جامعاً إرث الأكشن والكوميديا مع رالف ماتشيو والصاعد بن وانغ

جاكي شان يعود إلى هوليوود بفيلم «فتى الكاراتيه: الأساطير»

جاكي شان يعود إلى هوليوود بفيلم «فتى الكاراتيه: الأساطير»

مع عودة سلسلة الأفلام الشهيرة إلى دور السينما، نتحدث إلى نجم هونغ كونغ الأسطوري، و»فتى الكاراتيه» الأصلي رالف ماتشيو، و«الفتى» الجديد بن وانغ، حول إرث الفيلم الأول، والمشاهد الخطرة، وما يحمله التقدم في العمر كنجم أفلام حركة
جاكي شان يعود إلى هوليوود بفيلم «فتى الكاراتيه: الأساطير»، جامعاً إرث الأكشن والكوميديا مع رالف ماتشيو والنجم الصاعد بن وانغ في عمل يُجسد الجسر بين الثقافة الآسيوية والغرب، ويعيد السلسلة إلى أصولها. بلمساته الإبداعية وخبرته المتفجرة، يحوّل شان موقع التصوير إلى عرض مذهل ويثبت أن الشغف لا يشيخ.

قال بن وانغ، النجم المحبوب البالغ من العمر 25 سنة وبطل فيلم (فتى الكاراتيه: الأساطير) الجديد: أطلقنا على الفترة التي حضر فيها جاكي شان إلى موقع التصوير اسم (أسبوع جاكي). وأضاف: كنا نعمل في مونتريال، كندا، وكان لدينا طاقم عمل فرنسي كندي رائع. لكن ما إن ظهر جاكي حتى بدأوا يركضون في كل الاتجاهات وهم يصيحون: جاكي هنا! جاكي هنا! ، وراحوا يصطدمون بالأشياء كأنهم أفراد شرطة كيستون. تبخرت كل ثقتهم الفرنسية- الكندية في اللحظة التي دخل فيها جاكي موقع التصوير.
لكن هل يُمكن لومهم؟ حتى في عمر 71، لا يزال نجم أفلام الحركة من هونغ كونغ إعصاراً بحد ذاته، من المؤكد أن الناس ستشعر بالرهبة حوله. بالفعل لا يُمكن أن يكون هناك عنوان أنسب لفيلم «فتى الكاراتيه» الجديد من «الأساطير»، إذ يجمع بين رالف ماتشيو، الأسطورة في عالم «فتى الكاراتيه» بسبب أدائه دور الشاب الشجاع دانيال لاروسو في ثلاثية أفلام الأكشن الأصلية في الثمانينيات، مع جاكي شان، أسطورة السينما نفسها.
شخصية السيد هان، التي يجسدها شان، ظهرت للمرة الأولى كمدرب لجايدن سميث في النسخة الجديدة من «فتى الكاراتيه» عام 2010، والتي دارت أحداثها في الصين. ويعود في «الأساطير» ليتعاون مع لاروسو ضمن فريق تدريب ثنائي لفنون القتال. يجلس وانغ وماتشيو أمامي في فندق بوسط لندن، وبينهما جاكي شان، مرتدياً بدلة رياضية بلون بيج.
يقول شان: «الناس يلقبونني بـ(النجم الخارق). ويقولون إنني (أسطورة). وأرد عليهم: (شكراً جزيلاً لكم). هذا يعني أن كل تلك السنوات، وكل ما فعلته- كل تلك المخاطرات التي قمت بها بحياتي من أجل هذا النوع من (العمل)- لم تذهب سدى».
كانت براعة شان الجسدية الفريدة ما جعلت منه نجماً، سواء في هونغ كونغ في الثمانينيات، أو لاحقاً- بنجاح عابر للثقافات وغير مسبوق- في الولايات المتحدة وأوروبا خلال أواخر التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، من خلال أفلام باللغة الإنجليزية مثل «ساعة الذروة» Rush Hour و»ظهيرة شنغهاي» Shanghai Noon. ولا يمكن التقليل من أهمية انضمام شان إلى عمل مثل «الأساطير»، إذ يُعد أول فيلم حركة ضخم له في هوليوود منذ 15 عاماً. يقول وانغ ضاحكاً: «جاكي شان؟ هو جاكي شان. مخرجنا يحب أن يصفه بـ’بابا نويل أفلام الفنون القتالية‘«. ويضيف: «نوع من الشخصيات الأسطورية التي تُدخل البهجة إلى قلوب الأطفال. إنه يحول موقع التصوير بالكامل إلى أرض عجائب مليئة بالركلات واللكمات».
لقد كانت براعة شان الجسدية المطلقة السبب الذي جعله نجماً، سواء في هونغ كونغ في الثمانينيات، أو في الولايات المتحدة وأوروبا، بنجاح عابر للثقافات وغير مسبوق في أواخر التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ 21، من خلال أفلام ناجحة باللغة الإنجليزية مثل «ساعة الذروة» Rush Hour و»ظهيرة شنغهاي» Shanghai Noon. من غير الممكن المبالغة في تقدير ما يعنيه انضمام شان إلى عمل مثل «الأساطير»، أول فيلم أميركي ضخم للممثل منذ 15 عاماً. يقول وانغ ضاحكاً: «جاكي شان؟ بالفعل جاكي شان. يحب مخرجنا وصفه بأنه بابا نويل في أفلام الفنون القتالية». ويضيف: «نوع من الأشياء الأسطورية التي تثير حماسة الأطفال. إنه يقلب موقع التصوير بأكمله إلى شيء يشبه أرض العجائب».
يتّبع فيلم «الأساطير» الصيغة المألوفة للسلسلة، إذ تدور أحداثه حول طفل (لي فونغ، الذي يؤدي دوره وانغ)، ينتقل إلى مدينة جديدة مع والدته الأرملة (التي تؤدي دورها مينغ نا ون). وهناك، يكتشف الحب (مع موظفة مطعم بيتزا، تؤدي دورها سادي ستانلي). وكذلك يجد عدواً (الساخر ذو الشعر الطويل. الذي يؤدي دوره آراميس نايت). ويجد الإرشاد (من شان، ولاحقاً ماتشيو، وكلاهما يؤدي دور السيد مياغي الذي لعبه في السابق الممثل بات موريتا). كل الطرق تؤدي إلى بطولة كاراتيه، إنها قصة قديمة قدم الزمن أو على الأقل منذ عام 1984.
«جاكي كان دائماً يُغير الأمور أو يُقدم اقتراحات. ولحسن حظ صانعي الفيلم وفريق العمل، كنا نقول: إذا كان لدى جاكي شان فكرة، فسنستمع إليها»

بن وانغ
يقول وانغ: «بدا فيلم (فتى الكاراتيه) الأصلي أميركياً جداً بالنسبة لي. لقد كان من إخراج نفس الشخص الذي أخرج فيلم «روكي»– هل يمكن أن يكون الفيلم أميركياً أكثر من ذلك؟ لكن في الوقت نفسه، كان الفيلم من بطولة الممثل الأميركي الآسيوي، بات موريتا، الذي أضفى عليه نكهة فريدة». ويضيف وانغ أن هذه الأفلام «لطالما أظهرت احتراماً كبيراً للفنون القتالية الآسيوية. التقيتُ بالعديد من الأشخاص الذين بدأوا بممارسة الكاراتيه بسبب فيلم «فتى الكاراتيه». وأنا قد بدأتُ بممارسة التايكوندو بسبب فيلم «فتى الكاراتيه» الذي ظهر فيه جاكي شان. تُمثل هذه السلسلة جسراً رائعاً للتفاهم بين الثقافات».
يوافق ماتشيو، الجالس بابتسامة وبروح مفعمة بالاحترام، قائلاً: «في كل مرة تستطيع فيها تعريف جمهورك بثقافة مختلفة، فإن ذلك سيكون أمراً إيجابياً». ويضيف: «فنون القتال أسلوب حياة. ليست مجرد قتال، بل هي تقدير للذات، وانضباط، واحترام– كل هذه القيم معاً».
بالنسبة لجاكي شان أيضاً، يحمل الفيلم طابعاً شخصياً مؤثراً. يقول وهو يشير إلى ماتشيو: «كنت محظوظاً جداً بالعمل معه». ويتابع: «عندما عُرض فيلم ’فتى الكاراتيه‘ (الأصلي)، كنتُ لا أزال شاباً، مكتئباً، وأردتُ التوقف عن التدريب. كنت أعمل كبديل للمشاهد الخطرة، بلا عمل، والوضع الاقتصادي كان سيئاً». ويقول: «ثم شاهدت ’فتى الكاراتيه‘، وقلت لنفسي: واو– أعاد لي ثقتي، وعدت للتدريب من جديد. والآن، بطريقة ما، نعمل معاً. إنه حلم تحقق».
من المحتمل أن شان يخلط بين فترتين زمنيتين في سرده لهذه القصة، فمع حلول وقت صدور فيلم «فتى الكاراتيه» الأصلي، كان قد قطع شوطاً كبيراً في ترسيخ مكانته كنجم بارز في أفلام الحركة، من خلال أفلام مثل «السيد السكران» Drunken Master (1978)، و»السيد الشاب» The Young Master (1980)، و»المشروع أ» Project A (1983)، وقد أخرج الفيلمين الأخيرين أيضاً. ولكن يبدو أن فيلم «فتى الكاراتيه» يحمل أهمية حقيقية للرجل الذي هو نفسه قد بنى جسراً ثقافياً مذهلاً بين آسيا وهوليوود.
الدور يحمل أيضاً دلالة خاصة لوانغ- وقد يكون بالفعل بداية انطلاقته كنجم. فهو ممثل رشيق، تلقى تدريباً في المسرح الموسيقي (وفي فنون القتال بشكل غير رسمي)، وقد تم اختياره من بين 10 آلاف مرشح لأداء دور «لي فونغ». يتذكر وانغ: «اتصل بي رالف بمكالمة لطيفة جداً قبل وصوله إلى موقع التصوير»، وينقل عنه قوله: «هذا الفيلم يدور حول رحلة شخصيتك. أنا أجلب إرث السلسلة الأصلية والسيد مياغي، وأنت تجلب ما يلزم لجعل هذه الشخصية حقيقية». ويضيف وانغ: « كان ذلك مريحاً للغاية».
دور «لي فونغ» يتطلب مهارات رياضية عالية، تتضمن ركلات طائرة، وتمارين بطن مقلوبة، ومجموعة كاملة من الحركات- إلى جانب قدر لا بأس به من الألم، كما يقول وانغ. «أسوأ إصابة تعرضت لها كانت أنني قطعت طرف خنصري»، يقول ذلك وهو يرفع إصبعه الذي شُفي الآن. «أعني، يبدو الأمر سيئاً. يبدو سيئاً. لكن جاكي جاء قبل أيام وقال: ’لقد عدت للتو من الغابة’. ثم رفع طرف بنطاله، وكانت ساقه... مصابة بكدمة و[متورمة]. قال: ’قفزت من شجرة، واصطدمت بشيء، ثم لم أعد أشعر بساقي’». للتذكير: جاكي شان يبلغ 71 سنة.
طوال مسيرته، اشتهر شان بجرأته في تنفيذ المشاهد الخطرة، وبدقته في العمل خلف الكاميرا، ويبدو أن الأمر ما زال على حاله حتى اليوم. يقول وانغ: «كان دائماً يُغير التفاصيل أو يقدم اقتراحات. ولحسن حظ فريق العمل وصناع الفيلم، كنا نقول: إذا كانت لدى جاكي شان فكرة، فسنستمع إليها».
ويضيف: «الأمر يصل إلى تفاصيل دقيقة لا يتوقعها أحد من جاكي شان. في لحظة ما، بدأ يوجه الممثلين الإضافيين! كان يقول لهم: ’أنتم تمشون بطريقة غريبة. امشوا هكذا، وليس هكذا’. إنه يعشق المشاركة في صناعة الفيلم- لا يستطيع منع نفسه عن ذلك».
بصمات شان تبدو واضحة في مشاهد الحركة في «الأساطير»، حيث تضيف لمسات خفيفة من الكوميديا روحاً مميزة حتى لأبسط لقطات الحركة. وهو أسلوب مارسه طيلة حياته. يقول ماتشيو: «جاكي هو سيد الأكشن الكوميدي، وهذا واضح في هذا الفيلم. وأعتقد أن (المخرج جوناثان إنتوستل) تعمّد خلق تلك المساحات للي فونغ، ليمنحه شيئاً من (روح جاكي الشاب)».
يقول شان إنه بدأ إدخال الفكاهة إلى أفلامه بهدف إبعادها عن العنف المفرط الذي كان يميز أفلام فنون القتال. «طوال الوقت كنت أتعلم من أسلافي– (الذين كانوا) عنيفين، بوم بوم بوم بوم». ثم، كما يقول: «تعلمت من الجمهور، ومن وسائل الإعلام. قالوا لي: جاكي، الفيلم جيد، لكنه عنيف جداً. فقررت أن أجعل الحركة أشبه بالرقص، وأضفت الكوميديا، لكي يرى الجمهور أن الأكشن الممزوج بالكوميديا ليس عنيفاً».
في أوج عطائه، كان شان يستخدم جسده بطريقة بدت خارقة- لم يشهد أحد مثل هذه المهارة منذ أيام باستر كيتون، الذي أتقن الاستعراض الجسدي المذهل في السينما. وفي عام 2012، أعلن نيته التراجع عن أفلام الأكشن للحفاظ على جسده (لكنه تراجع عن هذا التصريح لاحقاً في مقابلة أخرى). وبعد 13 عاماً، لا يزال مستمراً.
يقول شان: «أعتقد أن الأمر يعتمد على نوع الفيلم- فيلم ’فتى الكاراتيه: الأساطير‘ ليس عنيفاً جداً. في هذا الفيلم، القتال أشبه بالرقص. ليس مثل ’قصة شرطة‘، حيث تركض فوق السيارات. لو صنعنا هذا النوع من الأفلام اليوم، سأبذل قصارى جهدي. كنت أؤدي الركلة الثلاثية، ثم صرت أؤدي الركلة المزدوجة. والآن، أكتفي بركلة واحدة فقط».
ويضيف: «إذا كان عليّ القفز من مبنى، آسف- أحتاج الآن إلى ممثل بديل. لكن إن كان المشهد مجرد قتال عادي، فأنا أؤديه بنفسي. الأمر سهل بالنسبة لي- التدحرج، بعض اللكمات- هذا سهل».
في صناعة تزخر بأفلام إعادة الإنتاج وأفلام التقاطع و»الأجزاء اللاحقة»، من السهل أن نشعر بالضجر من فيلم مثل «فتى الكاراتيه: الأساطير»، وهو في الحقيقة يجمع هذه الأنواع الثلاثة. لكن الفيلم يتميز بتواضع جدير بالثناء، فهو نوع من العودة إلى الأصول والاعتماد على أساسيات الحركة الجيدة. يقول وانغ: «أعتقد أن أحد أسباب نجاح هذه الأفلام هو أن فتى الكاراتيه ليس مثل سبايدرمان أو سوبرمان. هو مجرد طفل، ويمكنه أن يكون أي طفل. إنه يحقق إنجازات عظيمة فقط بالاعتماد على العمل الجاد ومرشدين رائعين».
ومن هذه الناحية، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين وانغ وشخصيته (في الفيلم). يقول وانغ: «إذا كان هناك شيء واحد تعلمته من جاكي، فهو أنه يمكنك دائماً العمل بجد أكبر. يمكنك دائماً أن تهتم أكثر. لأنه عزز مبدأ العمل الجاد والاهتمام بالعمل إلى أقصى حد. مهما كنت تعتقد أنك تهتم بالشيء الذي تهتم به أكثر من غيره، أضمن لك أن جاكي شان يهتم بصناعة أفلام الفنون القتالية أكثر من ذلك».