قد تجد البلدان جاذبية أكبر في مواجهة بالوكالة والمعلومات السيبرانية

هل تنزلق صراعات القوى العظمى إلى حرب عالمية؟

هل تنزلق صراعات القوى العظمى إلى حرب عالمية؟


عندما وجدت الولايات المتحدة نفسها تنزلق إلى صراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، استحضر المعلقون شبح «الحرب العالمية الثالثة»، ومما لا شك فيه أن المواجهة بين أمريكا ومنافسيها الصين وروسيا وإيران اشتدت، ولا يمكن استبعاد احتمال نشوب حريق أوسع نطاقاً.
ومع ذلك، استبعد تيموثي هيث، أحد كبار الباحثين في مجال الدفاع الدولي في مؤسسة «راند» البحثية الأمريكية، أن يصل الصراع الحقيقي بين القوى العظمى إلى ما يشبه الحروب العالمية في القرن العشرين، وربما يبرز ضعف الدول المعنية باعتباره السمة المميزة للسباق الحالي.
حرب بالوكالة وحرب معلوماتية ورأى هيث في مقاله بموقع «ناشونال إنترست» أنه نظراً لعدم قدرة المتنافسين الرئيسيين على القيام بتحركات شعبية واقتصادية واسعة النطاق، فقد لا يكون لديهم خيار سوى الاعتماد في المقام الأول على الحرب بالوكالة والحرب المعلوماتية والحرب السياسية والاقتصادية، مع تجنب القتال التقليدي واسع النطاق.
ورغم أن الميزة الاقتصادية التي تتمتع بها الولايات المتحدة مقارنة بجميع البلدان الأخرى لا تزال بلا منازع، فقد تفاقمت نقاط ضعفها السياسية. وتظهر استطلاعات الرأي أن الثقة في الحكومة الفيدرالية لا تزال عند أدنى مستوياتها التاريخية، حيث أعرب حوالي 15% عن ثقتهم في قدرة الحكومة على «القيام بما هو صحيح في معظم الأوقات».
وأدت الحزبية الحادة إلى تآكل قدرة الرئيس الأمريكي على التصرف. ولم تنجح أي أزمة خلال العقدين الماضيين في حشد الرأي العام حوله. على سبيل المثال، قتل فيروس كوفيد-19 أكثر من مليون أمريكي، لكن الوباء لم يوحد الأمريكيين. وبدلاً من ذلك، أصبح الأمر مناسبة أخرى للاتهامات المتبادلة والمشاحنات الحزبية.

بوادر ضعف داخلي في روسيا والصين
وتظهر الصين وروسيا وإيران أيضاً علامات حادة على الضعف الداخلي. ولتعزيز الدعم الضعيف، تعتمد الحكومة الصينية على التلقين العقائدي. وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن الدعم الشعبي يتراوح بين 50 إلى 70%، ومن المرجح أن ينخفض مع تباطؤ الاقتصاد، وتضاؤل الآفاق، واستمرار مشاكل الفساد والمخالفات.
ومع تقلص عدد السكان وسوء إدارة الاقتصاد، تواجه روسيا مستقبلاً قاتماً. وخرج مليون شخص من البلاد منذ بدء الحرب ضد أوكرانيا. وتفتقر الحكومة الإيرانية إلى التأييد الشعبي، ولجأت إلى العنف الوحشي لقمع موجات الاحتجاجات الشعبية.

التعبئة الجماهيرية شبه مستحيلة
وقال الباحث إن المستوى الهش للدعم الشعبي يجعل استراتيجيات التعبئة الجماهيرية، التي مارسها القادة في ذروة العصر الصناعي، شبه مستحيلة. ففي الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، حافظت الولايات المتحدة وحلفاؤها، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة، على ميزانيات دفاعية تعادل 40% من الناتج المحلي الإجمالي أو أعلى. وتم دفع هذه النفقات بزيادات ضريبية هائلة، خاصة على أصحاب الدخول الكبيرة.
وأدى التجنيد الوطني الذي يشمل 10% إلى 20% من السكان الذكور إلى تضخم الجيوش، ومكنهم من القتال لسنوات طويلة على الرغم من تكبدهم خسائر فادحة. وعلى النقيض من ذلك، بلغ الإنفاق الدفاعي الأمريكي ذروته بما يزيد قليلاً عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال «الحرب العالمية على الإرهاب» في أعقاب الهجمات المدمرة في 11 سبتمبر (أيلول). كما بلغ الإنفاق العسكري الروسي ذروته عند حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف الكاتب «قد يصبح الدعم الشعبي الضعيف والمنقسم سمة ثابتة في الصراع. ففي الولايات المتحدة، تصاعدت المعارضة السياسية لدعم إسرائيل، مع تزايد الخسائر في صفوف الفلسطينيين في مواجهة الهجمات الإسرائيلية الدموية». وفي الكونغرس، كان الديمقراطيون منقسمين بشدة بشأن الصراع، حيث يطالب البعض بمزيد من الدعم لفلسطين، بينما يصر البعض الآخر على التزامات طويلة الأمد تجاه إسرائيل. كما تزايدت المعارضة السياسية للدعم الأمريكي لأوكرانيا. واعترض بعض المشرعين على كلفة الدعم الدفاعي الأمريكي، والتي تجاوزت 43 مليار دولار. وطالب آخرون بإنفاق المزيد من الموارد على احتياجات الأمن الداخلي، مثل الحدود الجنوبية للبلاد.
ولا تقتصر مشكلة الانقسام الداخلي على الولايات المتحدة فحسب. فقد هاجمت الميليشيات الروسية المتطرفة قوات روسية، وتدعو جماعة «حرية روسيا النازية الجديدة» علناً إلى الإطاحة بحكومة فلاديمير بوتين.

تزايد المعارضة لسياسات إيران
وتزايدت المعارضة لسياسات إيران الخارجية في مناطق الأقليات العرقية التي تتعاطف مع أهداف حروب إيران بالوكالة. وبعيداً عن الهجمات الإرهابية العرضية في مناطق الأقليات العرقية مثل شينجيانغ، شهدت الصين مستويات أقل من المعارضة لسياستها الخارجية، ولكن هذا يرجع أساساً إلى حقيقة أن البلاد لا تشارك في أي حرب.
وأوضح الباحث أن هذا الانقسام الداخلي وعدم القدرة على تعبئة الموارد والسكان سيدفع إلى توجّه الحكومات نحو خوض حروب رخيصة الثمن، مشيراً إلى أن روسيا شنت حرباً على أوكرانيا لكنها لم تستطِع حشد مواردها، فاعتمدت على تجنيد المدانين والأجانب وعلى مبيعات الغاز لتمويل العمليات.
وبسبب عدم قدرة روسيا على التحول إلى اقتصاد الحرب، اضطرت إلى شراء الأسلحة والذخائر من عملاء سابقين مثل كوريا الشمالية وإيران. وبالمثل، انسحبت الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان جزئياً بسبب الخلافات السياسية حول تكاليف العمليات.
ولذا، بدلاً من الحروب، قد تجد البلدان جاذبية أكبر في الحرب بالوكالة والمعلومات والحرب السيبرانية والاقتصادية لمواصلة الضغط على خصومها. توفر الحروب بالوكالة ميزة استنزاف الخصم دون المخاطرة بخسائر كبيرة في صفوف الجيش. ورجّح الباحث أيضاً أن يكون استخدام العملاء والحلفاء والشركاء الحكوميين وغير الحكوميين أمراً جذاباً للحكومات التي تخشى المخاطر السياسية والخسائر العسكرية، ولفعاليتها النسبية من حيث التكلفة.


 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot