الانتخابات الرئاسية في كولومبيا:

هل يخطف رودولفو هيرنانديز، الجبن من فم اليسار...؟

هل يخطف رودولفو هيرنانديز، الجبن من فم اليسار...؟

-- نصر غوستافو بيترو المعلن لم يعد جليا، حيث أن نتيجة «ترامب الكولومبي» تعيد خلط الأوراق
-- رسالة هيرنانديز مفهومة جيدًا إذ تــم التعبيـر عنهــا ببســاطة
-- مثل ترامب، يضاعف رودولفو هيـرنـانـديـز الاســتفزازات
-- نجاح هذا المنافس الأقل حظا، يؤكد رفض الأحزاب التقليدية


   يبدو الانتصار الرئاسي للمقاتل السابق غوستافو بيترو مؤكدًا، غير أن الشعبوي رودولفو هيرنانديز قد يغيّر قواعد اللعبة.    تعرف كل كولومبيا مطبخ منزله في بوكارامانغا، شمال شرق كولومبيا. لأنه من طاولة العائلة قاد رودولفو هيرنانديز جزءًا كبيرًا من حملته الانتخابية. ومن هناك أيضًا، بقميص بولو أصفر على الأكتاف، ألقى المرشح المتشدد خطاب فوزه القصير “أربع دقائق” بعد أن حل في المركز الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، الأحد، 29 مايو.

 “نحن نعرف الآن إرادة المواطنين لإنهاء الفساد كنظام حكم، أكد المرشح غير المتوقع على فيسبوك، اليوم، الجماعات التي كانت تعتقد في سلطتها الأبدية، قد خسرت.»    تأهل إلى الدور الثاني على حساب المنافس اليميني فيديريكو جوتيريز (في المركز الثالث)، أحبط المرشح المستقل، 77 عامًا، جميع التوقعات. وكان قد تحصل على 19 بالمائة من نوايا التصويت قبل أسبوع واحد من الانتخابات، ليفوز أخيرًا بنسبة 28 بالمائة. وها هو مستعد لإعادة نفس السيناريو يوم 19 يونيو لجوستافو بيترو، المرشح اليساري الذي احتل الصدارة “40 بالمائة”، والذي يظل المرشح الاوفر حظا. لكن بالنسبة إلى هذا الأخير، فإن النصر المعلن لم يعد جليا، حيث أن نتيجة “ترامب الكولومبي” تعيد خلط الأوراق.

سلاح الاستفزاز
   مليونير، جمع ثروته في بناء المساكن الاجتماعية في التسعينات، موّل رودولفو هيرنانديز حملته بأمواله الخاصة. أصيل بوكارامانغا “600 ألف نسمة” وعمدتها من 2015 إلى 2019، “الإنجينييرو” “المهندس”، كما يُدعى في كولومبيا، يرفض أي انتماء، وقد أقسم على إزاحة الأحزاب التقليدية من السلطة.
   «في نظر الناخبين، إنه يجسد رئيس مؤسسة مجتهد وصريح ونزيه، بعيدًا عن الصورة المتدهورة للنخب السياسية”، تلاحظ باولا مونتيلا، أستاذة العلوم السياسية في جامعة إكسترنادو دي كولومبيا”. ميزة المرشح؟ لسانه ليس في جيبه. لا يتردد على تيك توك وفيسبوك، قنوات التعبير المفضلة لديه، في نعت خصومه بأنهم “أوغاد” أو “لصوص”. إن لغته العامية، وحتى الفظة، تُسعد الناخبين الذين يسخرون، كما يشعرون بخيبة أمل، من الطبقة السياسية التي يرونها فاسدة.

«رسالته مفهومة»
   مثل الرئيس الأمريكي السابق، يضاعف رودولفو هيرنانديز الاستفزازات. ففي مقابلة مع راديو” ار سي ان” عام 2016، قال إنه معجب بهتلر ... قبل ان يصحّح الوضع بعد ست سنوات. ويؤكد اليوم أنه قد خلط بينه وبين ألبرت أينشتاين!
   عام 2018، فرقعة اخرى: في قلب مجلس بلدي، صفع رئيس البلدية مسؤولاً منتخبًا اتهمه بالفساد.
   وفي الآونة الأخيرة، في 31 مايو، أثار هذا الذكوري المعلن حفيظة النسويات وجزع خصومه من خلال التأكيد على أن: “المثل الأعلى هو أن تتفرّغ النساء لتربية الأطفال”. ولئن وعد المرشح مطولاً بمحاربة الفساد، فإنه هو نفسه يُستدعى إلى المحكمة في قضية عقود عامة مُنحت لأفراد من عائلته، عندما كان رئيساً للبلدية.
   هذه المغامرات، لا تمنع “الإنجينييرو” من اكتساب شعبية. “رسالته مفهومة جيدًا من قبل الناخبين لأنه يعبر عن نفسه بطريقة بسيطة ومباشرة، من خلال تصوير نفسه بهاتفه من صالونه أو من مطبخه”، تتابع أستاذة العلوم السياسية باولا مونتيلا، التي ترى ان “نجاح هذا المنافس الأقل حظا، يؤكد رفض الأحزاب التقليدية”. لكن أين يصنّف في الطيف السياسي؟ من الصعب الجزم. غالبًا ما يصنف بين الوسط واليمين، فهو يعد بإلغاء بعض الضرائب، ولكن أيضًا بإضفاء الشرعية على الماريجوانا، وكشعبوي جيد، بالتخلي عن راتبه كرئيس.
   أما اليسار فهو قلق من نقل الاصوات في الجولة الثانية. “كنت أفضل أن يواجه غوستافو بيترو، جوتيريز، يقول بعد النتائج مباشرة، ناشط مؤيد لبترو. ناخبو جوتيريز يكرهون بيترو وسيصوتون رودولفو لمنع اليسار من الفوز”، يخشى كثيرون. في الواقع، سبق للمرشح اليميني أن طلب من مؤيديه الانضمام إلى المرشح المشاكس. يزن الاثنان معًا 52 بالمائة، وهذا يكفي لإزعاج اليسار الذي، لأول مرة في تاريخ كولومبيا، على وشك تولي الرئاسة.