ترامب يضع مادورو نصب عينيه.. هل يتحول الكاريبي إلى ساحة حرب؟

ترامب يضع مادورو نصب عينيه.. هل يتحول الكاريبي إلى ساحة حرب؟


تصاعدت التوترات في منطقة  الكاريبي بعد أن وضعت إدارة  ترامب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في مرمى الاستهداف المباشر، مع مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يسهم في القبض عليه. 
وبحسب صحيفة “صنداي تايمز”، فإن هذه الخطوة، التي تصف مادورو بأنه “إرهابي مخدرات” يسعى لتدمير الولايات المتحدة، أثارت جدلًا واسعًا داخل البيت الأبيض وبين المعارضين الفنزويليين في المهجر، فيما يثير التساؤل حول إمكانية اندلاع صراع عسكري مباشر في قلب أمريكا اللاتينية.

الانقسام الأمريكي
تظهر إدارة ترامب منقسمة بين مسارين متناقضين في التعامل مع مادورو. من جهة، يدفع السيناتور ماركو روبيو نحو تغيير النظام في كاراكاس، مستندًا إلى مزاعم بأن مادورو يهدد الأمن القومي الأمريكي عبر تجارة المخدرات، بما في ذلك الكوكايين الممزوج بالفنتانيل. 
وهذه الرؤية دفعت الرئيس ترامب إلى إرسال أصول عسكرية ضخمة إلى الكاريبي: 4500 جندي من مشاة البحرية، ومدمرات بحرية، وغواصة هجومية، وعشرات المقاتلات الشبح من طراز إف-35؛ كما شُنت هجمات على قوارب يُزعم أنها تنقل المخدرات إلى أمريكا، رغم غياب الأدلة القطعية.
في المقابل، يدعو المبعوث الأمريكي الخاص إلى فنزويلا، ريتشارد جرينيل، إلى التهدئة والدبلوماسية، مع التركيز على استمرار تدفق صادرات النفط الفنزويلية إلى الولايات المتحدة (120 ألف برميل يوميًّا) وإقناع مادورو بالتنحي بطريقة سلسة. 
وتكشف هذه التباينات عن صراع داخلي ضمن إدارة ترامب بين من يريد التصعيد العسكري ومن يفضل الحلول الدبلوماسية؛ ما يزيد الغموض حول مسار الأحداث في الأسابيع المقبلة.

الاستعدادات العسكرية الفنزويلية
في المقابل، عزز مادورو تحصينات نظامه، مستعرضًا قدرات عسكرية على الطرق السريعة، والمطارات، والسواحل؛ حيث أقيمت متاريس خرسانية، وضعت قاذفات صواريخ مضادة للطائرات، وجرت عروض عسكرية تضم دبابات ومركبات مدرعة.
كما تصاعدت حملة تجنيد المواطنين في ميليشيات مدنية، مع ترويج حكومي لمشاركة 4.5 مليون متطوع، أي نحو 15% من السكان، في الدفاع عن البلاد، رغم أن هذا الرقم يبدو مبالغًا فيه.
تُظهر هذه التحركات إستراتيجية مزدوجة: العرض العسكري الذي يهدف إلى ترهيب الولايات المتحدة، ومحاولة تعزيز الدعم الشعبي لمادورو، في وقت يشهد فيه الاقتصاد انهيارًا كبيرًا وهجرة جماعية؛ ما يقلل القاعدة الشعبية الفعلية التي يمكن الاعتماد عليها في حال مواجهة مباشرة.
يحكم مادورو فنزويلا منذ أكثر من 13 عامًا، خلال فترة شهدت انهيار الاقتصاد بنسبة 75%، وهجرة ثمانية ملايين شخص، أي نحو ربع السكان. 
ورغم الإجراءات القمعية، فقد تراجع التأييد الشعبي للحركة الاشتراكية التي أسسها سلفه هوغو تشافيز، فيما أظهرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضعف شعبيته حتى مع استخدام جميع موارد الدولة لصالحه، بينما أكدت المعارضة على فوز مرشحها بنسبة 69%.
تعكس هذه الظروف أن مادورو يعتمد بشكل أكبر على القوة العسكرية والأمنية بدلاً من الدعم الشعبي؛ ما يجعل أي صدام مع الولايات المتحدة محفوفًا بالمخاطر، وقد يؤدي إلى مقاومة مسلحة واسعة من الموالين له، مع غياب رؤية واضحة لما سيحل بالبلاد بعد أي تغيير محتمل للنظام.

خيارات ترامب ومسار فنزويلا
الخيارات أمام إدارة ترامب محدودة وحساسة: تصعيد عسكري شامل قد يقود إلى مواجهة مباشرة مع مادورو، أو متابعة الدبلوماسية لحفظ مصالح النفط وتأمين إطلاق سراح أمريكيين محتجزين.
وفي هذا الإطار، نجحت جهود المبعوث غرينيل وروبيو في الإفراج عن أمريكيين محتجزين، وإتمام ترتيبات نقل بعض المرحّلين الفنزويليين؛ ما يعكس إمكانية وجود مسارات تفاوضية رغم التهديد العسكري المستمر.
في الوقت نفسه، يبقى السؤال الأساسي حول الاستقرار الداخلي في فنزويلا بعد أي تغيير: من سيحكم البلاد، كيف ستُدار الموارد الأساسية، وكيف يمكن منع تفاقم أزمة الغذاء؟ هذه المخاطر، إلى جانب ضعف الأصول الاستخباراتية الأمريكية على الأرض، تجعل أي عملية عسكرية محكومة بالعديد من التحديات، وقد تخرج بسهولة عن السيطرة.
بينما يراقب المهجر الفنزويلي والخليج اللاتيني هذه التطورات بقلق، يبدو أن المعركة المقبلة في الكاريبي لن تكون مجرد مواجهة ثنائية بين الولايات المتحدة وفنزويلا، بل اختبارًا شاملًا للسياسة الأمريكية، 
والقدرة على إدارة الأزمات في منطقة حساسة عالميًّا، مع تداعيات محتملة على الأمن الإقليمي واستقرار الاقتصاد الفنزويلي الهش.