«يوروبوند».. بروكسل تلعب آخر أوراقها لضمان تمويل كييف

«يوروبوند».. بروكسل تلعب آخر أوراقها لضمان تمويل كييف


لعبت المفوضية الأوروبية آخر أوراقها بجرأة غير مسبوقة في معركة  تمويل أوكرانيا المستمرة، إمَّا أن توافق الدول الأعضاء على استخدام الأصول الروسية المجمّدة، وإمَّا تتحمّل بنفسها كلفة الحرب عبر الاقتراض المشترك، وهذه هي معادلة “الابتزاز المشروع” التي تعتمدها بروكسل لانتزاع إجماعٍ سياسي هشّ قبل أن ينفد الوقت.وكشفت “بوليتيكو”، أن هذه الخطة البديلة، المتمثلة في إصدار “سندات يوروبوند” بقيمة 140 مليار يورو، تبدو خيارًا مرفوضًا حتى قبل طرحه رسميًّا؛ فالدول “المقتصدة” مثل ألمانيا وهولندا لا تريد تحميل دافعي الضرائب ديونًا جديدة، بينما تغرق فرنسا وإيطاليا أصلًا في عجز مزمن، لكن هذا الرفض نفسه هو ما تراهن عليه المفوضية: إقناع المترددين بأن مصادرة الأصول الروسية، رغم تعقيدها القانوني، تبقى الخيار الأقل كلفة سياسيًّا. وبحسب مصادر فإن الرهان الأوروبي يتركز الآن على بلجيكا، الدولة التي تحتضن مؤسسة “يوروكلير” التي تُدير الجزء الأكبر من الأصول الروسية، غير أن “بروكسل”، بقيادة رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر، ما زالت تصرّ على التحفظ، معتبرةً أن العملية تحمل تبعات قانونية خطيرة وتتناقض مع اتفاقات الاستثمار الثنائية الموقّعة مع موسكو، لكن داخل أروقة الاتحاد، يسود اعتقاد متزايد بأن بلجيكا ستلين في نهاية المطاف، خاصة مع تزايد الضغوط قبل القمة الأوروبية المقبلة في ديسمبر.ووصف دبلوماسيون أوروبيون أن ما يجري هو “لعبة توازن دقيقة”؛ فالمفوضية تعرض خيارًا غير واقعي (الاقتراض المشترك) لتجعل الخيار الآخر (مصادرة الأموال الروسية) يبدو أكثر منطقية، وقال أحدهم ساخرًا: “هذا هو جوهر الدبلوماسية، أن تقدّم للآخرين ما يرفضونه كي يقبلوا بما تريده أنت».لكن خلف هذا التكتيك يقف سباق مزدوج مع الزمن؛ فميزانية كييف مهددة بالنفاد بحلول مارس، في حين تتحرك المجر لتشكيل محور مع تشيكيا وسلوفاكيا يُعارض استمرار التمويل الأوروبي، وأي تأجيل إضافي يعني تعقيدًا سياسيًّا أكبر داخل الكتلة، وربَّما انقسام فعلي في مواقفه تجاه الحرب.وفي المقابل، لا تزال المفوضية تُطمئن بلجيكا إلى أن المخاطر القانونية محدودة، وأن الأموال لن تُعاد إلى روسيا إلَّا في حال إنهاء الحرب ودفع تعويضات لأوكرانيا، وهو سيناريو يكاد يكون مستحيلًا، لكن ومع ذلك، تبقى المخاوف البلجيكية قائمة من “جيش من المحامين الروس” قد يهاجم القرار أمام المحاكم الدولية.وبينما يرى بعض المحللين أن استغلال الأصول الروسية أصبح “اللعبة الوحيدة الممكنة”، يصف آخرون هذه السياسة بأنها مقامرة غير محسوبة قد تفتح بابًا قانونيًّا لا يمكن إغلاقه لاحقًا، ومع ذلك، تتفق العواصم الأوروبية على أمر واحد: أن الفشل في التوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة سيكون بمثابة ضوء أخضر لموسكو، مفاده أن تعب أوكرانيا بدأ ينعكس داخل أوروبا نفسها وفي الوقت الذي تصف فيه ستوكهولم اللحظة بأنها “حاسمة لفرض ضغط فعلي على بوتين”، يبدو أن أوروبا باتت أمام خيارين أحلاهما مرّ: إمَّا المساس بالمبادئ القانونية التي لطالما تباهت بها، وإمَّا المجازفة بوحدة موقفها المالي والسياسي تجاه الحرب الطولى في القارة.