القصة تصنف كرواية أكشن بصرية على نمط قصص الكومكيس الأميركية

John Wick: Chapter 4 تتويج لقصة استمر عرضها على مدارِ عقدٍ كامل

John Wick: Chapter 4 تتويج لقصة استمر عرضها على مدارِ عقدٍ كامل

بعد أربع سنوات على صدور فيلم John Wick: Chapter 3 - Parabellum، عاد المخرج تشاد ستالسكي والممثل الشهير كيانو ريفز إلى دور العرض بفيلم John Wick: Chapter 4 الذي كان من المفترض أن يُعرض منذ عامين، لكنه توقف بسبب جائحة كوفيد-19.
 
يأتي القسم الرابع - من وجهة نظر صناعه - كتتويج لقصة استمرت ما يقارب التسع ساعات قُسمت على أربعة أجزاء. السلسلة التي استمر عرضها على مدارِ عقدٍ كامل، عبارة عن رحلة هروب وانتقام عبثية، من دون دوافع واضحة، بدأت عندما قتلت عصابة من الأوليغارشية الروسية جرو جون ويك وسرقت سيارته. قتل ذاك الجرو الذي كان هدية من زوجته المتوفاة، أعاده إلى الحياة التي أراد الهرب منها، ماضيه كقاتل مأجور لم يعرض كفلاش باك نهائياً، إذ اكتفى المخرج بتقديمه على لسان شخصيات ستُقتل على يده. هكذا، نرى خلال الربع ساعة الأولى تحوُّل الرجل الأبيض من إنسان متحضر له زوجة وسيارة فارهة وحيوان أليف، إلى سفاح مجنون.
 
القصة كَكُلْ تصنف كرواية أكشن بصرية على نمط قصص الكومكيس الأميركية، مع نكهة دراما خفيفة. جميع أعداء جون ويك على حافة الهاوية بانتظار دفعة صغيرة منه ليسقطوا في الجحيم. نوع الأكشن المستخدم في السلسلة يدخل في توجه هوليوود حول أبطال لا يملكون قدرات خارقة، أي أكشن قائم على مهارة البطل.
تُفرد أحداث الفيلم وشخوصه بطريقة مناسبة للمزاج العام، وتُداعب الغريزة من جهة التشويق والإثارة، وتضع الأعداء التقليديين (الروس والصينيين والعرب) في مواقف متناقضة أمام البطل الأميركي، ما يضمن المشاهدة الجماهيرية والربح المادي لهوليوود، الذي لا تعلو عليه قيمة أي شيء آخر.
 
اشتملت الأجزاء جميعها على مشاهد قتال من كل نوع يمكن تخيله، أولاً والأهم إطلاق النار، يأتي بعده القتال بالأيدي المتضمن جميع أنواع فنون الدفاع عن النفس، ثم معارك السكاكين والسيوف والفؤوس، ومطاردات لا تنتهي على دراجات نارية وسيارات وصهوات خيول. جميع الأساليب وما نتج من خلطها في المشاهد، استثمرها جون ويك في قتل 439 إنساناً، جميعهم بلا وجوه تذكر، ولا قيمة لهم سوى أنهم عثرات يجب التخلص منها في طريق البطل الهوليوودي ذي البدلة الأنيقة.
 
في حين كان الجزء الأول قصة انتقام لقاتل عاد من التقاعد، دارت قصص الأجزاء الثلاثة اللاحقة حول فرار جون ويك المستمر من بطش "المجلس الأعلى" الذي يمثل - في عالم جون ويك الموازي - القاضي وهيئة المحلفين والجلاد. لأول مرة في السلسلة، لا يبدأ الجزء الرابع من الفيلم مباشرة بعد أحداث الجزء السابق له. تعافى جون جسدياً خلال فترة ستة أشهر في العالم السفلي الذي يديره الملك بويري (قام بالأداء الممثل لورنس فيشبورن)، وانطلق بعدها في رحلة للقضاء على "المجلس الأعلى".
 
يسير الفيلم كلعبة فيديو؛ الكاميرا تستقر على كتف البطل، وكل تتابع أكشن أو حركة سريعة يمثل مرحلة من هذه اللعبة التي يقاتل في نهايتها الشرير الأعتى وينتصر عليه. يتنقل جون ويك من نيويورك إلى باريس وأوساكا وبرلين وكازابلانكا. عالمٌ مباح أمام القاتل الأميركي ذي الأصول البيلاروسية. لا يهدر الفيلم دقيقة واحدة من وقته ليسحب المشاهد إلى عالم الأساطير أو متاهات عقل القاتل، أو حتى القواعد المعقدة لهذا العالم الغامض. الخلفية هنا مصممة فقط لتتسع لمهارات جون ويك القتالية وتقنيات الكوريغرافيا التي يتقنها.
 
شاركت في العمل على مدى أجزائه الأربعة مجموعة كبيرة من ممثلي الصف الأول، وحضر في الجزء الأخير الممثل بيل سكارسغارد بدور الماركيز دي غرامونت الفرنسي الذي يمثل سلطة المجلس الأعلى. ولجذب الجمهور الآسيوي، انضم دوني ين، أسطورة هونغ كونغ، بصفته قاتلاً أعمى يقف في وجه جون ويك. وحدث أن عبرت نجمة البوب اليابانية رينا ساواياما بدور لا طائل من وجوده.
 
مع العالم المبني لبنة بعد لبنة منذ الجزء الأول، نكتشف أن لا وجود لأناس طبيعيين، الجميع قتلة مأجورون، لهم عملتهم الخاصة وقانونهم الوحيد هو العين بالعين. الاستغراب أو الدهشة لا ترافقنا خلال المعارك. قد نلتفت إلى الإضاءة النيونية والإحساس المشؤوم للعوالم التي يتنقل فيها جون ويك. لكن مشاهد القتال الكثيفة والطويلة أتت بمعظمها مكررة وخالية من التجديد، حتى أن المخرج ارتأى أن لا داعي لإضافة عمق لنسيج الشخصيات، فنحن اليوم لسنا في عصر شون كونري.
 
من جهة المعنى الضمني للنص (Subtext)، رحلة جون ويك الأخيرة مستقاة من أسطورة سيزيف ومعاناته المستمرة ليشق طريقه صعوداً على 222 درجة من شارع فوياتييه في طريقه إلى Sacré-Coeur في باريس لمواجهة الماركيز، فتتحول العقبات إلى الدافع الرئيس للقصة، والقصة هي مشاهد الآكشن والحركة لا غير.
 
تتماهى الأجزاء الأربعة في الفيلم مع القصص الأربع الرئيسية في الإنجيل، في الجزء الأول يأتي الخلق (Creation)، 
يتبعه السقوط (Fall) في الجزء الثاني، في الثالث يحضر الافتداء/ التخليص (Redemption)، وينتهي الفيلم الأخير بنهاية مخاتلة قد لا تدل على الإحياء/ البعث (Restoration)، لكن تصريح القائمين على العمل حول وجود جزء جديد ومسلسل آخر قادم للسلسلة نفسها يؤكد على فكرة البعث.
بعدما تفاءل الجميع بموت ويك في النهاية، تحدث المخرج أنه بحاجة لفترة استراحة بين عمل وآخر حتى ينتج ما هو جديد وإبداعي، في حين اعتبر بعضهم أنه مجرد مط للعمل لا أكثر.
 لكن يبدو أن الحماقة الإنسانية دائماً ما ستجد طريقاً لها إلى الشاشة.