رئيس الدولة يعين محمد المنصوري وكيلاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل
«مرتزقة كوبيون» في أوكرانيا.. اتهامات أمريكية تشعل المواجهة مع هافانا
تتصاعد مجددًا التوترات بين واشنطن وهافانا، بعد اتهاماتٍ أمريكيةٍ لكوبا بإرسال مقاتلين للقتال إلى جانب روسيا في الحرب الأوكرانية، وهي مزاعم نفتها كوبا بشدّة، مؤكّدةً أنّها تدين أيّ مشاركةٍ لمواطنيها في نزاعاتٍ خارج أراضيها، وأنّها اتخذت إجراءاتٍ قضائيةً بحقّ كوبيين تورّطوا في أعمالٍ مرتزقةٍ بالخارج.
ويرى خبراءُ تحدّثوا لـ”إرم نيوز” أنّ الولايات المتحدة تسعى، من خلال هذه الاتهامات، إلى التأثير على مواقف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قبيل التصويت على التقرير السنوي المطالب برفع الحصار الاقتصاديّ المفروض على كوبا منذ أكثر من ثلاثة عقود، في محاولةٍ لتفكيك الإجماع الدوليّ الذي يدين السياسة الأمريكية تجاه هافانا.
قالت وزارة الخارجية الكوبية إنّ الادعاءات الأمريكية “لا أساس لها من الصحّة”، مشيرةً إلى أنّ السلطات في هافانا فتحت تحقيقاتٍ قانونيةً ضدّ مواطنين كوبيين ثبت انخراطهم في أنشطةٍ مرتزقةٍ في الحرب الأوكرانية.
يُذكر أنّ كوبا، رغم دعمها السياسيّ لروسيا، كانت قد دعت إلى محادثات سلامٍ لإنهاء الصراع، وفق ما نقلته وكالة “رويترز».
وكانت تقاريرُ إعلاميةٌ قد تحدّثت العام 2023 عن وجود كوبيين في ساحة المعركة بأوكرانيا، ما دفع هافانا إلى فتح تحقيقٍ رسميّ، ووصفت هؤلاء الأشخاص لاحقًا بأنّهم “مرتزقة” جرى استغلالهم عبر شبكات تجنيدٍ خارجية.
خلفيات سياسية
ويقول أستاذُ التواصل السياسيّ في جامعة كادِس الإسبانية، الدكتور محمد المودن، إنّ الاتهامات الأمريكية “جزءٌ من مشهدٍ جيوسياسيٍّ معقّدٍ تتقاطع فيه المصالح والتحالفات، يشبه إلى حدٍّ كبير المواجهة بين واشنطن وفنزويلا”، مضيفًا أنّ واشنطن عادةً ما تتّخذ مواقف عدائية تجاه الدول التي لا تنضوي ضمن الحلف الغربي.
وأوضح المودن في تصريحاته لـ”إرم نيوز” أنّ “القضية تتجاوز البعد الأمنيّ والاستخباراتيّ الضيّق، لتندرج ضمن عملية إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي، حيث تستخدم القوى الكبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وروسيا، أدوات الحرب الإعلامية والدبلوماسية والاقتصادية لترسيم حدود نفوذها».
وأشار إلى أنّ نفي كوبا لهذه المزاعم وفتحها ملفاتٍ قضائيةٍ ضدّ شبكات تجنيد المرتزقة “يعبّر عن حرصها على حماية سيادتها القانونية، والحفاظ على استقلال خطابها السياسيّ، في مواجهة محاولات واشنطن لإعادتها إلى خانة العداء الأيديولوجيّ التي وُضعت فيها منذ الحرب الباردة».
حسابات واشنطن والبيت الأبيض
ولفت المودن إلى أنّ “هذه الحملة ضدّ هافانا تأتي في لحظةٍ سياسيةٍ حسّاسة، مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذي يتبنّى سياسةً متشدّدة تجاه الجزيرة بعد الانفتاح النسبيّ الذي شهدته العلاقات في عهد باراك أوباما”، مشيرًا إلى أنّ “القضية الأوكرانية تُستخدم لإحياء سردية الهيمنة الأمريكية في نصف الكرة الغربيّ، عبر تصوير كوبا كجزءٍ من محورٍ استبداديٍّ موالٍ لموسكو، لتبرير استمرار العقوبات الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية ضدّها».
من جانبه، قال المختصّ في شؤون أمريكا اللاتينية الدكتور بلال رامز بكري، إنّ “الأمم المتحدة ستصوّت هذا الشهر مجددًا على مشروع قرار رفع الحصار عن كوبا، وهو الملف الذي يُطرح سنويًا منذ عقود دون أن يُحقّق أيّ اختراقٍ فعليّ، بسبب استخدام واشنطن لحقّ النقض (الفيتو)».
وأضاف بكري لـ”إرم نيوز” أن “الولايات المتحدة تبدو ماضية في النهج ذاته هذا العام، مستندةً إلى مزاعم إرسال كوبا مقاتلين إلى الحرب الأوكرانية”، لافتًا إلى أن “كوبا تنفي هذه الادعاءات وتؤكد محاكمتها لمواطنين شاركوا كمرتزقة خارج إشراف الدولة».
وأشار بكري إلى أن “الموقف الرسمي الكوبي يبقى داعمًا للحليفة موسكو، رغم النفي القاطع لأي تورط مباشر في القتال”، معتبرًا أن “تبادل الاتهامات بين الجانبين يدخل في سياق معركة دبلوماسية محتدمة داخل أروقة الأمم المتحدة حول مصير الحصار الاقتصادي».
وختم بالقول إن “من غير المرجّح رفع الحصار عن كوبا في الوقت الراهن، إذ ستستمر الضغوط الأمريكية إلى أن يحدث تغيّر أوسع في المشهد الدولي يعيد رسم موازين القوى».