رئيس الدولة يؤكد إخلاص أبناء الوطن وتفانيهم جيلاً بعد جيل في خدمته
هل يوشك بوتين على اجتياح مولدافيا؟
كتب الباحث في معهد المشروع الأمريكي داليبور روهاك أن المرء لا يحتاج لأكثر من نظرة إلى لغة جسد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين اجتمع بوزير الدفاع سيرغي شويغو ليستنتج أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا لا تجري وفق المخطط لها، ومع أنها أخبار جيدة، لكن بوتين ربما يتحرك ليقلب الطاولة على مولدافيا.
وذكر روهاك في مجلة "سبكتايتور" كيف دمر انفجاران يوم الثلاثاء برجاً إذاعياً لإعادة بث موجات محطات روسية في ترانسنيستريا، وأوكرانيا.
واستهدف "هجوم إرهابي" وحدة عسكرية قرب عاصمة الجمهورية المعلنة من جانب واحد. وأعقب الحادثان انفجارن سابقان مساء الإثنين بالقرب من وزارة الأمن.
بالنظر إلى أن الخلاف على ترانسنيستريا كان مجمداً منذ عقود، وإلى أن قوات مولدافيا المسلحة غير موجودة تقريباً، فالتفسير الأكثر بداهة لهذه الهجمات هو أنها عملية روسية مزيفة لتهيئة الأرضية لمرحلة مختلفة من جهود بوتين لإحياء الإمبراطورية الروسية.
فجر الروس الجسر الوحيد فوق نهز دنيستر في أوكرانيا الذي يربط المنطقة حول أوديسا بالجزء الصغير من الأراضي الأوكرانية على ساحل البحر الأسود الواقع مباشرة جنوب مولدافيا، سيسمح لهم ذلك بإنزال قوات في منطقة بعيدة عن أوكرانيا ونقلها إلى ترانسنيستريا إما للسيطرة على مولدافيا نفسها أو لاستخدامها في حصار أوديسا، المدينة الساحلية الكبرى في أوكرانيا.
بعد الإخفاق المذهل لروسيا في السيطرة على أوكرانيا ضمن ما كان يفترض أنه تدخل سريع في مواجهة مقاومة قليلة التنظيم، قد يبدو اختيار دولة مستقلة أخرى في شرق أوروبا مقترحاً محفوفاً بالمخاطر.
لكن بالنظر إلى فقر مولدافيا وصغر حجمها وافتقارها للدفاعات الفعالة ووجود قوى مؤثرة موالية لروسيا في البلاد، بالإمكان تماماً تصور عملية يشارك فيها "رجال خضر صغار"، كما في القرم في 2014، يمكن أن تطيح الرئيسة الشابة الموالية للغرب مايا ساندو وغالبيتها البرلمانية من يمين الوسط.
من المثير للاهتمام أنه في الأيام الأولى للغزو، أطلق مظليون روس عمليات غزو متعددة حول أوكرانيا قبل أن تقضي عليهم قوات أوكرانية. تُستخدم الوحدات المظلية بشكل أساسي للسيطرة على الحشود وترهيب المدنيين، أقل من استخدامها في حرب فعلية، وهو ما يوحي أن الكرملين كان يخطط لعملية مشابهة لسحق الاضطراب الأهلي في كازاخستان لإنقاذ نظام قاسم جومارت توكاييف الموالي لموسكو.
اختيار بوتين الهدف الخطأ في أوكرانيا لا يعني أن قواعد اللعبة نفسها لن تكون فعالة مع مولدافيا المفتقرة إلى الدفاعات. منذ 2014، كانت حكومات أوكرانيا المتعاقبة تستعد للحرب الراهنة على قاعدة أنها حتمية. بينما تمزقت السياسة في مولدافيا بين قوى تحن إلى الاتحاد السوفييتي وقوى إصلاحية موالية للغرب لم تنجح في الدفع بإصلاحات سياسية واقتصادية فعالة إلا في السنوات الأخيرة.
سباق مع الزمن.
يرى روهاك أن بوتين يسابق الزمن. تتسبب المقاومة الأوكرانية والاستجابة الغربية في كلفة اقتصادية وسياسية باهظة على موسكو، تتجاوز بكثير أي شيء خطط له الكرملين.
تشير كل الدلائل إلى أن الرئيس الروسي يريد إعلان الانتصار بحلول 9 مايو (أيار)، ذكرى يوم الانتصار على النازية، عارضاً على أوكرانيا وقف إطلاق النار مع أمل أن تجبر القوى الغربية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قبوله.
يشكل الاستيلاء على مولدافيا وبيسارابيا الأوكرانية المحاذية لرومانيا بداية مثالية لجهود السيطرة على ساحل البحر الأسود في المستقبل.
وعلى عكس المكاسب الإقليمية الضئيلة في أوكرانيا والتي تحققت غالباً على حساب تسوية المراكز الحضرية بالأرض، فإن استيلاء "نظيفاً" على جمهورية سوفييتية أخرى قد يكون نوعاً من الجوائز الرمزية التي قد تعطي بوتين مساحة للتنفس والأمن في الداخل.
ووفق الكاتب، فإنها مقامرة خطيرة لا مقامرة غير معقولة. إن إسقاطها من الحسبان ورفض تزويد مولدافيا بمساعدة عسكرية في اللحظات الأخيرة يمكن أن تساعد في زيادة كلفة هجوم روسي محتمل، سيكون إخفاقاً رهيباً للقدرة على رسم التوقعات. ويأسف الكاتب في الختام لأن ذلك قد لا يكون الإخفاق الأول للقادة الغربيين على الجبهة الشرقية.