بوركينا فاسو.. تحديات تحاصر تراوري لاستعادة «السيادة التعدينية»

بوركينا فاسو.. تحديات تحاصر تراوري لاستعادة «السيادة التعدينية»


تواصل بوركينا فاسو تحت قيادة الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري مساعيها لاستعادة السيادة الكاملة على ثروتها الذهبية، وذلك بعد مرور عام تقريبًا على اعتماد قانون التعدين الجديد. وبالرغم من تحقيق بعض المكاسب الملموسة، فإن الطريق لا يزال مليئًا بالتحديات أمام الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، والتي تعد رابع أكبر منتج للذهب في القارة السمراء. وسلط تقرير نشرته مجلة «جون أفريك» الفرنسية، الضوء على التحول الجذري، الذي بدأ منذُ الـ18 من شهر تموز-يوليو 2024، حين صادقت الجمعية التشريعية الانتقالية على قانون تعدين جديد أعقبه توقيع رسمي من الرئيس تراوري في الـ31 من الشهر نفسه.
والقانون، الذي وصفته المجلة بـ»السيادي»، يمنح الدولة البوركينية سلطات أوسع في القطاع، منها زيادة حصتها الإلزامية في المشاريع، وفرض المعالجة المحلية للذهب المستخرج داخل البلاد، وتطبيق بنود القانون بأثر رجعي. وتحت ضغط التوجه الجديد، اضطرت عدة شركات أجنبية كبرى، مثل «إنديفور مايننغ» البريطانية و»IAMGOLD» الكندية، إلى التنازل عن 5% إضافية من أسهمها لصالح الحكومة، وفقًا للمجلة. وفي خطوة أكثر جرأة، استحوذت الدولة، في شهر آب-أغسطس لعام 2024، على منجمي «بونغو» و»واهغنيون» من شركة إنديفور مقابل 60 مليون دولار، مع التزام إضافي بدفع «إتاوة» تبلغ 3% على إنتاج أحد المناجم.
وجرى نقل هذه الأصول إلى شركة الدولة القابضة «سوباميب-Sopamib»، التي أنشئت عام 2023، وتُعد اليوم القلب النابض لسياسة تراوري التعدينية.
ويقود الشركة الاقتصادي لاميسا بارو، المستشار الاقتصادي السابق بالرئاسة، والذي يسعى لتحويل سوباميب إلى رافعة حقيقية للتنمية الوطنية.
وعلى الرغم من استقرار مستويات الإنتاج، فإن العوائد المالية الفعلية من هذه الخطوات ما زالت غير واضحة، بحسب ما ذكرت «جون أفريك». وبلغت إيرادات منجمي «بونغو» و»واهغنيون» خلال عام 2023 نحو 91 مليون دولار، إلا أن حالة عدم الاستقرار السياسي تسببت في تراجع إنتاج الذهب بشكل عام منذ عام 2022.  ومن أبرز المشاريع التي يُنتظر أن تعزز مكاسب البلاد، إنشاء أول مصفاة ذهب وطنية، وهو مشروع تبلغ كلفته حوالي 10.6 ملايين يورو وتنفذه شركة «مارينا غولد» بالتعاون مع الدولة. ويتوقع أن تبدأ عمليات التكرير قبل نهاية عام 2025، بطاقة إنتاجية تصل إلى 150 طنًّا من الذهب النقي سنويًّا، أي نحو 400 كغ يوميًّا.
ويرى الخبير المالي موديبو ماكالو، أن المصفاة ستشكل خطوة حاسمة نحو تحسين الشفافية وزيادة الاستفادة من الإنتاج المحلي، ولا سيما في ما يتعلق بالذهب المستخرج من المناجم التقليدية.
وأكدت المجلة في تقريرها أنه رغم التحديات، يبدو أن بوركينا فاسو مصممة على إعادة رسم ملامح قطاعها المعدني، وفق رؤية وطنية تسعى لاستعادة السيطرة على مقدراتها الطبيعية، في وقت لا تزال فيه أعين المستثمرين تراقب المشهد عن كثب.