التناوب في مدريد:

نحو عودة إسبانيا إلى أمريكا اللاتينية...؟

نحو عودة إسبانيا إلى أمريكا اللاتينية...؟

-- استعداد إسبانيا لاستضافة اجتماع فريق الاتصال بشأن فنزويلا
-- وضعت إسبانيا أسسا للعودة إلى أمريكا اللاتينية، تكشف تناسقا على المدى الطويل
-- زيارات الملك ورئيس الحكومة، كانت مصحوبة بمواقف تحمل عقلانية مزدوجة
-- قد تفرض نتوءات الأجندة الداخلية أولوياتها على أي تحرك خارجي
-- بسبب افتقارها لحكومة كاملة الصلاحيات تراجعت إسبانيا في أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة

 
خرجت إسبانيا من أزمة حكم طويلة في يناير الجاري. أزمة أصولها داخلية، إلا انه في أمريكا اللاتينية، منطقة تميّز الدبلوماسية الإسبانية، كما هو الحال في مسارح خارجية أخرى، بدت إسبانيا، بسبب افتقارها لحكومة كاملة الصلاحيات، في تراجع في السنوات الأخيرة.    أبحر ماريانو راخوي (حزب الشعب) عن بعد من عام 2014 إلى عام 2018، وبيدرو سانشيز، الاشتراكي، قاد الحكومة، كرئيس مؤقت، منذ 1 يونيو 2018، وبات يرأس إسبانيا مع جميع السلطات المنصوص عليها في الدستور، بعد تصويت مجلس النواب، 7 يناير الجاري.
هذه القدرة المؤسسية، القائمة على تحالف غير مسبوق بين الاشتراكيين وبوديموس، والمستفيد من دعم الحزب القومي الباسكي دون مشاركة، هل يمكن أن تسهّل عودة اسبانيا على الساحة الدولية، وبشكل خاص الى أمريكا اللاتينية؟

  من الناحية النظرية، نعم. الا ان الأجندة الداخلية، ولا سيما إدارة القضايا الاجتماعية النائمة ولكن الملحة، وإصلاح القضاء، والتحوّل الطاقي، والنزاع الكاتالوني الشائك، ستفرض أولوياتها. فأول مقابلة تلفزيونية لبيدرو سانشيز في 20 يناير الجاري، ركزت على هذه القضايا، ولم تتعامل مع أي موضوع من مواضيع السياسة الدولية بأي طريقة ذات معنى.
 
  ومع ذلك، فإن عددا من المبادرات التي أطلقت في يوليو 2018 تؤكد ذلك. وضعت إسبانيا أسسا للعودة إلى أمريكا اللاتينية، تكشف تناسقا على المدى الطويل.
   قام بيدرو سانشيز بالعديد من الرحلات الشاملة سياسيا. زار بوليفيا إيفو موراليس، وتشيلي سيباستيان بينيرا، وكولومبيا بإيفان دوكي، وكوستاريكا كارلوس ألفارادو، وكوبا ميغيل دياز كانيل، ومكسيك أندريه مانويل لوبيز أوبرادور. في حين زار الملك فيليب السادس، في 12 نوفمبر 2018، البيرو، وبعد عام كوبا، للاحتفال بالذكرى المئوية الخامسة لتأسيس هافانا، ثم في 1 ديسمبر، حضر حفل تنصيب الرئيس املو.  

   وقد تم التذكير بهذا الانفتاح الشامل عند انعقاد الدورة 25 لمؤتمر المناخ. فرغم تنظيمه في مدريد، ديسمبر 2019، بعد انسحاب تشيلي، بسبب الأحداث الاجتماعية، ظل المؤتمر تحت عنوان “مؤتمر شيلي”. وعزز هذا السياق عقد مؤتمري القمة الأيبيرية الأمريكية المقبلتين، أحدهما عام 2020 في أندورا، والاخرى عام 2022 في جمهورية الدومينيكان.
   هذه الزيارات، كانت مصحوبة بمواقف تحمل عقلانية مزدوجة: الدفاع عن القانون. وقد دافع الملك ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، عن التجارة الحرة وحرية المبادلات، وأدانوا العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على كوبا وشركائها الاقتصاديين.

   وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، واحترام القواعد الديمقراطية، كان الوضع الفنزويلي موضوع تحذيرات عديدة موجهة إلى الرئيس مادورو. ومع ذلك، فقد تم تسليط الضوء في عدة مناسبات على الحاجة إلى الحوار والتفاوض لمواجهة الأزمات الدولية، وخاصة أزمة فنزويلا.
   الوضع المؤقت لحكومة بيدرو سانشيز، من يونيو 2018 إلى يناير 2020، أثّر دون شك على الخيارات المعلنة للخروج من الأزمة الفنزويلية. لم ينضم بيدرو سانشيز إلى عملية مونتيفيديو، التي اخترعتها المكسيك وأوروغواي في 8 فبراير 2019، ومنحازا الى طريق الحوار، فضل، من خلال الاعتراف بخوان غوايدو كرئيس مؤقت، الجمع بين الضغط والحوار، حتى لا يعزل نفسه عن كبار الأوروبيين الآخرين الذين خيّروا الاصطفاف وراء الولايات المتحدة، وانخرطوا في الية العقوبات.

 ولكن أيضًا، عدم اتاحة الفرصة للنقد من زاوية حقوق الإنسان، الصادر عن معارضته الداخلية، اي الحزب الشعبي، وسيودادانوس، وفوكس.
    شكّل تولي جوسيب بوريل، وزير خارجية بيدرو سانشيز في الفترة 2018-2019، منصب الممثل السامي للسياسة الخارجية الأوروبية عاملا مساعدا لها، إضافة الى تحليها بثقة أكبر في قدراتها، أصبحت الحكومة الإسبانية تعطي أولوية للحوار. وهكذا استقبلت أرانشا غونزاليس لايا، وزيرة الخارجية الجديدة، خوان غوايدو في 25 يناير الجاري في مدريد.

وأعلنت الوزيرة، بالاتفاق مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، استعداد إسبانيا لاستضافة اجتماع لفريق الاتصال بشأن فنزويلا الذي أنشئ في مونتيفيديو في 9 فبراير 2019.
     الخطوط العريضة للعودة إلى أمريكا اللاتينية، بما يسمح لإسبانيا بتعزيز مكانتها كجسر بين قارتين، تم تبريرها في 6 نوفمبر 2018 أمام لجنة الشؤون الخارجية الأيبيرية بمجلس الشيوخ، من قبل وزير الخارجية.

وذكّر جوزيب بوريل، وهو يعدد بالتفصيل الإجراءات التي اتخذتها إسبانيا، أن الامر يتعلق “بسياسة دولة”.
 كما تـــم تعزيز استمرارية القمم الأيبيرية الأمريكية في 26 نوفمبر 2019 من خلال اقرار عقد اجتماعات لوزراء الخارجية.    يبقى معرفة ما إذا كانت أمريكا اللاتينية لا تزال تثير اهتمام أوروبا؟ كانت مجالس السياسة الخارجية الأخيرة مكرسة بشكل أساسي لإيران.
ومن ناحية أخرى، تفضل فرنسا، الساحل وليبيا وأوكرانيا، وتهتم إيطاليا بليبيا، وتعتني ألمانيا بالشأن الليبي والأوكراني، بينما كانت فنزويلا محور تذكير بسيط بإدانات سابقة.
  ويبقى أيضًا، أن نرى ما إذا كانت أمريكا اللاتينية تتناغم مع أسبانيا؟ على اليسار، مارس 2019، قدم الرئيس المكسيكي طلب اعتذار عن الحقبة الاستعمارية... وعلى اليمين، طردت سلطات الأمر الواقع في بوليفيا، 30 ديسمبر 2019، ثلاثة دبلوماسيين إسبان يشتبه في رغبتهم تهريب مقربين من إيفو موراليس.
باحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية حول القضايا الأيبيرية (أمريكا اللاتينية وإسبانيا).

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot