جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
تغيير في لغة الخطاب أكثر من كونه تغييراً في السياسة الأمريكية
«الوضوح الاستراتيجي».. ردّ خطير على قضية تايوان
اعتبر إيك باراش، مستشار مختص بالشؤون الأمنية والتنقنية لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، التدريب العسكري الذي أجرته الصين حول تايوان الأسبوع الماضي، كرد فعل للمتحدث باسم مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي، آخر التطورات في المنافسة المتنامية على تايوان.
في العام الماضي، راجع مجلس الشيوخ الأمريكي قانون سياسة تايوان، ما وفر اعترافاً غير مسبوق بكون الجزيرة “حليفاً رئيسياً خارج الناتو”. لذا صار لزاماً أن تقيم مسألة الوضوح الاستراتيجي وتُناقش لجعل تايوان أكثر أمناً.
وأضاف باراش في مقال بمجلة “ناشيونال إنترست”: يفسح الوضوح الاستراتيجي المجال أمام صراع غير مطلوب بسبب فرضيتين خاطئتين. الأولى: تايوان معرضة للغزو، والثانية: من شأن الالتزام العلني بالدفاع عن تايوان أن يردع الصين.
ووفق الكاتب، يتمحور مفهوم الوضوح الاستراتيجي حول فهم ظروف جزيرتي ماتسو وكنمن الواقعتين بالقرب من ساحل الصين تحت الحكم التايواني، لكن موقعهما الجغرافي يجعلهما هدفاً رئيساً للحملة الصينية المستهدفة احتلال تايوان وعاملاً مهماً في خلق سياسة دفاعية بين جانبي المضيق.
وفي مستهل الحرب الباردة، وجدت الولايات المتحدة نفسها في موقف مشابه للموقف الحالي. يعني هذا أنه كان عليها تقديم ضمانات لتايوان. ونتج عن ذلك عقد معاهدة دفاعية متبادلة بين الصين وأمريكا بهدف الدفاع عن بسكادورز.
غير أن المعاهدة لم توضح موقف تايوان وباقي الجزر الصغيرة. وحين ردت الصين بالهجوم، طالبت القيادة التايوانية بضمانات علانية لجزيرتي كنمن وماتسو.
وبعد مرور ثلاثة أعوام، قامت جمهورية الصين الشعبية بتحريك حملة تستهدف شن غزو برمائي على كنمن وماتسو، وتمثل الرد الأمريكي في واجهة تقليدية زائفة تعتمد بشكل كبير على التهديد بالتصعيد النووي.
ولم يعد للتصعيد النووي نفس التأثير على الصين كما كان وقتئذ، إذ أمّنت نفسها بإمكانيات تسديد الضربة الثانية.
وفي الوقت عينه، قللت تايوان القوات على جزرها، إذ يعد الدفاع التقليدي غير عملي وغير مرغوب فيه في أزمة القرن الحادي والعشرين، علاوة على كون الجزيرتين داخل منطقة منع الوصول والحرمان من الدخول. فالجزيرتان قريبتان من مُسيرات كثيرة، ومدفعية ثقيلة، ونظم صواريخ قصيرة المدى.
ولكي تنجح عملية الغزو، تحتاج العمليات العسكرية لتقسيم القوات، ودفاع صاروخي، وردع كبير للهجمات والاستخبارات، وأرقام أولية، ما سيكون مكلفاً للصين. ورغم كل ما أثارته الصين من ضجة، ستلعب إعادة توحيد الجزيرتين مع الصين دوراً مهماً، إذ يفضل الرئيس شي اللجوء إلى جميع الحلول السلمية في هذا الاتجاه قبل أن يلجأ لتصعيد النزاع، ما يؤدي لدخوله في صراع مع الولايات المتحدة.
ولكي تنجح عملية الغزو، تحتاج العمليات العسكرية لتقسيم القوات، ودفاع صاروخي، وردع كبير للهجمات والاستخبارات، وأرقام أولية، ما سيكون مكلفاً للصين. ورغم كل ما أثارته الصين من ضجة، ستلعب إعادة توحيد الجزيرتين مع الصين دوراً مهماً، إذ يفضل الرئيس شي اللجوء إلى جميع الحلول السلمية في هذا الاتجاه قبل أن يلجأ لتصعيد النزاع، ما يؤدي لدخوله في صراع مع الولايات المتحدة.
وبإمكان كنمن وماتسو أن تلعبا دوراً مهماً في هذا التوحيد، فمن شأن ارتباطهما الثقافي والاقتصادي بالصين أن يقربهما من الأرض الرئيسية للصين.
فإذا ما أقنعت الصين تايوان بأن إعادة التوحيد ستكون في مصلحتها، فمن الممكن أن تفتر المصالح الأمريكية في تايوان. وما زالت الصين مترددة في غزو الجزيرتين لأن العدوان سيقوض الجهود والثروات التي خصصتها الصين للحفاظ على قيادة مسؤولة.
وفي ضوء هذه التطورات، يعد الوضوح الاستراتيجي خطراً لأنه يستلزم تصعيداً من قبل جمهورية الصين الشعبية.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين تستخدم الأزمات لتحويل الواقع الإقليمي لصالحها بدءاً من بسط السيطرة في جنوب بحر الصين وصولاً لقيام السفن بدوريات مستمرة في المياة المحيطة بجزر سينكاكو.
من ثم، سيكون الاعتداء على كنمن أو ماتسو رداً عنيفاً على تهديد عنيف. غير أنه سيكون متماشياً مع استراتيجية الصين وردودها التاريخية.
وقد يكون غزو تايوان أصعب العمليات العسكرية على الإطلاق، يقول الكاتب، إذ لا تسمح الأحوال البحرية في مضيق تايوان بالغزو إلا في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول)، وهي أوقات قصيرة للغاية، علاوة على كون الجزيرة عظيمة التحصين. يضاف إلى هذا أن مساحات الهبوط قليلة وضيقة، ما يعوق الهبوط البرمائي اللازم لإنزال أعداد كبيرة من قوات الجيش الصيني.
وباختصار، ليست تايوان مهددة بشكل كبير بالغزو. من ناحية أخرى، تستطيع الولايات المتحدة تأمين الجزيرة دون اللجوء إلى إجراءات استفزازية بتزويدها بإمكانات دفاعية تقلل ثقة الجيش الصيني في قدرته على غزوها.
وأكد الكاتب ضرورة أن تعمل الولايات المتحدة على تحقيق هدف دبلوماسي يتمثل في تحفيز الحلفاء غير الإقليميين الذين لا يرغبون في تقويض علاقتهم مع الصين على فرض عقوبات ضد المحاولات غير السلمية لتغيير الحالة الراهنة، فبإمكان العقوبات أن تغير حسابات الغزو المحتمل بشكل لا تفعله القوة العسكرية للولايات المتحدة.