«قمّة القرن».. هل يقبل ترامب بتقاسم الهيمنة مع الصين؟
رجح خبراء في العلاقات الدولية أن تتعلق محاور اللقاء المُنتظر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، الذي وصفوه بـ”قمّة القرن”، بـ”السيطرة والتحكم الدولي وشكل النظام العالمي الجديد».
وأشاروا لـ”إرم نيوز”، إلى أن تلك المحاور ستتقدم على حساب تراجع القضايا الثانوية مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي والمعادن النادرة وأشباه الموصلات وفول الصويا.
وكان ترامب قد أعلن أنه سيعقد اجتماعا مطولا مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال زيارته المرتقبة إلى كوريا الجنوبية، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي “آبيك».
علاقة متأرجحة
وقالت الباحثة في الشؤون الصينية والآسيوية، الدكتورة تمارا برو، إن بكين حتى اليوم لم تصرح بمشاركة الرئيس الصيني في قمة “آبيك”، المقرر عقدها الأسبوع القادم في كوريا الجنوبية، وفي حال حضوره من المتوقع أن يجمعه لقاء مع ترامب، الذي صرح مرارا وتكرارا أنه سيلتقي شي جين بينغ.
وبيّنت لـ”إرم نيوز”، أن العديد من الملفات سيتم مناقشتها في الصدارة منها المعادن النادرة والتكنولوجيا وقضية تايوان و”التيك توك” والرسوم الجمركية، مرجحة أن يؤدي اللقاء إلى تخفيف حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين لاسيما في ظل ما تعانيه بكين وواشنطن من وضع اقتصادي سيئ وتراجع في النمو.
وأشارت الدكتورة تمارا إلى أنه ستكون هناك جولة من المباحثات التجارية في ماليزيا بين مسؤولين صينيين وأمريكيين، سيتم فيها مناقشة الأمور الأساسية لتمهيد بعض النقاط العالقة للاتفاق عليها بين ترامب وبينغ في كوريا الجنوبية، حيثُ يأتي اللقاء بينهما في ظل تصاعد التوتر بين بكين وواشنطن حول المعادن النادرة والتكنولوجيا.
ولفتت إلى حضور قوي ومتوقع في مناقشات الرئيسين لملف فول الصويا في ظل امتناع بكين عن استيراده، مما ألحق أضرارا كبيرة بالمزارعين الأمريكيين، حيثُ إن الصين هي أكبر سوق تقوم باستيراد ذلك المنتج من الولايات المتحدة.
وأوضحت الدكتورة تمارا أن الصين تعتبر تايوان خطا أحمر وتابعة لها وترفض المساومة عليها، كما ترفض التعاون الأمريكي مع الجزيرة الآسيوية المهمة سواء عبر زيارة المبعوثين الأمريكيين إلى تايبيه أو بيعها الأسلحة العسكرية لها، بجانب قضية بحر الصين الجنوبي في ظل اعتبار بكين أنه تحت سيادتها بنسبة 90% في وقت تقوم الولايات المتحدة بدوريات عسكرية هناك.
ونوهت إلى أن الملف الإيراني سيكون حاضرا في القمّة المنتظرة، وذلك انطلاقًا من إطار العلاقة الوثيقة بين بكين وطهران، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وإمكانية تقليل الصين مستوى شرائها للنفط الروسي بجانب ملف الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
وأعربت الدكتورة تمارا عن اعتقادها أنه حتى لو توصل الجانبان إلى اتفاق تجاري بتخفيض الرسوم الجمركية وبيع “تيك توك” من جانب بكين وإجراء تفاهم حول المعادن النادرة، ستظل العلاقات بينهما متأرجحة بين الحدة والتهدئة، خاصة أن الخلاف القائم بينهما في الأساس حول النظام العالمي، حيثُ إن الصين تريد إنشاء عالم ثنائي أو متعدد الأقطاب في حين أن الولايات المتحدة تريد أن تكون صاحبة الهيمنة الدولية.
شكل النظام العالمي
بدوره، قال الخبير في الشؤون الآسيوية، سامر خير أحمد، إن فرص التفاهم بين الولايات المتحدة والصين أكبر بكثير من فرص الصدام بينهما، والقضايا المطروحة بين الجانبين يمكن تقسيمها إلى نوعين، الأولى جوهرية تتعلق بالتنافس بين البلدين على الصعيدين التجاري والاقتصادي، وأخرى على الصعيد السياسي الذي يعد الأكثر أهمية.
واعتبر لـ”إرم نيوز”، أن جوهر الصراع بين الدولتين الكبيرتين يدور حول شكل النظام العالمي، ومدى الإبقاء على نظام أحادي القطبية تتزعمه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، أم التحول إلى نظام متعدد الأقطاب تسعى بكين من خلاله أن يكون لها دور يعادل حجم وتأثير واشنطن.
وأشار الخبير أحمد إلى أن القضايا الأساسية بينهما تدخل تحت مظلة النظام العالمي الجديد، وفي صدارتها، التنافس التجاري والرسوم الجمركية والنفوذ الدولي، أما القضايا الأخرى فهي تمهيدية أو تستخدم لتبرير الصراع.
وبيّن أن الولايات المتحدة لا تصرح بأنها تريد منع الصين من أن تتحول إلى قطب عالمي منافس، بل تتذرع بقضايا جانبية مثل قضية تايوان وبحر الصين الجنوبي، مدعية أن بكين تسعى للسيطرة بالقوة العسكرية أو لفرض نفوذها على بحر الصين الجنوبي مما يهدد التجارة العالمية.
وأضاف الخبير أحمد أن هذه الادعاءات ليست هي الأساس الحقيقي للخلاف، حيث إن القضايا والتي منها تايوان وبحر الصين الجنوبي تعد ثانوية مقارنة بالقضايا الجوهرية المتمثلة في الرسوم الجمركية والتنافس على النفوذ والحفاظ على التفاهمات القديمة التي بدأت منذ سبعينيات القرن العشرين. ولفت إلى إمكانية التفاهم بين البلدين أكبر من إمكانية الصدام، لأنه ليس من مصلحة أي منهما الدخول في صدام مباشرة، لأن القضايا الجوهرية تتعلق بالنفوذ وشكل النظام العالمي، بينما ستتراجع القضايا الثانوية مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي في حال تم التوصل إلى تفاهمات حول النفوذ والحفاظ على استقرار التجارة الدولية.
وذكر الخبير أحمد أن الولايات المتحدة تريد من الصين العودة إلى التفاهمات القديمة حول شكل النظام العالمي والاعتراف بسيطرتها ونفوذها العالمي، بينما تسعى بكين إلى أن تعترف واشنطن بأنها أصبحت قوة كبرى ذات نفوذ واسع ومتطلبات أكبر على الساحة الدولية، سواء عبر مبادرة “الحزام والطريق” أو من خلال علاقاتها السياسية مع دول العالم خاصة دول الجنوب النامي.