حالة وراثية نادرة تُدعى المويامويا

طفلة مصابة بمرض نادر تخضع لجراحة هي الأولى من نوعها في مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري

طفلة مصابة بمرض نادر تخضع لجراحة هي الأولى من نوعها في مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري

تم إنقاذ حياة طفلة بريطانية تبلغ من العمر 4 أعوام، تعاني اضطراباً نادراً ومستفحلاً في الأوعية الدماغية يُسمى مرض "المويامويا"، وذلك باستخدام تقنية إعادة التوعّي غير المباشرة "استعادة تدفق الدم" الجراحية المبتكرة. وأدت العملية الجراحية الأولى من نوعها في دولة الإمارات، التي أجراها الدكتور "جوبالاكريشنن سي في"، استشاري ومدير قسم جراحة الأعصاب والعمود الفقري في مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري، في إنقاذ حياة الطفلة من دون اضطرارها للسفر للخارج لتلقي العلاج اللازم. 
 
المويامويا مرض نادر يتميز بتضيق تدريجي للشريان السباتي الداخلي، وهو الوعاء الدموي الرئيسي الذي يزوّد الدماغ بالدم. وتُظهر أحد البحوث أن المعدل السنوي للإصابة بمرض المويامويا يتراوح ما بين 0.5 إلى 1.5 لكل 100 ألف شخص في دول شرق آسيا، لكن تنخفض هذا النسبة إلى 0.1 لكل 100 ألف شخص في مناطق أخرى، من بينها أمريكا الشمالية. وعلى الرغم من أنه يمكن علاج هذا المرض في المرحلة الأولى بالأدوية، إلا أن التدخل الجراحي مطلوب في حالات استفحال المرض أو تكرّر الأعراض.
 
وتعليقاً على خطورة المرض، قال د. "جوبالاكريشنن": "يؤدي تضيّق أوعية الدم إلى تكوين أوعية دموية جانبية تشبه "سحابة من الدخان"، التي تُترجم إلى مرض "المويامويا" باللغة اليابانية. وبرغم أن هذا المرض يمكن أن يصيب الأطفال والبالغين، إلا أنه يشيع بين الأطفال بشكل رئيسي ضمن الفئة العمرية 5 إلى 10 أعوام. كما أنه أكثر شيوعاً في دول شرق آسيا، مما يجعل حالة هذه الطفلة نادرة بالفعل".  وكان لدى الطفلة الصغيرة تاريخ من الإصابة بنوبات نقص التروية العابرة، وهي عبارة عن هجمات تدوم لعدة دقائق فقط. وخلال أيام اللعب العادية، كانت الطفلة تعاني فجأة من اختلال في النطق، وعدم تناسق في الوجه، وضعف في أعلى الذراع الأيمن. وعقب إجراء فحص الرنين المغناطيسي والتصوير الوعائي بالرنين المغناطيسي للدماغ، اكتشف الأطباء تضيقاً ملحوظاً لجزء في كلا الشريانين السباتيين الداخليين، مع انسداد كامل للشريان الأيمن، وهو ما يتفق مع تشخيص مرض المويامويا. وتم تأكيد التشخيص من خلال التصوير بالطرح الرقمي لـ 4 أوعية، مما يوفر صورة للأوعية الدموية في الدماغ من أجل الكشف عن أي مشكلة في تدفق الدم. 

وفي هذا السياق، أضاف د. "جوبالاكريشنن": "عقب التشخيص، قررنا إجراء جراحة المجازة باستخدام تقنية إعادة التوعّي غير المباشرة (EDAMS)، التي توفر لنا مصادر متعددة لاستعادة التدفق الدموي بشكل غير مباشر"، لافتاً إلى "وجود مخاطر مرتبطة بهذه التقنية، أي "إعادة التوعّي غير المباشرة" (EDAMS)، نظراً لأنه لم يتم إجراؤها على نحو شائع في دولة الإمارات وأنه لغاية الآن، كان المرضى يضطرون للسفر إلى الخارج للخضوع لهذه الجراحة المُنقذة للحياة. وفي الواقع، تمثل هذه الحالة واحدة من المحاولات الأولى لتنفيذ الجراحة باستخدام تقنية إعادة التوعي غير المباشرة في الإمارات".  وبحسب د. "جوبالاكريشنن"، فإن "جراحة إعادة التوعّي، سواء المباشرة أو غير المباشرة، تعد العلاج الجراحي الرئيسي لمرض المويامويا. فمن خلال جراحة المجازة المباشرة، يربط (يخيّط) الجرّاح الشريان الصدغي السطحي، الذي يشكل الفروع الطرفية للشريان السباتي الخارجي، بالفروع القشرية للشريان المخي الأوسط، لتوفير الدم المؤكسج إلى الدماغ وتحسين تدفق الدم". 
 
ومن ناحية أخرى، يفصل (يقطع) الجرّاح في جراحة المجازة غير المباشرة أو إعادة التوعّي غير المباشرة أجزاءً من تفرعات الشريان الصدغي السطحي وسديلة من العضلة الصدغية، ويضعها مباشرة على سطح الدماغ، مما يساعد الدماغ على خلق أوعية دموية جديدة، مدفوعاً بفقدان الدم المؤكسج. ويتم تعزيز هذا الإجراء بواسطة ثقوب متعددة في الجمجمة لتحسين إمكانية تدفق الدم الجانبي عبر توفير ممر لإمدادات الدم الخارجية إلى سطح الدماغ. 
 
ولأن المريضة لم تتمكن من الخضوع لجراحة المجازة المباشرة في ظل صغر حجم الأوعية لديها، فقد تم تنفيذ إجراء "إعادة التوعّي غير المباشرة" على الشرايين في كلا الجانبين. ففي كثير من الأحيان، لا تكون أوعية الدم عند الأطفال كبيرة بما فيه الكفاية لتتناسب مع جراحة المجازة المباشرة. 
 
 وفي معرض تعليقها على التجربة، قالت والدة المريضة: "نحن ممتنون للدكتور جوبالاكريشنن وفريقه على الرعاية الاستثنائية التي قدموها لابنتنا. إن خبرتهم وتعاطفهم وتفانيهم منحني الأمل والقوة طوال فترة العلاج. وبفضل مهاراتهم العالية في التدخلات الجراحية، تم إنقاذ حياة ابنتنا، وأصبح بإمكانها الآن متابعة طريقها نحو مستقبل أكثر إشراقاً. وسنظل دائماً ممتنين لهم على قدموه من دعم ورعاية غير منقطعة". 
 
وختم د. "جوبالاكريشنن" قائلاً: "نحن فخورون بما أنجزناه، حيث يعد نجاح هذه الحالة بمثابة دليل على القفزات النوعية الهائلة التي حققتها دولة الإمارات في مجال العلوم الطبية والتكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة. وبات بمقدور أهالي المرضى بشكل عام الشعور بالراحة لمعرفتهم بأن أطفالهم ليسوا بحاجة للسفر للخارج بعد الآن للحصول على العلاج لأنه يمكننا إنقاذهم هنا في دولة الإمارات".
 
وخلال آخر زيارة لغرض المتابعة، أكد د. "جوبالاكريشنن" أن المريضة تتمتع بصحة جيدة وقد عادت لممارسة حياتها الطبيعية.