفة
-- شن هجوم مباشر على تايوان، سيدفع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا إلى تنسيق ردهم
-- رغم حظر دستورها استخدام القوة المسلحة لتسوية نزاعاتها الدولية، فإن اليابان ستنجر إلى الحرب


   مع تصاعد التوترات بين الصين والعالم الغربي، يطرح السؤال بشكل متزايد: هل ستندلع حرب عالمية ثالثة في تايوان؟ لقد أصبح الأرخبيل في الأشهر الأخيرة نقطة محورية في المواجهة المتزايدة بين بكين وواشنطن.
 
  ربما لا نزال بعيدين عن هذا الموعد، ومن الذي يريد أن يحدث ذلك في كل الأحوال؟ إذا قررت السلطات الصينية شن هجوم، فسيتعين عليها أن تكون متأكدة تمامًا من الانتصار في هذه الحرب، وإلا فإنها ستتعرض لخطر مزدوج يتمثل في الوقوع في الفخ الذي نصبته لنفسها، والتسبب في انهيار شبه مؤكد للنظام.

   جاءت أخطر حالة تأهب في 23 مارس، عندما قال الأدميرال جون كويلينو، قائد القوات الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، خلال جلسة استماع في لجنة الشؤون العسكرية بمجلس الشيوخ: ربما تشن الصين هجومًا ضد تايوان “في وقت أبكر بكثير مما يتوقّعه معظمنا... نحن بحاجة إلى أن نأخذ ذلك في الحسبان، وأن نبني قدرات ردع قصيرة المدى مع الشعور بضغط الحاجة. «
   وإلى أن يُتّخذ القرار في يوم ما، يستعد جيش التحرير الشعبي منذ فترة طويلة -وبشكل نشط -لهذا الاحتمال. نحن نعلم، على وجه اليقين، أن الجنود الصينيين يقومون بمحاكاة الغزو على نسخ طبق الأصل من أهداف حقيقية من أجل الاستعداد لليوم الموعود.

   وحتى يأملوا الانتصار في هذه الحرب، لن يكون أمام القوات الصينية خيار آخر سوى الحرب الخاطفة، حيث يلعب تأثير المفاجأة في شل أي رد فعل للجيش التايواني في أقل من ثلاثة أيام. بعد ذلك الوقت، سيكون لدى الأسطول السابع للولايات المتحدة الوقت لتنظيم هجوم مضاد، وربما تخسر بكين حينها الحرب. وفي اقل من ذلك ستواجه أمريكا أمرًا واقعًا لا تستطيع امامه أن تفعل الكثير.

زيادة الميزانية العسكرية الصينية و “الاستعداد القتالي»
   في 5 مارس، أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، عن ميزانية عسكرية قدرها 1.355 مليار يوان (260 مليار دولار) لعام 2021، بزيادة 6 فاصل 8 بالمائة عن عام 2020. هذه الميزانية، نمت بشكل مطرد في السنوات الأخيرة. إنها بالتأكيد بعيدة جدًا عن الميزانية العسكرية الأمريكية (934 مليار دولار لعام 2021، أكثر من جميع الميزانيات العسكرية في العالم مجتمعة)، لكنها تحتل المرتبة الثانية في العالم. وأوضح رئيس الحكومة الصينية خلال خطابه الافتتاحي في الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني: أن هذه الميزانية ستسمح لجيش التحرير الشعبي “بتعزيز قدراته القتالية».

   في 9 مارس، أكد الرئيس شي جين بينغ، وهو أيضًا الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية -وبالتالي قائد القوات المسلحة -أن الصين تواجه “وضعًا أمنيًا غير مستقر وغير مؤكد”. و”يجب على الجيش ككل تنسيق جهوده لضمان الاستعداد القتالي، حتى يكون جاهزا للرد على مجموعة متنوعة من المواقف الصعبة والمعقدة في أي وقت؛ لحماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية، من أجل تقديم دعم قوي لبناء دولة اشتراكية حديثة. «

   وبالمقارنة، تبلغ الميزانية العسكرية للصين ستة عشر ضعفًا ميزانية تايوان، والتي تبلغ 13.2 مليار دولار، بزيادة 4 بالمائة على أساس سنوي. علاوة على ذلك، يرى الخبراء، أن هذه الميزانية الرسمية أقل بكثير من النفقات الفعلية: فهي لا تأخذ في الاعتبار، على وجه الخصوص، تكلفة الابحاث عن الأسلحة الجديدة.

   إذن، لماذا هذه الميزانية؟ هل الصين مهددة بغزو أجنبي وشيك أو بعيد؟ من الواضح : لا. هل  ثم من يهاجم تايوان في يوم ما؟ هل سينتهي الأمر بأخوة الدم الصينيين بأن يتقاتلوا؟ لذلك أخشى أن شي جين بينغ، عندما يواجه موجة غضب منظمة في بلاده، قد يقرر شن هجوم على تايوان، في عمل يائس لتحويل الوجهة، ومحاولة استخدام المشاعر القومية في بلاده لاستعادة الوحدة الوطنية من حوله.

كيف يمكن تدويل الصراع
    لكن يبدو أن هناك شيئًا واحدًا مؤكدًا: إذا اندلع مثل هذا النزاع المسلح يومًا ما، فسيتم تدويله. يبدو من المؤكد أن جيش التحرير الشعبي سيأخذ كأهداف ذات أولوية القواعد العسكرية الأمريكية المثبتة على الأراضي اليابانية. وحتى إذا كان الدستور الياباني السلمي يحظر على طوكيو استخدام القوة المسلحة لتسوية نزاعاتها الدولية، فإن اليابان، سواء شاءت أم أبت، ستنجر إلى الحرب.
    في الأسبوع من 15 إلى 21 مارس، اتفق وزيرا الدفاع الياباني والأمريكي على ضمان التعاون الوثيق إذا قررت بكين شن هجوم على تايوان، حسبما ذكرت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست.

   و”إذا قررت بكين مهاجمة تايوان، فسيتعين على جنرالات جيش التحرير الشعبي اتخاذ قرار بإطلاق العديد من الصواريخ على القواعد الأمريكية في أوكيناوا وبقية الأراضي اليابانية، نظرًا لأن للولايات المتحدة هناك أقوى قواتها للتدخل وتكبيد القوات الصينية خسائر”، يؤكد تيموثي هيث، الخبير في المسائل الأمنية لمركز الأبحاث الأمريكي راند، نقلاً عن صحيفة هونغ كونغ اليومية.    تمتلك الولايات المتحدة ما مجموعه 23 قاعدة عسكرية على الأراضي اليابانية، منها على وجه الخصوص قاعدة كادينا الجوية في أوكيناوا، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المحيطين الهندي والهادئ. وتقلع معظم طائرات المراقبة الأمريكية التي تقوم بدوريات في المنطقة من كادينا.

   بالنسبة لمالكولم ديفيس، محلل مختص في استراتيجية الدفاع في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، من المحتمل أيضًا أن تنجر أستراليا إلى الصراع، والذي سيتصاعد بعد ذلك بشكل لا يمكن السيطرة عليه. “إذا تم تجاهل جميع جهود الردع، وإذا كانت الصين ستنغمس في الاستفزازات داخل” المنطقة الرمادية “-في المنطقة المجاورة مباشرة لتايوان- وفي أسوأ الحالات، شن هجوم مباشر على تايوان، فان الولايات المتحدة واليابان وأستراليا سيجبرون على تنسيق ردهم “، كما يؤكد.

   يبقى أن نرى كيف سيكون رد فعل روسيا، التي اقتربت بشكل كبير من الصين في الأشهر الأخيرة. غير أن المحللين يتفقون على أن التحالف العسكري الصيني الروسي لا يزال بعيد الاحتمال. “لا شك في أن البلدين اقتربا أكثر تحت ضغط الولايات المتحدة، لكن لا تزال هناك خلافات أكثر من المصالح المشتركة بينهما”، يقول تشنغ ييجون، المتخصص في العلاقات الصينية الروسية في أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، إن تشكيل تحالف مع روسيا ليس الخيار الأفضل الذي يمكن أن تتخذه الصين. «

مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب.