شخصيات في حياتنا

شخصيات في حياتنا

سامي سرحان ليس مجرد معلم لمادة العلوم في المرحلة الإعدادية في سبعينيات القرن الماضي، لكنه من أكثر الناس اكتشافاً للمواهب، معلم يدرك قيمة الإنسان لأنه كاتب ومؤلف، فوجهني ذات يوم بالحضور إلى صالون أدبي يقام كل خميس في نادي المعلمين بالمحافظة، ولم أتأخر كنت أول الحاضرين لأجد شباباً وفتيات في مراحل الجامعة وبعدها، يجلسون على مائدة مستديرة وبينهم الكاتب "سمير ندا " - رحمة الله – وبدأت الندوة ولم يحضر معلمي.  ولما طُلب مني قراءة النص ارتبكت فعمري لا يتجاوز الثانية عشرة، وبدأت أقرأ بصوت مصاحب مرتعش، أخطأت حين قرأت كلمة " يضمحل" بهذا النطق " يوضمحل" فالحروف واحدة لكن مخارج الألفاظ لم تكن جيدة ، فصب علي الكاتب الكبير وابلا من النقد أفقدني صوابي وأصابني بإحباط شديد وعزمت على ترك هذا المجال لولا أنني شحنت نفسي بالأمل، وعتاب معلمي الذي أخبرني بأنه سيأتي معي عند كاتب آخر جميل " فؤاد قنديل" عرفت منه العنوان وذهبت له في اليوم التالي ومعي نفس النص.  قابلني في مكتبه بالمنزل، وامتص رهبتي وأهداني ثلاثة مؤلفات: مجموعتان قصصيتان، ورواية، وكتب لي إهداء ما زلت أذكره ( إلى الأديب الكبير المتميز – ذكر اسمي – أتمنى لك التوفيق والنجاح) وكنت في غاية السعادة بهذا الدعم الذي قدمه لي ونصحني بالقراءة كثيراً ومنحني طاقة إيجابية كما منحني أستاذي سامي سرحان الفرصة أن أكتب أول خبر لي في جريدة الوفد وأذكر أنني انتظرت القطار في المساء للحصول على العدد.  وتوالت لقاءاتنا أنا والكاتب سامي سرحان الذي منحني فرصة مصاحبته للوفد ولقاءات مع شخصيات سياسية وأدبية ومحافظ القليوبية، بدون شعور تراكمت الخبرة ونما بداخلي الإحساس بالمسؤولية، والفضل لكل شخص غرس في وجداني المثابرة والإصرار على النجاح، فلم يصعد أي إنسان للقمة بدون عوامل مساعدة وأشخاص يدفعونه للأمام، حتى الذين يضعون العراقيل لهم دور في الوصول للهدف 
علينا أن نقدم لكل من شد بأيدينا وعلمنا حرفاً مباشراً أو من خلال مؤلفاته وكتبه الشكر والعرفان، فالمعلم في الماضي كان مختلفاً يكتشف المواهب يعامل الطلاب بأسلوب الأبوة حتى كنا ونحن صغار نخشى رؤية المعلم لنا ونحن نلعب، وإذا رأيناه اختفينا عن الأنظار وأصبنا بالخجل من أنفسنا، وأسأل ماذا لو لم نلتق بهؤلاء الأشخاص في حياتنا، هؤلاء مصابيح أنارت لنا الطرق وفتحت لنا السبل ومهدت لنا ينابيع النجاح والتطور، فمن غيرهم ما تغيرنا ولا كنا ولا عرفنا معنى العلم والمعرفة والثقافة ولا أدركنا مفهوم التواضع وحفظ الجميل وذكر العرفان لكل من ساهم في رسم صورتنا في المجتمع، فكل منهم شكل بريشته ملامحنا في اللوحة وسط عالم الأدب والثقافة .
أسامة عبد المقصود