ما هي التداعيات الخطيرة لتصنيف روسيا راعية للإرهاب

ما هي التداعيات الخطيرة لتصنيف روسيا راعية للإرهاب


قدم السناتوران ليندسي غراهام وريتشارد بلومنتثال الأربعاء مشروع قانون إلى الكونغرس، لتصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب، على غرار دول مثل ليبيا وكوبا وكوريا الشمالية، وذلك بهدف تقييد الرئيس جو بايدن وحرمانه حتى من أي مرونة ديبلوماسية.
وتطرق محرر شؤون الأمن القومي في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية مارك أيسبوكوبوس عن مخاطر تصنيف كهذا، قائلاً أنه “حسناً فعلت الإدارة الأمريكية بإدراكها أن تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، ستكون له مضاعفات متعارضة مع مصالحها القومية».

عموماً، يقيّد هذا التصنيف تصدير الصادرات الدفاعية والتكنولوجية إلى روسيا ويزيل حصانتها الديبلوماسية أمام المحاكم الأمريكية، و”يشرع الحكومة الروسية أمام دعاوى واتهامات من عائلات ضحايا إرهاب الدولة».
ويرمي مشروع غراهام-بلومنتثال، إلى تجاوز وزارة الخارجية وإضافة روسيا إلى لائحة الدول الراعية للإرهاب، التي تضم حالياً كلاً من إيران وكوريا الشمالية وكوبا وسوريا.

وقال غراهام: “نعتقد أنه تأخرنا كثيراً عن تصنيف روسيا بوتين، كدولة راعية للإرهاب ونحن نعاني من نتائج ذلك. الأوكرانيون يطالبون بذلك ونحن نصغي لهم. وسيكون من شأن أمر كهذا تغيير قواعد اللعبة حيال الإرهابيين في أنحاء العالم».
ويعارض البيت الأبيض هذا التصنيف. وأجاب بايدن بـ”كلا” عندما سئل في وقت سابق من هذا الشهر عما إذا كان يجب تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب. ويقول مؤيدو هذه الخطوة على أنها ستكون بمثابة إجراء مكمل لنظام العقوبات الغربية، وأن من شأنها ردع لاعبين اقتصاديين عن التعامل مع روسيا، وأن تشوه سمعة الكرملين على المسرح العالمي.

وتضغط كييف من أجل هذا التصنيف. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: “ ليس ثمة اعتراف رسمي بأن روسيا هي دولة راعية للإرهاب. ولا يزال مواطنون من هذه الدولة قادرين على الذهاب إلى أوروبا للاستراحة والتسوق، ولا يزال في إمكانهم الحصول على تأشيرات أوروبية، ولا أحد يعلم ما إذا كان بينهم منفذو إعدامات أو قتلة عادوا للتو من الأراضي الأوكرانية». ومع ذلك، فإن مخاطر الإقدام على مثل هذه الخطوة- بالنسبة لأوكرانيا والنظام العالمي- جدية وواسعة، بينما لن تترتب عليها فوائد عملية.

ومع الإستثناء الجزئي لإيران، فإن تصنيف الدول الراعية للإرهاب لم يطبق إلا على دول أصغرـ تبقي الولايات المتحدة على أولويات سياسية محدودة معها وذات بعد آحادي. ويحذر الكاتب من أن تطبيق التصنيف على روسيا، الدولة العظمى التي تملك قوة عسكرية وسياسية واسعة، سيترتب عليه مضاعفات كبيرة على المصالح الأمريكية في العالم.

وأثار خبراء ومسؤولون في الإدارة الأمريكية قلقاً حيال أن يؤدي التصنيف إلى وضع المزيد من العراقيل ليس فقط أمام قيام حوار مع روسيا حول مروحة واسعة من القضايا، وإنما أيضاً إلى على صعيد منع تعزيز أهداف سياسية تتجاوز العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة.

مسمار في نعش النووي
وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية لموقع “بوليتيكو” الشهر الماضي، إن مثل هذه الخطوة ستعرض للخطر المحادثات الرباعية الهشة بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة لضمان تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، مما يفاقم الأزمة الغذائية في العالم. كما كانت روسيا وسيطاً رئيسياً في المفاوضات الرامية إلى إحياء الإتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية. ومن شأن تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب أن يضعف الرافعة الأمريكية في هذه المفاوضات ويدق المسمار الأخير في نعش الاتفاق النووي.

كذلك يعرض هذا القرار المفترض للخطر الجهود الخفض التصعيد في النزاع الأرميني-الأذري، واستمرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، واحتمال التوصل إلى تسوية طويلة الأمد في سوريا، ومستقبل معاهدة خفض الأسلحة النووية الاستراتيجية. كذلك، يقوّض تصنيف روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، كدولة راعية للإرهاب، جوهر مؤسسة ذات أبعاد متعددة في وقت الأزمات الحادة في أوروبا، ويضع أسس النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، محل شك.

وعوض عن أن يعزل التصنيف موسكو، فإن هذا الإجراء قد يضعها في موقع تصادمي مع الكثير من الدول غير الغربية. وقد رفضت الصين والهند وجنوب أفريقيا وأندونيسيا والبرازيل وغيرها من الدول، الانضمام إلى نظام العقوبات الغربية. وأبدى بعض هذه الدول، كما في حالة بكين، تعاطفاً مع الحجج التي ساقتها روسيا للنزاع الأوكراني. إن تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب –مع العقوبات الثانوية التي سينطوي عليها- يمكن أن يزيد من تصعيد هذه الإختلافات بطريقة يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل عكسية ضد الولايات المتحدة وحلفائها.