هل يحوّل ترامب إخفاق أوباما مع إيران إلى نجاح؟
عام 2016، ترشح دونالد ترامب للرئاسة وضغط للحصول على تفاصيل حول كيفية تعامله مع بعض أكثر قضايا الأمن تعقيداً في العالم، وكان لديه آنذاك صيغة بسيطة لتقليص نفوذ البرنامج النووي الإيراني، وقال إنه كان ينبغي لفريق باراك أوباما التفاوضي أن ينهض عن الطاولة ويغادر غاضباً، وكان الإيرانيون سيأتون «متوسلين».
وقال ترامب لمراسلين من صحيفة نيويورك تايمز: «إنه اتفاق كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير لو انسحبوا منه مرتين، لقد تفاوضوا بشكل سيئ للغاية».
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز»: «الآن، بعدما أصبح الإيرانيون أقرب بكثير إلى القدرة على إنتاج سلاح مما كانوا عليه عندما تم التفاوض على الاتفاق الأخير - ويرجع ذلك جزئياً إلى أن ترامب نفسه قلب الاتفاق رأساً على عقب في عام 2018، لدى الرئيس فرصته لإظهار كيف كان ينبغي القيام بذلك».
حتى الآن، تبدو الفجوة بين الجانبين هائلة. يبدو أن الإيرانيين يبحثون عن نسخة محدثة من الاتفاق النووي الذي وُقّع في عهد أوباما، والذي حدّ من مخزونات إيران من المواد النووية، بينما يريد الأمريكيون تفكيك البنية التحتية الضخمة لتخصيب الوقود النووي، وبرنامج الصواريخ الإيراني، ودعم طهران طويل الأمد لحماس وحزب الله وقوى أخرى بالوكالة. قالت السيناتور جين شاهين من نيو هامبشاير، وهي أكبر ديمقراطية في لجنة العلاقات الخارجية، والتي وصفت قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني بأنه «خطأ فادح»: «من الضروري أن نتوصل إلى اتفاق بسرعة، يتقدم البرنامج النووي الإيراني كل يوم، ومع اقتراب انتهاء صلاحية عقوبات «سناب باك»، فإننا معرضون لخطر فقدان إحدى أهم نقاط نفوذنا».
يذكر أن عقوبات «سناب باك» تنص على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران بسرعة. من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في 18 أكتوبر-تشرين الأول.
ويتزايد الضغط على ترامب للتوصل إلى اتفاق أشد صرامة على إيران مما تم الاتفاق عليه في عهد إدارة أوباما، والذي سيكون معياراً لتحديد ما إذا كان الرئيس الأمريكي قد حقق أهدافه. ولزيادة الضغط، تُهدد إدارته بالفعل بإمكانية شن ضربات عسكرية إذا لم تسر المحادثات على ما يرام، مع أنها تُبقي على الغموض حول ما إذا كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل أو قوة مشتركة ستنفذ تلك الضربات.
وحذرت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، يوم الثلاثاء، من أن الإيرانيين سيدفعون ثمناً باهظاً إذا لم يتفاوضوا مع ترامب.
قال السيناتور جيم ريش، الجمهوري عن ولاية أيداهو ورئيس لجنة العلاقات الخارجية: «سيُفاجأ الإيرانيون عندما يكتشفون أنهم لا يتعاملون مع باراك أوباما أو جون كيري (وزير الخارجية الأسبق). هذه لعبة مختلفة تماماً».
السؤال الأول
وتبدأ المفاوضات، يوم السبت، بقيادة ستيف ويتكوف، صديق الرئيس وزميله في مجال التطوير العقاري في نيويورك.
ولا يتمتع ويتكوف بأي خبرة معروفة في تكنولوجيا تخصيب الوقود النووي المعقدة، أو في الخطوات العديدة لصنع القنبلة النووية. السؤال الأول الذي سيواجهه هو نطاق المفاوضات. لقد تناولت الصفقة التي أُبرمت في عهد أوباما البرنامج النووي فقط، ولم تتطرق إلى برنامج الصواريخ الإيراني - الذي كان يخضع لقيود منفصلة من الأمم المتحدة، والتي تجاهلتها طهران - أو دعمها للإرهاب.
وقال مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، إن أي اتفاق جديد مع إدارة ترامب يجب أن يتناول كل شيء، وإن المنشآت النووية الإيرانية الضخمة يجب تفكيكها بالكامل، وليس مجرد تركها تعمل ببطء شديد كما حدث في اتفاق 2015.
وقال في برنامج «واجه الأمة»، على قناة سي بي إس في مارس -آذار: «على إيران أن تتخلى عن برنامجها بطريقة يراها العالم أجمع». وتحدث عن «التفكيك الكامل»، وهو وضع من شأنه أن يترك إيران بلا دفاعات إلى حد كبير: لا صواريخ، ولا قوات بالوكالة، ولا طريق إلى قنبلة نووية. ويوم الإثنين، صرح ترامب بأن المحادثات مع إيران ستكون «مباشرة»، أي أن المفاوضين الأمريكيين سيتفاعلون مع نظرائهم الإيرانيين. لكن حتى الآن، لدى الإيرانيين رواية مختلفة: فقد نشر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مقالًا في صحيفة «واشنطن بوست» يوم الثلاثاء، قال فيه إن بلاده «مستعدة لمفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة». وأفاد أن على الولايات المتحدة أولًا أن تتعهد بسحب الخيار العسكري ضد إيران من على الطاولة.قال جيم والش، الباحث المشارك في برنامج الدراسات الأمنية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «من الواضح أنهم يقولون إنهم يريدون التحدث، ولكن هناك مفاوضات، ثم هناك استسلام. هل هذه قائمة مطالب أم سنتعرض لهجوم؟ هذا لن ينجح».
تنطوي بيئة التفاوض على مخاطر أعلى مما كانت عليه خلال إدارة أوباما. لقد تقدم البرنامج النووي الإيراني منذ أن انسحب ترامب من الاتفاق السابق، واليوم تنتج إيران يورانيوم مخصباً بنسبة نقاء 60%، أي أقل بقليل من درجة صنع القنبلة. وقد خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أن إيران تستكشف نهجاً أسرع، وإن كان أكثر بدائية، لتطوير سلاح ذري قد يستغرق شهوراً، بدلاً من عام أو عامين، إذا قررت قيادتها التسابق على امتلاك قنبلة.
ولكن من نواحٍ أخرى، فإن موقف إيران التفاوضي أضعف. ودمرت إسرائيل جميع الدفاعات الجوية الإيرانية تقريباً التي تحمي منشآتها النووية في أكتوبر -تشرين الأول. كما أن وكلاء إيران الإقليميين، حزب الله وحماس، ضعفوا بشكل كبير، وأصبحوا غير قادرين على تهديد إسرائيل بالرد، في حال تعرضت المنشآت الإيرانية لهجوم.