مسابقة الشعر (2)
أتممت حفظ معلقة زهير بن أبي سلمى، وراجعتها مراجعة أخيرة قبل النوم، أتقلب الليل كله، لم أستطع النوم فغداً سأقف أمام معلم اللغة العربية لأٌلقي عليه المعلقة، راودتني بعض الأفكار بسبب زيادة التوتر فلم أنم طوال الليل وهي أن أتغيب عن المدرسة بحجة المرض، ولكن لن تعبر هذه الحكاية في مخ أبي، فكان عليه رحمة الله، لا يحب أن يتغيب أحد أبناءه عن المدرسة أبداً، أغمضت عيني وأنا أرددت المعلقة محاولاً النوم، استيقظت في الصباح الباكر وقبل الطابور ذهبت إلى غرفة المعلمين ووجدت معلم اللغة العربية يشرب الشاي الأحمر بكوب جبن الكرافت الزجاجي، والملصق الأصفر للكرافت على الكوب مختفية الملامح من كثر الغسيل، ولو نزع الملصق بأكمله لما تبين أنه كوب الجبن، عموماً رآني واقفاً أمامه، فقال: حفظت المعلقة، هززت رأسي بنعم، قال هات ما في جعبتك، بدأت بالإلقاء ولا أدري أصحيح ما أقول أم خطأ ولكن كنت سريعاً في الإلقاء، فالتوتر جعلني أٌلقي القصيدة بسرعة فائقة، انتهيت من البيت الأخير، فرأيته مبتسماً وهو يقول، أحسنت ولكن ارجع عندي في الفسحة، وسألني بعد الفسحة ما هي المادة التي لديك، قلت له الرياضيات، استأذن من معلم الرياضيات وقال له بأنني سأتغيب عن الحصة، رجعت له في الفسحة مع حصة الرياضيات، تقريباً ساعة زمن كانت كافية وملهمة، وبدأ بالشرح الذي لم أشاهد مثله في الحصص الدراسية، شرح لي الوقف التام والوقف المعلق، وكيف تؤدي القصيدة وكأنها نثراً وليست شعراً وأن لا تنخرط خلف موسيقى الشعر حتى لا يمِل المستمع من المعلقة، في اليوم التالي نادى إسمي وأخرجني من الفصل، أحسستُ عندما نادى إسمي بأنني مبعوث الأمم المتحدة_ فأنا ممثل عن المدرسة _خرجنا من الفصل إلى مواقف سيارات المدرسة وركبنا المرسيدس موديل 90، اشتغلت السيارة بعد 3 محاولات من دوران المفتاح، وبدأ بفتح الشباب بالتحكم اليدوي الدائري، ومن ثم استرسل بالنصائح وهو يقود السيارة بأنه لا تتوتر وإن عملت بالتعليمات التي أعطيتك إياها سنفوز بالمركز الأول، وصلنا مدرسة المسابقة، ووقفت أمام 3 معلمين يرتدون بدل وكرفتات وفي جيب البدل مناديل مختلفة الألوان، تشعر وكأنك أمام مناقشة لأطروحة الدكتوراة، نادوا إسمي وأجبت بنعم، وقال المعلم الذي في المنتصف تفضل: بدأت بإلقاء المعلقة، بتريث بدون استعجال وبالتشكيل الصحيح والأداء المتقن، انتهيت من القصيدة ولم يصفق لي أحداً في القاعة سوى معلمي، انتهينا من المهمة الرسمية ورجعنا للمدرسة والمعلم سعيد بما قدمت وبدأ بالإطراء والشكر، وكان ذاك اليوم من أسعد أيام حياتي، مرت الأيام وأنا أنتظر نتائج المسابقة بفارغ الصبر، وبعد يومين، جاء المعلم وقال لي غداً في الطابور سيكون لك تكريماً وسيكرمك مدير المدرسة، سألته عن النتيجة، قال: غداً ستعرف، مفاجأة لك، أهم شي لا تتأخر عن الطابور، في الطابور الصباحي قام المعلم بنداء إسمي، وذلك بمناسبة حصوله على المركز الأول في مسابقة الشعر، فاستلمت درعاً وشهادة من يد مدير المدرسة لا زلت أحتفظ بهما، ومن هنا بدأت علاقتي باللغة العربية وحب هذه اللغة، ودمتم،،،