أهم دول وسط أفريقيا بوصفها شريكاً أمنياً للولايات المتحدة

وثائق البنتاغون تكشف مخططات روسيا في تشاد

وثائق البنتاغون تكشف مخططات روسيا في تشاد

يزداد المسؤولون الغربيون قلقاً حيال استقرار تشاد، وهي من أهم دول وسط أفريقيا بوصفها شريكاً أمنياً للولايات المتحدة، في منطقة تواجه سيطرة روسية واسعة النطاق والعديد من حركات العصيان، وفق صحيفة “واشنطن بوست».
وأوضح التقرير الذي أعدته راشيل هدسون، مديرة مكتب الصحيفة الأمريكية في غرب أفريقيا، أن تشاد تواجه تهديدات تؤكدها الكثير من تسريبات للوثائق الاستخباراتية الأمريكية التي تصف الجهود الروسية بقيادة مجموعة فاغنر في فبراير (شباط) لتجنيد المتمردين التشاديين وإقامة موقع تدريبي لثلاثمائة مقاتل في جمهورية وسط أفريقيا المجاروة بأنها جزء من “مؤامرة متنامية للإطاحة بالحكومة التشادية».
وتشير تقارير سابقة إلى أن يفغيني بريغوجين ورفاقه ناقشوا الجدول الزمني وإمكانية تدريب المجموعة الأولية من المتمردين في أفاكابا المتاخمة للحدود التشادية، والمسار الذي ستستخدمه المجموعة لنقلهم.
وأسهمت المخاوف الأمنية في إسكات رد فعل الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية تجاه إجراءات القمع المتزايدة في تشاد، لا سيما قتل قوات الأمن أعداداً كبيرة من المتظاهرين السلميين في أكتوبر (تشرين الأول).
 
تسريبات ديسكورد
وتم تسريب العديد من المستندات شديدة السرية على الإنترنت لتكشف معلومات حسّاسة موجهة لقيادات الجيش والمخابرات.
وألقي القبض على جاك تيكسيرا، أحد صغار ضباط الحرس الوطني الجوي بولاية ماساتشوستس الخميس الماضي في إطار تحقيق حول تسريب مئات الصفحات التي تحتوي على معلومات سرية عن الجيش.
 وأفادت “واشنطن بوست” أن الشخص الذي سرب المعلومات شاركها مع مجموعة صغيرة من أصدقائه على الإنترنت عبر منصة ديسكورد للتواصل الاجتماعي!
وتكشف هذه المستندات مخاوف حول مسار الحرب وقدرة كييف على شن هجوم ناجح على القوات الروسية، علاوة على عدم احتمالية عقد مفاوضات لإنهاء الصراع أثناء عام 2023.
كما تبين الملفات ملخصات لمعلومات عن مباحثات عالية المستوى بين قادة العالم ومعلومات عن تقنيات القمر الصناعي المتقدمة التي تستخدمها الولايات المتحدة في التجسس، وكذا عن حلفائها وأعدائها، الذين يشملون إيران وكوريا الشمالية، وبريطانيا، وكندا، وكوريا الجنوبية، وإسرائيل. ولهذه التسريبات عواقب وخيمة على الولايات المتحدة وحلفائها، وفق التقرير.
ويعد الجدل حول مدى إمكانية الدعم الأمريكي لتشاد وتعريضه المصالح الأمنية في أفريقيا للخطر مثالاً على التحديات التي تواجه صناع القرار في الغرب وسعيهم للحصول على الدعم من حكومات الحلفاء وتعزيز القيم الديمقراطية.
ويرى محللون أن الحملة الروسية لبسط سيطرتها في أفريقيا زادت من حدة المخاطر. وفي خطاب شديد اللهجة وجهه السيناتور روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لوزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، أعرب فيه عن قلقه البالغ تجاه عدم وضوح ردة الفعل الأمريكية” نحو أعمال القتل التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) والدعم الأمريكي المستمر للجيش التشادي.
 
مؤامرة للإطاحة
 بحكومة تشاد
تعد الثورات جزءاً لا يتجزأ من تاريخ تشاد التي تضم العشرات من الجماعات العرقية المتناحرة على الحكم. وقمع الرئيس إدريس ديبي العديد من الثورات أثناء ولايته التي بلغت 30 عاماً، مستعيناً في بعض الأحيان بفرنسا التي سبق لها احتلال بلاده، وقد تولى نجله الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو قيادة البلاد منذ عام 2021. لكن ما تغير هو انخراط روسيا التي توسعت في أفريقيا بعد انهيار شعبية فرنسا.
وأفاد دبلوماسي غربي، رفض الكشف عن هويته، أن تشاد تواجه احتمالية حدوث انقلاب عسكري داخلي، بالإضافة إلى تهديدات من الثوار المتمركزين على حدودها مع ليبيا، والسودان، وجمهورية وسط أفريقيا. ولمجموعة فاغنر صلات مع القوات المسلحة أو المليشيات في كل تلك البلاد. وتشير الوثائق المسربة إلى محاولات لتأجيج تمرد في تشاد كجزء من محاولة بريغوجين خلق “تحالف” موحد من الدول الأفريقية بعرض القارة، يشمل بوركينا فاسو، وتشاد، وإريتريا، وغينيا، ومالي، والنيجر، والسودان. وعلى مدى العام الماضي، قام بريغوجين بتسريع بعمليات فاغنر في أفريقيا، مغيّراً منهجه من استغلال الفراغ الأمني إلى تسهيل حدوث القلاقل. وإذ يتآمر الروس على تشاد، تزداد الولايات المتحدة خوفاً على حليف مهم لها.
وتظهر المستندات المسربة أسماء مواطنين تشاديين اثنين أقاما في فندق لدجر بلازا بانجي، حيث استقبلهما رامو كلود بيرو وزير دفاع جمهورية أفريقيا الوسطى، التي ما زالت على تواصل مع فاغنر منذ عام 2018.
 
وما زال هذان الاثنان يعملان مع حكومة أفريقيا الوسطى لإقناع المتمردين، لا سيما متمردي جنوب تشاد، للعمل مع فاغنر.
وصرح وزير الاتصالات التشادي عزيز محمد صالح أن العديد من الشباب التشاديين قد انضموا لفاغنر في جمهورية أفريفيا الوسطى. وقال صالح إن بلاده ليس لديها مشكلة مع روسيا، لكنها لن تقبل تدخل فاغنر في سياستها الداخلية. غير أن وزير اتصالات أفريقيا الوسطى لم يرد على هذه التصريحات.
وفي فبراير (شباط) أفادت “وول ستريت جورنال” أن الولايات المتحدة شاركت معلومات مع السلطات التشادية تشير إلى أن فاغنر تخطط لاغتيال ديبي.
وازداد التوتر حين نزل الآلاف من المتظاهرين المناصرين للديمقراطية للشوارع في 20 أكتوبر (تشرين الأول) لمعارضة خطة حكومية تستهدف تمديد وجودها في السلطة لمدة عامين، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على المتظاهرين وطاردتهم في المنازل وألقت القبض على المئات.
وقال صالح إن الحكومة ملتزمة بإجراء انتخابات عام 2024، وتركز على جعل تشاد دولة أكثر ديمقراطية، مشيراً إلى قرار اتخذه الرئيس مؤخراً بالعفو عن 300 متمرد. وأفاد كاميرون هدسون، باحث أول بمركز الدراسات الاستراتيحية والدولية، أن إدارة بايدن تحاول جاهدة تحقيق سياسة واضحة في منطقة الساحل الأفريقي، بسبب غياب المباحثات النشطة حول كيفية الموازنة بين ترويج الشراكات الأمنية والديمقراطية.