رئيس الدولة ورئيس تشاد يؤكدان العمل على تعزيز السلام والاستقرار والتنمية لدول المنطقة
المسلسلات التراثية في رمضان
شخصيات المسلسلات التراثية مجحلين ومقطبوا الجباه وزعلانين ويزعجون، يابويه الأوليين كانوا طيبين وقلوبهم على بعض. لكن في هذه الأعمال يتم تقديمهم وكأن حياتهم كانت كلها مشاحنات وصراعات مستمرة ، ندري إنه التصاعد الدرامي يتطلب بعض الصراع ولكن الشكل الدرامي ان لم يكن متوازنا سيفقد المصداقية .
السبب في عدم وجود المصداقية في هذه المسلسلات هو أنها لا تلامس الواقع الحقيقي للحياة القديمة، بل تعتمد على المبالغة في رسم الشخصيات والصراعات وحتى في التفاصيل من المفردة التراثية إلى الملابس إلى طريقة الضيافة وآداب المجلس، في الماضي كانت العلاقات الاجتماعية تقوم على التعاون والمودة، وكانت المجالس عامرة بالضحك والمسامرة، لا مجرد مشاهد للعبوس والتجهم.
ربما يكون هذا التوجه في الدراما نابعًا من محاولة إضفاء طابع درامي قوي يجذب المشاهد، لكنه يأتي على حساب الدقة التاريخية والواقعية والمعرفة والتوعية التراثية . لذا من الضروري أن يكون هناك توازن في الطرح، بحيث تعكس المسلسلات التراثية روح ذلك الزمن بكل تفاصيله، دون تشويه أو مبالغة.
كما أن الصورة النمطية التي ترسّخها هذه المسلسلات تساهم في خلق انطباع خطأ لدى الأجيال الجديدة عن الماضي، حيث يعتقد البعض أن الحياة القديمة كانت مليئة بالقسوة والجفاء، بينما في الحقيقة كانت تقوم على البساطة والتسامح والتكافل الاجتماعي، صحيح أن هنالك الفقر وشظف العيش لكن لا تكون على حساب وصراع الآخرين دون رحمة ومودة .
التراث ليس مجرد صراعات وعُبوس، بل هو أيضًا قصص المحبة والكرم واللحظات العفوية التي جمعت الناس في ذلك الوقت. لهذا ينبغي على صُنّاع الدراما أن يتحرّوا الدقة في تقديم الشخصيات التراثية، بحيث يظهرونها كما كانت في واقعها، لا كما يفرضها التصور الدرامي المتخيل . أو أن يتم ذكر في تتر البداية بين قوسين أن القصة من واقع الخيال وليست أحداث حقيقية .
إن إعادة إحياء التراث في المسلسلات مسؤولية كبيرة، فهي ليست مجرد مشاهد تُعرض للترفيه، بل تُسهم في تشكيل الوعي الثقافي للمجتمع والأجيال المقبلة ، لذا يجب أن تكون هذه الأعمال أقرب إلى الحقيقة، حتى لا يتحول التراث إلى مجرد صورة باهتة لا تمتّ للواقع بصلة.