على غرار إليزابيث الثانية:

هل سيكون الملك تشارلز الثالث دبلوماسيًا جيدًا...؟

هل سيكون الملك تشارلز الثالث دبلوماسيًا جيدًا...؟

-- تتجاوز القوة الناعمة البريطانية الثقل الذي يمكن أن تتمتع به الدولة اقتصاديًا أو سياسيًا
-- تشارلز الثالث «أقل مرونة من حيث الاستخدام السياسي»
-- وليام وكيت، شخصيتان بارزتان في القوة البريطانية الناعمة


   حظيت إليزابيث الثانية بتقدير كبير في جميع أنحاء العالم، وكان لها دور مهم تلعبه في القوة البريطانية الناعمة، ولا سيما بفضل نفوذها الدبلوماسي. ومطلوب من تشارلز الثالث الآن مواصلة عمل والدته الراحلة، على الرغم من قلة شعبيته وشخصيته الأكثر حزمًا. كل ذلك في وقت صعب بالنسبة للمملكة المتحدة.
  تركت الصورة انطباعًا: صورة إليزابيث الثانية، عام 1961، وهي ترقص على شكل ثعلب مع الرئيس الغاني كوامي نكروما.ولئن، بعد سنوات، قد يبدو المشهد روائيًا، فقد كان لهذا الحدث عواقب كبيرة على مستقبل الكومنولث، وساهم في انضمام غانا إلى المنظمة الحكومية الدولية على الرغم من إعلان جمهوريتها عام 1960.

   لقد عرفت إليزابيث العديد من اللحظات مثل هذه: أزمات سياسية أو اجتماعية، كانت المملكة المتحدة متورطة فيها، حيث أتاح وجود الملكة الراحلة امكانية تخفيف التوترات. لأنه على الرغم من دورها كملكة، الأمر الذي يتطلب منها الحياد السياسي، إلا أن إليزابيث الثانية، التي تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، كانت رصيدًا ممتازًا للقوة الدبلوماسية الناعمة للبلاد. وبعد وفاتها، أصبح الملك تشارلز الثالث الآن هو الذي يجسد الدبلوماسية البريطانية.

   وإذا كان الوقت مبكرًا “لمعرفة ما سيحدث حول شخص هذا الملك الجديد، فان الناس متفقون على أنه أقل تأثيرا وابهارًا من شخصية إليزابيث الثانية”، تحلّل شارلوت جولد، أستاذة الحضارة البريطانية في جامعة باريس نانتير.    «استطاعت الملكة إليزابيث أن تلعب دورًا سياسيًا للغاية في القرن العشرين: فقد اعتلت العرش في سن مبكرة جدًا، عام 1952، في لحظة مهمة جدًا في التاريخ. وكان رئيس وزرائها تشرشل، لذلك تم نصحها أو استخدامها في دورها من قبل هذه الشخصية المهمة جدًا في المملكة المتحدة. وساعدها هذا بلا شك خلال نصف قرن من إنهاء الاستعمار وبناء الكومنولث».

«أقل مرونة»
   على العكس من ذلك، “اعتلى تشارلز الثالث العرش في سن متقدمة بشخصية قوية: لقد سبق ان عبّر عن مواقفه في مواضيع معينة، مثل البيئة.
لا شيء يمكن أن يخلق فضائح سياسية، لكنه شخصية أقل مرونة من حيث الاستخدام الســياسي، حتى لو استمر في العمل الذي قامت به الملكة في المسائل الدبلوماسية أو القوة الناعمة «.
   لأنه على الرغم من الأزمات العديدة التي مرت بها بلدها، “لطالما كانت شخصية إليزابيث الثانية توافقية للغاية”، تشرح الأستاذة التي تتابع: “هذا ما يفسره شبابها، والأبهة والاحتفالية من حولها، ولكن أيضًا الطريقة التي استطاعت بها تجسيد الأمة، من خلال حقيقة أنها لم تتحدث عن قضايا سياسية حساسة ولكن تم استخدامها أيضًا بشكل جيد من قبل الحكومات البريطانية المختلفة، على سبيل المثال، خلال أزمة قناة السويس عام 1956.
   بالنسبة لتشارلز الثالث، يمكن أن تكون الأمور أكثر تعقيدًا، بسبب الصعوبات في إيرلندا الشمالية أو اسكتلندا أو ويلز، حيث تأخذ حركات الاستقلال مساحة أكبر وأكثر. وقد تحاول بعض دول الكومنولث أيضًا أن تنأى بنفسها عن التاج البريطاني.
   هناك حركات احتجاجية كبيرة داخل المملكة المتحدة على موقف العائلة المالكة من المستعمرات السابقة. وفي حالة الكومنولث، كان هناك الكثير من الحديث عن الحركات الجمهورية التي يمكن أن تحدث خلال هذه اللحظة الانتقالية، حتى لو قرر مختلف رؤساء الدول أن تشارلز سيبقى على رأس المنظمة بعد “وفاة والدته”، تقول شارلوت جولد.

دور لوليام وكيت
   انها لحظة انتقالية بالغة الأهمية للملك الجديد. “الاحتفالية المثيرة التي نراها في الوقت الحالي في المملكة المتحدة لجنازة إليزابيث الثانية هي أيضًا طريقة لتنصيب تشارلز الثالث بشكل فعال على العرش، بحيث يصبح التجسيد الجديد للبلاد”، تشير أستاذة الحضارة البريطانية. “إنها مهمة طويلة، لكن مشاهد مثل الملك مرتديًا التنورة الإسكتلندية في إدنبرة في جنازة والدته تساعد في تثبيته كشخصية إجماع جديدة».
   وسيكون لأمير وأميرة ويلز الجديدان وليام وكيت، اللذان يتمتعان بشعبية كبيرة، دورًا رئيسيًا على المستوى الدبلوماسي. و”تظل العائلة المالكة قوة للقوة الناعمة البريطانية حتى لو لم تعتمد حصريًا على شخصية تشارلز. وحتى ان كان الملك يريد نظامًا ملكيًا مخففا، فسيظل يعتمد على أفراد الأسرة الآخرين».
   لئن لن يحظى تشارلز الثالث على الإطلاق بشعبية مثل الملكة إليزابيث الثانية، فالمؤكد بالنسبة لشارلوت جولد: “القوة الناعمة البريطانية قوية للغاية وربما تتجاوز الوزن الذي يمكن أن تتمتع به الدولة اقتصاديًا أو سياسيًا.
وهذا بفضل الشخصيات الملكية المعروفة جدا. وفي هذا علامة على أن النفوذ الدبلوماسي لآل وندسور سيستمر على الرغم من اختفاء إليزابيث الثانية.