رئيس الدولة يتلقى رسالة خطية من الرئيس الموريتاني تسلمها منصور بن زايد
هل تنسحب واشنطن من آسيا وتترك الساحة لبكين؟
أشعلت المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ موجة تساؤلات حول مستقبل التوازن العالمي، ومع تداول أنباء عن احتمال انسحاب أمريكي جزئي من آسيا، يُطرح سؤال جوهري، هل نحن أمام لحظة «تقاسم نفوذ» بين واشنطن وبكين؟
وفي هذا الإطار، يرى الخبير الإيطالي فرانشيسكو سيسي، الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية والعلاقات الدولية في معهد أبّيا الإيطالي، في حوار مع موقع «سارماغ» ونقله موقع «آسيا تايمز»، أن هذه الفرضية تحمل مخاطر استراتيجية جسيمة قد تقود إلى سباق تسلح غير مسبوق.
وأوضح سيسي أن فكرة تخلي الولايات المتحدة عن آسيا «خطوة جنونية»، لأنها لا تتماشى مع مصالح الحلفاء ولا مع استقرار النظام الدولي. فالدول الآسيوية –من اليابان إلى الهند والفلبين– لن تقبل أن تُترك تحت هيمنة الصين. وأضاف: «الانسحاب الأمريكي سيولّد فراغاً استراتيجياً خطيراً، وسيدفع جيران الصين إلى البحث عن بدائل نووية وعسكرية.»
وحسب سيسي، تنظر معظم الدول الآسيوية إلى الصين باعتبارها قوة صاعدة لكنها مثيرة للقلق. صحيح أن بكين شريك تجاري أساسي، لكن قوتها العسكرية المتنامية، وتحالفاتها مع روسيا وكوريا الشمالية، تبعث رسائل تهديد أكثر من كونها ضمانات أمن. «كلما استعرضت الصين قوتها بجانب بوتين وكيم، ازدادت دوافع جيرانها للتسلح»، يقول سيسي.
ويرى سيسي أن الخطأ الأوروبي بعد الحرب الباردة، أي الاعتماد على السلام وخفض الدفاع، لم يتكرر في آسيا. فهذه الدول لم تكف يوماً عن اعتبار الصين تهديداً محتملاً، ولهذا احتفظت بجيوش قوية. ومع تنامي التوترات، لم يعد الحديث عن امتلاك اليابان، أو كوريا الجنوبية للسلاح النووي مجرد تكهنات، بل احتمالاً واقعياً قد يتحقق قريباً.
ويعتبر سيسي أن أي «صفقة كبرى» بين ترامب وشي لتقاسم النفوذ قد تفتح الباب لسباق تسلح نووي إقليمي. «من يظن أن الصين ستربح من انسحاب أمريكا مخطئ، لأن النتيجة المباشرة ستكون تعزيز جبهة مضادة تقودها الهند، واليابان، ودول أخرى»، يضيف الباحث.
ويشير سيسي إلى أن آسيا تختلف عن أوروبا بغياب إطار مؤسسي مثل ناتو أو الاتحاد الأوروبي، ما يمنح الدول حرية أكبر في المناورة والتحالفات. لكن هذا أيضاً يجعل أي فراغ أمريكي أكثر خطورة، لأن البدائل ستتخذ شكل سباق تسلح فردي ومتعدد الاتجاهات، بدل مظلة ردع جماعية.
يخلص سيسي إلى أن مستقبل آسيا لا يمكن أن يُرسم باتفاق ثنائي بين واشنطن وبكين فقط. فالقوى الإقليمية الرئيسية –اليابان، والهند، وكوريا الجنوبية، والفلبين– لن تقبل بتغييب مصالحها. ويحذر قائلاً: «أي تقاسم نفوذ دون إشراك دول المنطقة سيحوّل آسيا إلى ساحة سباق نووي، بدلاً من أن تكون محور استقرار عالمي.»