منصور بن زايد: المتحف يعكس رؤية الإمارات نحو تعزيز الثقافة والسلام والتعايش
فانسان لاكوست طالب جامعي يُوافق على تدريس مادة الرياضيات
(Un Metier Serieux) يكشف خفايا وظيفة غير سهلةٍ ومُتعبة
"مهنة جادة" (Un Metier Serieux) جديد (2023) الفرنسي تُمَا ليلْتي (1976)، عُرض في الصالات الفرنسية 13 سبتمبر/ أيلول 2023. فيه، ينتقل إلى ملفٍ سينمائي غير مُتطرِّق إليه سابقاً: "إنّه ملف حارق، ذاك المتعلّق بالمُدرّسين"، وذلك بعد ثلاثية له عن عالم الطبّ، كما في مقالةٍ لإيلي روفاست، منشورة في العدد 801 (سبتمبر 2023) لـ"دفاتر السينما" (مجلة سينمائية شهرية فرنسية). الثلاثية تلك مؤلّفة من "أبقراط" (2014) و"طبيب الريف" (2016) و"العام الأول" (2018، المقصود بالعنوان السنة الدراسية الأولى).
بنجامن (فانسان لاكوست) طالب جامعي يعمل على أطروحة دكتوراة، لكنّه غير مُتمكّن من الحصول على منحة دراسية. لحاجته إلى المال، وبسبب ضغط والده، يُوافق على تدريس مادة الرياضيات في مدرسةٍ، رغم قلّة خبرته. من دون أنْ يتلقّى أي تدريب، يكتشف خفايا وظيفة صعبةٍ في مؤسّسة معرّضة للخطر. مع ذلك، يلتقي معلّمين عديدين، يُقيم معهم علاقات وثيقة. سيدريك كوبولا يكتب في Sud Ouest (صحيفة يومية فرنسية) أنّ الفيلم يحكي "عن المهنة وروح المجموعة"، ويصف "متعةَ النقل" في المدارس الثانوية والكليات (11 سبتمبر 2023). أما فانسان لاكوست، فممثل فرنسي (1993) يبدأ التمثيل عام 2009 في Les Beaux Gosses لرياض سَتّوف، علماً أنْ "أبقراط" سيكون أول تعاون سينمائي له مع ليلْتي.
يروي لاكوست أنّ هذا حاصلٌ في الصيف الفاصل بين الصف الثالث تكميلي والأول ثانوي. يقول إنّه يعود إلى المدرسة لمتابعة دراسته الثانوية بعد انتهاء التصوير، وفيلم سَتّوف يُعرض في الربيع التالي، أي في نهاية سنته الدراسية في الأول ثانوي: "هذا يُبدِّل أشياء كثيرة لأنّ الأمور تسير حينها جيداً"، يقول في حوارٍ يُجريه معه ديدييه سْيتيي نفسه (لو سوار، 12 سبتمبر 2023).
بمناسبة "مهنة جادة"، تُجرى حوارات عدّة مع لاكوست، منها ذاك المنشور في "لو سوار"، الذي يبدأ بسؤال عن "كيف يُمكن للمرء أنْ يُصبح أستاذاً مبتدئاً لمادة الرياضيات". يُجيب: "يبدأ بصعوبة. عليّ إعادة التفكير بتلك المادة. الأمر واضحٌ لي: عليّ أنْ أفهم حدّاً أدنى مما سأرويه". لذا، يستعيد نظريات فيثاغوراس وطاليس، ويشتغل عليها مجدّداً، وهذا يُثير فيه "ذكريات سيئة" حاصلة معه قبل أعوام. ثم يؤكّد أنّ هذا حاصلٌ أيضاً "لأنّ تُمَا ليلْتي يحبّ الارتجال كثيراً".
يروي لاكوست حكاية مشهدٍ يستعدّ لتصويره، يُقدّم فيه درساً عن الكرة، مستعيناً ببرتقالة: "سيجعلني (ليلْتي) أشاهد شريط فيديو. المشهد لم يكن مكتوباً. يُخبرني أنّ عليّ تقديم درسٍ حقيقي عن الكرة. حينها، أشعر فعلياً بصعوبة أنْ يكون المرء أستاذاً. أعرف مبدأ الكرة، لكنْ بين فَهْم ما هذا وشرحه بوضوح لمُراهقين يبلغون 13 عاماً، يُفكرّون عامة بأمور أخرى، والقدرة على أَسْرهم، والتمكّن من الإيجاز وإثارة الاهتمام، وفي الوقت نفسه أنْ أكون مُضحكاً ومرحاً، هذا كلّه يُشكِّل تحدّياً حقيقياً. وهذا مرهِقٌ أيضاً، لأنّه، إضافة إلى ذلك، هناك (بين المُراهقين) من يفهم، وهناك من لا يفهم. كلّ هذا يُؤكّد لي أنّ تلك الوظيفة غير سهلةٍ، وأنّها مُتعبة. هذا يعني أنّ ساعة واحدة من الدروس تُعادل ثماني ساعات بالنسبة إلى من ليس أستاذاً".
معروفٌ أنّ تُمَا ليلْتي يعتاد العمل مع الأشخاص أنفسهم، عادة. هؤلاء أشبه بـ"عصابة صغيرة"، وهذا يُرضي لاكوست، فهناك، بالنسبة إليه، "جانب الفرقة" الذي يُحبّه في السينما: "أعشق إعادة اكتشاف عوالم سينمائيين"، كما يعشق مشاهدة فيلمٍ لمارتن سكورسيزي مثلاً، ليُعيد اكتشاف روبرت دي نيرو أو ليوناردو دي كابريو؛ أو مثلاً إنغريد برغمان في فيلمٍ لروبيرتو روسّيليني: "فهذا كلّه يُصبح جزءاً من هويّة كلّ واحد منهم. رائعٌ أن نعيش هذا، ليس فقط لأنّه يُثرينا على المستوى الشخصي، بل لأنّه يجعلنا نوطّد علاقتنا بالسينما".
لكنْ، هناك دائماً أشخاص جدد، "وهذا مُلهم وجيّد دائماً بالنسبة إلى المحاكاة". من هؤلاء "الجُدد"، الممثلة الفرنسية أديل إكزاركوبولوس، المُشاركة في "مهنة جادة"، و"الرائعة في دقّتها وطبيعيّتها" (سْيتي): "أحبّها كثيراً. إنّها ممثلة عظيمة ورائعة". هذا أول فيلم لهما معاً. بعده، يُشاركان في فيلمٍ لـ"بيكسار"، وآخر لجيل لولوش، بعنوان L’Amour Ouf: "في نظرتها شيءٌ ما. عاطفةٌ تُبهرني كلّياً، لم أرَ مثلها عند أحدٍ آخر. إنّها تؤثّر فيّ كثيراً. قادرةٌ على نقل العواطف بشكل طبيعي للغاية، ومُثير للإعجاب بشكل كبير. إنّها إحدى كبار الممثلات اللواتي لي حظٌّ جميل بالعمل معهنّ. هذه تجربة لي. إنّها ممثلة هائلة، وفريدة من نوعها".
أما عن سبب حبّه للمخرج ليلْتي وعشقه لأفلامه،
فلأنّ تلك الأفلام تتناول مسائل عدّة: عثور شخصٍ على ندائه الداخلي، الجماعيّ في مقابل الوحدة، التضامن الذي يرتفع بالناس، والذي يُنقذهم أحياناً، وغيرها: "هذه قِيَمٌ أجد نفسي فيها، حقّاً".