من بطولة آنا دي آرماس
Ghosted... امرأة تمتلك كل مواصفات الأبطال الخارقين
بعد أسبوع من عرضه الأول، حقق فيلم Ghosted أعلى نسبة مشاهدة على منصة آبل تي في. ويوماً بعد يوم، راحت أرقام المشاهدات تتزايد سريعاً بفعل الترويج الهائل للفيلم. حملة وانتشار تركا مجالاً للتساؤل عن مدى استحقاقه هذا التداول الجماهيري الكبير. حبكة الفيلم مصممة لجذب أكبر عدد من المشاهدين. المزيج الرومانسي الكوميدي الجاسوسي يستند إلى أجناس فيلمية عدة.
تخيّم على العمل نفحة من الكوميديا المستهلكة، لها دور في توحيد المناخ العام للفيلم والسيطرة على إيقاعه. يتعرض البطلان معاً إلى مطبّات كثيرة، ولكن المشاهد بحكم خبرته بهذا النوع من الأفلام لا يخشى عليهما، كونه على يقين أن الشر لن يلحق بهما؛ فتمكن صياغة المقولة المرجوّة من الفيلم في أن الحب سينتصر على الشر لا محالة. مقولة الفيلم التي يكثر طرحها في أعمال تحاكي عالم هوليوود لم تقدم جديداً في المعالجة التي شاهدناها في Ghosted، فخلط الأجناس وتقديم عمل من خلال نجوم جذابين، لا يكفيان لصناعة فيلم جيد.
يتوغل العمل رويداً رويداً في عالم المغامرة والحركة. ينتقل البطلان بين نيويورك ولندن وباكستان وبحر العرب. يخوضان في هذه البلدان معارك شتى بأسلحتهم المتطورة. يتتبعهما المشاهد كأنه أمام شريط ممل من ألعاب الفيديو، إذ لا مكان للقانون، ولا حدود أمام الأميركي الذي يشهر أسلحته في أي بقعة من الأرض، من دون الخوف من المساءلة. يعرض الفيلم في فضائه السينمائي شخصيات مضادة من جنسيات مختلفة، منها الفرنسي والكوري والباكستاني، لتقابلهم سيدي، إذ يوجهها هدفٌ سامٍ، يتمثل باستعادة سلاح مدمّر استولت عليه عصابة خطيرة، ودرء الخطر الذي يهدد البشرية. يمثل الأميركي هنا، كعادة هذه الأفلام القيم النبيلة، ويعمل جاهداً على تحقيقها مهما كلف الأمر، وحتى لو اضطر إلى أن يعرض نفسه لأشد المخاطر.
بعد سنوات من هيمنة الرجل على شخصية البطل الخارق، يقدم الفيلم امرأة تمتلك كل مواصفات الأبطال الخارقين. تحيد عواطفها عن عملها، وقادرة على حماية الرجل الذي تحب، حتى لو كان هذا الرجل هو كريس إيفانس الذي عرفه محبو "مارفل" بشخصية "كابتن أميركا" الشهيرة. هكذا، يتيح الفيلم حديثاً حول الأدوار الجندرية وديناميكيات العلاقة بين الرجل والمرأة، في محاولة لتحطيم الصورة النمطية التي يمتلك فيها الرجل القوة البدنية، بينما تُظهِر المرأة رقة أكبر. يعرض العمل شخصية نسائية لديها من القوة والحنكة ما يمكنها من مواجهة جيش من الرجال، بينما يبدو أن الرجل عاد ليشبه أبطال هوليوود الكلاسيكيين؛ ذكر أبيض قوي البنية مندفع وأخرق بعض الشيء. على الرغم من ذلك، تبقى البطلة فائقة الأنوثة والجمال، تجمع الصرامة والجاذبية والبرود العاطفي في بعض الأحيان.
يبرز هذا الأمر تقاطعات أكبر مع شخصية ميشيل يوه في العمل الحائز على أوسكار أفضل فيلم لعام 2023: Everything Everywhere All at Once. كما يتقاطع زوج يوه في هذا الأخير مع كول في كونهما رجلين يطلبان الاهتمام والعاطفة، في ظل علاقة تجمعهما مع امرأتين قويتين قادرتين على المجابهة والقتال. العمل بمجمله يتكئ على أفلام سابقة، ما يُظهر استسهالاً كبيراً في إعادة طرح أفكار باتت مكررة.
توحي الحكاية، بما فيها من سطحية وافتقار إلى الأصالة، بأنها كتبت بالاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعي، ما قد يثير استغراباً كون أربعة كتّاب سيناريو اشتركوا في تأليفه. قدم المخرج الأميركي ديكستر فلاتشر العمل باستخدام تقنيات لا تترك أثراً يذكر. وعلى الرغم من تنويعه بين التقطيع المونتاجي السريع والبطيء، واستعراضه المبرر لحركات الكاميرا، ولا سيما البانورامية التي تألفها أعين مشاهدي أفلام الأكشن، إلا أن هذا العمل يصعب على المشاهد ملاحظة تقنية جديدة فيه. يُضاف إلى ذلك تركيب أغنيات راقصة شهيرة لا تتناسب مع مشاهد العنف التي يعج الفيلم فيها، فالعناصر التقنية باتت مفككة، توحي بأن فلاتشر قدمها بالاستعانة بقوالب جاهزة.