هل يفضل كيم عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية؟

هل يفضل كيم عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية؟

هل يمكن لدونالد ترامب، في حال فوزه مجدداً بالبيت الأبيض، أن يتوقع «رسالة جميلة» أخرى من زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون؟
 على هذا السؤال، أجاب محلل شؤون شرق آسيا خانغ فو الذي أشار إلى العلاقة الودية التي جمعت ترامب وكيم في القمم الثنائية، أولاً في سنغافورة ثم في هانوي، إضافة إلى تبادلهما المصافحة في المنطقة المنزوعة السلاح.
مع ذلك، وبالرغم من كل الضجة التي شهدتها تلك الحقبة غير المسبوقة من الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لم تشهد النتيجة سوى القليل من التغيير المادي، وفي حين احترمت كوريا الشمالية قرارها بوقف التجارب النووية، تستمر قدراتها التسلحية بالنمو. في موقع «ذا إنتربريتر» الأسترالي، كتب خانغ كيف أنه لفت قبل ثلاثة أعوام إلى أن كيم سيفتقد ترامب في حال خسارته الانتخابات أمام جو بايدن، لقد تلاشى الزخم الدبلوماسي الذي أسسه ترامب مع كيم، حيث لم يسعَ بايدن إلى مبادرات جديدة.
 
ولجأ الزعيم الكوري الشمالي إلى أصدقاء آخرين، في يوليو -تموز 2021، قامت كوريا الشمالية والصين بتطبيع العلاقات الثنائية من خلال تمديد معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة لسنة 1961 لمدة 20 عاماً آخر، وتواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع كيم للحصول على الذخائر في أعقاب غزو أوكرانيا، واحتفلت روسيا وكوريا الشمالية كما كانت الحال أيام الاتحاد السوفييتي القديمة.
إن صداقة كيم الجديدة في بكين وموسكو أكسبته موافقة ضمنية على برنامجيه النووي والصاروخي، وأصبحت كوريا الشمالية الآن واثقة بما يكفي لمحاكاة «ضربة نووية تكتيكية» على كوريا الجنوبية، وإطلاق قمر اصطناعي للاستطلاع عبر استخدام تكنولوجيا الصواريخ البعيدة المدى وإنهاء الاتفاق العسكري لسنة 2018 مع كوريا الجنوبية، وهي ستعيد قريباً عسكرة الحدود بين الكوريتين.
 
يمكن لعودة ترامب إلى البيت الأبيض أن توفر فوائد عدة لكيم. إذ من المرجح أن يمارس ترامب المزيد من الضغوط على كوريا الجنوبية للمساهمة بشكل أكبر في التحالف والتهديد بتقليص الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وفي الوقت نفسه، ترامب هو مجرد نوع من الشخصيات التي ترغب بإحياء الدبلوماسية الشخصية مع كيم، بهدف التفوق على سياسة بايدن الباهتة تجاه كوريا الشمالية.
مع ذلك، لن يجد ترامب أنه من السهل الخوض في النهر نفسه مرتين، لأن النهج الذي يتبعه الرئيس الكوري الجنوبي الحالي يون سوك يول في التعامل مع كوريا الشمالية، يختلف تماماً عن نهج سلفه الليبيرالي مون جاي إن. كانت إنجازات ترامب الدبلوماسية مع كيم نتيجة لجهود مون المتواصلة لتحسين العلاقات بين الكوريتين، كما بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من خلال مبادراته الخاصة ودبلوماسيته المكوكية. أضاف مون الجوهر إلى دبلوماسية ترامب وكيم، عندما كافح من أجل التغلب على خلافاتهما بشأن الدبلوماسية النووية في إعلان سنغافورة الفضفاض لسنة 2018، كما أنقذ العلاقة الودية بين ترامب وكيم بعد قمة هانوي الفاشلة سنة 2019 من خلال اجتماع «تاريخي» في بانمونجوم على الحدود بين كوريا الجنوبية والشمالية، لقد بذل مون قصارى جهده للحفاظ على التواصل مع كوريا الشمالية بعد انتخاب بايدن وتجنب كيم الدبلوماسية تماماً.
في المقابل، تعمل سياسة يون المتشددة تجاه كوريا الشمالية على تقليص احتمالات الانخراط بين الكوريتين، يريد يون ردع كوريا الشمالية من خلال القوة، وليس من خلال السلام، على هذا النحو، من غير المرجح أن يأخذ زمام المبادرة لتحريك الحوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أو يخاطر بتحمل اللوم كما فعل مون.
 
الذكريات الجميلة
 لن تحل الخلافات
يفهم كيم جيداً الاختلافات بين مون ويون، ولم يهدر الزعيم الكوري الشمالي أي وقت للتعبير عن انزعاجه بعد انتخاب يون رئيساً لكوريا الجنوبية من خلال انتهاك الوقف الموقت لاختبار الصواريخ الطويلة المدى في مارس -آذار 2022، ومن المرجح أن يعتقد كيم أنه إذا لم يتمكن من التوقيع على اتفاق نووي مع مون الأكثر مرونة، فكيف سيستطيع فعل ذلك مع يون الأكثر تشدداً، حتى لو جلس ترامب مرة أخرى في البيت الأبيض؟
لذلك، إن عودة ترامب لن تعني تلقائياً إحياء دبلوماسية ترامب وكيم، لا يمكن التنبؤ بتصرفات ترامب، إذ أظهر ترامب لكيم أنه على استعداد للانسحاب من أي اتفاق، حتى عندما يقترب من التوقيع عليه، إن ذكريات العلاقة الوطيدة بين ترامب وكيم لن تحل الخلافات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بين ليلة وضحاها.
 
ليس مرشحها
مع الدعم الكبير من روسيا والصين الآن، لا ترى كوريا الشمالية ضرورة للحد من برنامجيها النووي والصاروخي من خلال الدبلوماسية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، لقد أثمرت جهود كيم لتحسين العلاقات مع الصين وروسيا أكثر من الجهود التي بذلها ترامب. إن كوريا الشمالية، بالرغم من كل حساسيتها، تفضل رئيساً أمريكياً يمكن التنبؤ بتصرفاته، وربما لا يكون ترامب «هو المرشح المفضل» لكوريا الشمالية هذه المرة، يختم فو.