آراء الكتاب

آراء الكتاب

مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل 
abdalmaqsud@hotmail.com

رمضان والأمراض المزمنة 
هلَّ علينا رمضان بفرحته وبهجته وروحانياته وفي هذا الشهر يجد المسلم نفسه مشدوداً إليه وحريصاً على أن يستفاد منه أكبر استفادة ويستعيد لنفسه من الخير ولا أفضل من فريضة الصيام التي اختص الله بها شهر رمضان واختص ثوابه  لنفسه حيث يقول الله تعالى في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به فهنيئا لمن صام رمضان واستطاع تحصيل الثواب الجزيل ، ولنا إخوة اختصهم الله ببعض الابتلاءات حتى يختبر صبرهم وإيمانهم ويجازيهم عنه خير الجزاء .
البعض منا اختصهم الله ببعض الأمراض مثل السكر أو الضغط أو أمراض القلب وغيرها مما قد يؤثر الصيام عليهم سواء بالسلب أو الإيجاب، فهناك حوالي 15ساعة من الصيام قد تزيد أو تنقص من مكان لآخر لا يتناول فيها الصائم الطعام أو الشراب أو الأدوية ولذلك يجب أن يكون علي دراية كاملة بما يحدث للجسم ويتجنب حدوث أي ضرر أو مضاعفات وهذا يكون بمراجعة الطبيب والفحص الدقيق لاتخاذ القرار السليم سواء بالصيام أو الإفطار 
في بداية وقت الصيام يستمر الجسم في العمل بصورة طبيعية حيث تستمر المعدة في الهضم بنفس المعدل ويستمر القلب في النبض وضخ الدم بنفس الدرجة ويستمر البنكرياس في إفراز الإنسولين للحفاظ على مستوى السكر في الدم وتقوم المرارة بإفراغ محتوياتها من العصارة الصفراء لهضم الدهون ويقوم الكبد بتخزين الدهون الزائدة عن حاجة الجسم ومع مرور الوقت تبدأ المعدة في الهدوء نتيجة عندم دخول أي طعام إليها وتقل ضربات القلب كما يحدث ضيق بسيط في الأوعية الدموية للحفاظ على الضغط وعلي كمية السوائل في الجسم ويقل معدل التنفس ويقل إفراز السوائل من الكلي إلى المثانة وهذه كلها أعراض طبيعية ولازمة للحفاظ على الجسم في أفضل حالاته ولكن في بعض حالات السكر أو الضغط أو أمراض القلب وغيرها قد تحدث بعض المضاعفات مثل ارتفاع ضغط الدم أو زيادة درجة لزوجة الدم ، ارتفاع أو انخفاض نسبة السكر مما قد يسبب مشاكل صحية ينتفي معها الغرض من الصيام ، فالصيام يجب أن يؤدي للفائدة الروحانية والجسدية وليس العكس ولذلك شرع الله لنا التعويض والكفارة في حالة عدم استطاعة صيام الفريضة. 
أولوية الطبيب القصوى هي في تحديد العلاج المناسب والحفاظ على الصحة والمساعدة على الصيام لذلك يجب أن يكون القرار بعد استشارة الطبيب وعمل الفحص اللازم لاتخاذ القرار المناسب سواء الصيام أو الإفطار .
د. محمد دياب 

استنساخهم صعب 
نتابع في الأونة الأخيرة بعض الشخصيات العامة يحاولون استنساخ شخصيات مؤثرة في وجدان المشاهد العربي، فنجد مثلاً شخص يحاول جاهداً التحدث بأسلوب محمد حسنين هيكل، ويجتهد كثيراً في إدلاء بمعلومات غريبة عن أحداث وقعت في حصون الرئاسة، ويخرج بمعلومات تسيء للبعض وتغير من انطباع الجمهور لهذه الشخصية محاولة منه بأن يظهر بمظهر الشاهد على العصر، وغفل حضور الكاتب وقبوله وكيفية طرحه للمعلومة وتوصيلها بجدية وتقدير، أما هذا المسخ فيحاول بدون جدوى 
وأخر خرج على الشاشات ليتحدث في العلم وربطه بالدين وكانه يعيد في ذاكرة المشاهد برنامج العلم والإيمان، لكنه فشل لعدم حضوره وقبوله عند المشاهد البسيط، وذلك لأسلوب تقديمه للبرنامج، وتدخله في مناطق دينية يبين مدى جهله بها، وأن كل فتوى يخرج بها أو فكرة من وجهة نظره جديدة وتنويرية هى في الأساس مستهلكة وتحدث فيها أهل العلم كثيراً وضحوها، ويمضي بأسلوب من خالف يعرف، لكن الدكتور مصطفى محمود صاحب برنامج العلم والإيمان كان له السبق في بناء الثقة بينه وبين الجمهور، بحضوره وهدوءه وابتسامته المعهودة التى لا تقبل الاستنساخ مطلقاً 
ونجد من يرفع صوته وينظر على الحكام ويسخر من الدين على الشاشات، ويطالب بحرية الفكر ويدعي بأن الحكومات تكمم الأفواه ونسي أنه في الصحف والتليفزيون ليل نهار يسب ويلعن وينقد وينظر ولم يسأل عنه أحد، ولم يحاسبه أو يقدم فيه شكوى، يحاول جاهدا استنساخ شخصية علمانية يتحدث باستفزاز عن الفكر الديني ويمقت المؤمنين بالمعتقد المخالفة لمعتقده، وكأنه جاء بالوحي عليم بكل شيء، فالسيد النقبي لم يستنسخ منه شخص أخر لأن كل واحد من هؤلاء يعتبرون بصمة إيجابية أو سلبية المهم انهم من الصعب تقليدهم ومحاكاتهم لأنهم أصحاب حضور وقبول أما المستنسخون فلا يستطيعون بناء الثقة بهذه الوجوه وسحب البساط من الأصليين 
حمادة الجنيني 

المتفاعلون 
التفاعل على المنصات الإلكترونية من خلال كتابة بعض الخواطر والإرشادات والتنظير على مشكلة ووضع حلول لها ، مجهد جداً ويجعل الكاتب أو صانع المحتوى المحترم دائما في ضغط المسؤولية المجتمعية، خوفاً من تناول موضوعات تحسب عليه من الناحية الاخلاقية وبناء وهدم القيم بدلا من بناءها، وتحت هذه الضغوط الكثيفة للمضي قدماً نحو الصدق في المشاعر والفكر السوي، يسأل سائل، لماذا تتعب نفسك وتنشر من أجل الناس وهم لا يتفاعلون معك حتى تفاعل ولو تفاعل بسيط، وانت لا تعرف أغلبهم ولا يعرفونك شخصياً .
يكون الرد بسيط جداً، لان هناك أناس يتابعون بصمت، وهؤلاء قد ارهقتهم الحياة، في أمس الحاجة لمن يزرع الأمل في نفوسهم، ويشد على أيديهم ويؤازرهم، وربما الكلمات التي نجتهد في كتابتها تحولهم من اليأس للأمل ومن الضياع للثبات، وفي هذه الحالة نكون قد تمكنا من رفع مستوى شعورهم للفضاء الرحب والتفكير السليم .
كما أن هناك أشخاص يبحثون عن نقاط الضوء في عالم مظلم، يقفون بين البين لا هم في الضوء الكامل ولا الظلام الكامل، لذلك نتحدث في بث الامل والتفاؤل من أجل إعادة تأهيلهم، وليس بالضرورة معرفتهم أو التفاعل معي وشكري وما إلى ذلك من وضع الليك والإعجاب، فمصدر الكتابة ليس الهدف منه لا الشهرة ولا جني المال بقدر الاحتفاظ بالإنسانية ودعم المحتاجين للكلمة الطيبة التى هى في الأساس صدقة .
وهناك أناس رائعون نشعر بالسعادة عندما نسعدهم، وهنا تكمن الفرحة والبهجة وهى سعادة الأخر، واشخاص ربما تتغير حياتهم بسبب عبرة صرحنا بها في بعض الكلمات المحفزة للحياة ويستفيدوا منها، وفي أشخاص يحبون ما ننسخ أو نكتب، وقد تكون مناسبة لما يمرون به، وتأتي في الوقت المناسب الذي يكون محتاج من يفضفض معه بكلمات تمس مشاعره، وأناس أشد حاجة لمن يضيئ لهم الطريق بنصيحة أو بمعلومة حتى ولو كانت صغيرة .
من أجل هؤلاء أتعب نفسي، وأنتقي الكلمات وأصر على النشر ولا اهتم بالتفاعل بقدر الوعي بأن هناك من قرأ ولم يتفاعل لكنه تعلم شئ جديد او تغير شئ في سلوكه وأعاد تفكيره خاصة وأن عالم المنصات واسع والقراء مجهولون، والمتفاعلون ليسوا بالضرورة من الأصدقاء والمعارف المقربون .
علاء رياض 

الفن التشكيلي.. رسالةٌ لم تصل بعد -١ 
أكتب تلك السطور وأنا على يقين أن القارئ عندما تقع عيناه على كلمة ( الفن التشكيلي ) فلن يتحمس للقراءة، ولكن إن كنت من القلة التي ستقرأ هذا المقال فإنك ستساهم معنا في إيجاد موضع قدم لهذا الفن في مجتمعك، فمن المعروف أنه عندما تريد التأثير على وعي الأفراد فإن الوسيلة المثلى لذلك هي الفنون . فأنت تستطيع بعمل درامي أو مسرحي أو بأغنية أن تغرز ما تريد من أفكار ومشاعر . فكلنا يعلم أهمية الفنون وما لها من أثر على الجانب المعرفي والوجداني 
فهل للفنون التشكيلية نفس التأثير ؟ نظرياً نعم.. واقعياً لا ... الفن التشكيلي هو أحد أرقى الفنون البصرية لكنه ليس له وجود فعلي في الثقافة العربية ، نعم المؤسسات الثقافية والإعلامية تقوم بدورها إلى حدٍ ما في إقامة المعارض ونشر الأعمال الفنية، لكن هل هو من اهتمامات رجل الشارع العادي ؟ 
دعونا نتخيل أن رجلا عادياً خرج من بيته خصيصا ليتجه إلى معرضٍ فنيٍ . هذا بالطبع مجرد خيال ولا يحدث في الواقع إلا إذا كان هذا الرجل أحد اصدقاء أو من معارف الفنان ،فحضوره مجرد مجاملة شخصية، إذن ما سبب تلك الفجوة الكبيرة بين الفن التشكيلي والجمهور ؟ وأنا بدوري كفنانة تشكيلية أدعي أن الفن التشكيلي هو فن بلا جمهور ! 
في إحدى الاستقصائيات التي أقوم بها من حينٍ لآخر كان السؤال للفنانين كالآتي.. (هل يوجد جمهور حقيقي للفن التشكيلي خارج أهل الفن وأقاربهم وأصحاب المهن ذات الصلة ؟ لأن هؤلاء جمهور زائف، أغلبهم من وجهت لهم السؤال لم يريدوا -مع الأسف- أن ينظروا في مرآة الحقيقة، والبعض قال أنه فن نخبوي، والقليل جدا أقر بعدم وجود جمهور، نتيجة الاستقصاء بالنسبة المئوية 70% نعم يوجد جمهور بالطبع 20% هو فن نخبوي وليس للعامة 10% لا ليس له جمهور 
فإن كان معظم أهل الفن لا يريدون الاعتراف بالحقيقة فكيف لهم أن يضعوا أيديهم على موضع القصور ليتسنى لهم معالجته، وأنت أيها القارئ العزيز، ما رأيك بهذا الأمر وما السبب في وجود تلك الفجوة من وجهة نظرك .
ولاء محمد الباشا – فنانة تشكيلية 

سوق عكاظ 
يهلُّ علينا شهر رمضان الكريم بروحانيات وجو إيماني ننتظره طوال العام، وفي التوقيت نفسه  يصبح الشعر كسوق عكاظ، يباع فيه كل شئ السلع والقصائد ويعرض فيه ما يجب وما لا يجب، فالشهر تحول منذ سنوات طويلة لسوق للدراما، ولم يهتم صناعها من كون المسلسلات تعرض في شهر يتطلع المشاهد القدوة والتعلم والإرشاد السوي، لكن للأسف السباق في الأعمال السيئة ومن يستطيع وضع مشاهد لا تليق في رمضان وغير رمضان، بالإضافة إلى الألفاظ التى لا تصح أن تقال على الشاشات التى تدخل البيوت، ولا حتى التلميحات التى تطعن الأسرة في ظهرها وتفككها وتعلمها عدم احترام الوالدين، والعلاقات المشبوهة وتحليل المحرم والدعوة للفسق، كل هذا في سباق الدراما الذي يبث على الشاشة 
والمضحك المبكي هذا البرنامج الذي يقدمه فنان كبير على حد قوله على نفسه، يقدم فيه مساعدات مادية بأرقام كبيرة للمتسابقين، وهذا أمام الكاميرات فقط ليخرج اول مستفيد وأنه حصل على المبلغ الكبير الذي سيحول حياته، ليقول للناس أنهم لما يتقاضى أي مبالغ وهذا المشهد كذب، ونفس الحوارات تحدث في البرنامج الشهير باستضافة المشاهير من الرياضة والتمثيل ليقعوا في الفخ ويخرج بعضهم كل عام يقول أن البرنامج مبني على المقالب وأن لديهم علم بالمشاركة والمبالغ المقدمة كبيرة ومرتفعة لدرجة أن بعضهم يطلب من مقدم البرنامج استضافته، فشهر رمضان أصبح سوقا للدراما وبث مفاهيم مغايرة تماما للشهر نفسه .
إيمان الصقار - مهندسة ديكور

برج خليفة… حين يعانق الإنسان السماء 
كأن دبي ، في لحظة تحدٍ مع المستحيل ، أرادت أن ترفع قامتها حتى تطاول الغيم ، فكان برج خليفة ، صرحًا لا يشيخ ، يحكي قصة طموحٍ تجذّر في الرمال وتحول إلى مجدٍ يعلو في عنان السماء ، لم يكن البرج مجرد ناطحة سحاب ، بل كان قصيدة من زجاج وفولاذ ، أنشدها المهندسون والعمال ، وكتبها الزمن في سجل الإبداع البشري .
يقف برج خليفة في قلب دبي شامخًا ، لا يحدّه أفق ، وكأنه نقطة التقاء بين الأرض والسماء ، بين الحلم والواقع ، تصميمه البديع ، المستلهم من زهرة الحميرية الصحراوية ، يعكس انسجامًا مدهشًا بين الحداثة والطبيعة ، بين الفن والهندسة ، حتى صار رمزًا عالميًا للقوة والجمال . 
قال عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم : "لا وجود لكلمة مستحيل في قاموسنا ، وكل إنجاز في دولتنا هو رسالة للعالم بأن لا حدود للطموح" ، وحقًا لم يكن برج خليفة مجرد بناء ، بل رسالة كتبها الإماراتيون للعالم بحروف من ضوء، مضمونها أن من أراد القمة ، لن يتوقف حتى يصلها .
حين يهب النسيم في أعلى نقطة من البرج ، كأن دبي تهمس للنجوم بأن الإنسان قادر على أن يلامسها ،إذا ما امتلك الإرادة والرؤية ، هو ليس مجرد هيكل شاهق ، بل روح مدينة قررت أن تكون قصةً يرويها الأبد ، وقبلةً للعالم ، حيث يمتزج الجمال بالقوة ، في مشهدٍ يعجز الوصف عن احتوائه .
 حيدر فليح الشمري - صحفي 

دور الفن التشكيلي في الدراما 
 الفن التشكيلي بطبيعته فن المجتمع والراصد البصري بشمولية المشاهد الساكنة بين المألوف والمعتاد وكذلك الحالات الطارئة. وبما أننا نعيش عصر الميديا والصورة هي العنصر الأساس والمعول الأساس في ذلك، فالفن التشكيلي يقود حركة الوعي وينشر قيم الجمال بالقدر الذي يسمح للمجتمع بالبحث داخل مكتسباته التراثية والعقائدية للتعاطي مع الجديد الطارئ والتعايش معه بين الألفة وإمكانية إحداث جديد يساند تلك المراحل الطارئة حتى لحظة الخروج منها. 
ولذلك نجد ان الدور المهم للفن التشكيلي الذي تعتمده الدراما داخل مواقع التصوير من اثاث او محاكاة لقديم وتاريخي يخدم فكرة العمل الدرامي ويمنح المشاهد الدخول لهذا العالم والتعاطي معه ليس فقط من باب التمثيل وإنما للمكان والزمان والملابس والحركة وكلها فن لوني وشكلي مهم وكبير في خدمة الدراما 
ثم أن شخصية الفنان التشكيلي لم تعد في حاجة لظهورها في الدراما الحديثة بشكل استحضار مهندس الديكور الذي يشتبك مع مصمم الملابس ومصمم الأثاث وكذلك الوان الدهانات والديكور كشخصية مستقلة يستدعيها السيناريو والأخذ برأيها الاستشاري او اعتماد تكليفها بالأعمال وإنما نراها في اللمسات الفنية وبعض اللقطات التي تدور في مكان التصوير، والملاحظ ان معظم اللوحات المسندة على الجدران تحولت للوحات رقمية مطبوعة وقطع من المجسمات والمنحوتات المستنسخة من أعمال شائعة وربما تجدها داخل محلات (كل حاجة بعشرة) ولم يفكر المنتجون في البحث عن روايات او تجارب لفنانين تشكيليين كانوا جنودا وابطال ساهموا في نهضة مجتمعاتهم، والتغلب على الفقر وحالات التسرب من التعليم والبلطجة للجانحين بإقامة الورش الفنية وتعليمهم فنون النسيج والفخار والخزف والملابس وغيرها، تلك الروايات حول النماذج الإنسانية الرائعة في مختلف مجالات خدمة المجتمع ومنهم هؤلاء الفنانين موجودة في معظم ارجاء الوطن العربي ولكن يغفل عنها صناع الدراما .
الدراما العربية في عمومها تعتمد موسم شهر رمضان ووجود معظم أفراد الأسرة داخل المنازل وقت الإفطار (ساعة الذروة) للبث وكسب العدد الأكبر من المشاهدين مما يدفع بمزيد من عقود الإعلانات والتسويق، لذلك تجد الاستوديوهات واماكن التصوير وبعض الفنادق في حالة إشغال كامل بداية من شهر رجب من كل عام وحتى نهاية الشهر الفضيل وتلك الحالة التي استمرت لسنوات جعلت من هذا العمل مجال للتوقعات والمقارنات والكتابات النقدية والمتابعات جعلنا نشاهد بعض الأعمال الدرامية التي اكتفت بالتصوير داخل الغرف والتي تشبه إلى حد كبير برامج التوك شو .
راضي جودة – فنان تشكيلي

التمرد 
 استقبلتني أمي بالترحاب وأسرعت بمساعدتي لدخول البيت حماية من لفحات البرد الشديد، حرصت أن تقدم لي ملابس جافة وتحتضني بهدف تقديم الدفء 
قالت : البسي هذه الملابس بسرعة حتى لا يصيبك نزلة برد، ابتسمت وأنا أنظر لها واقترب من شعلة نار وسط إناء من الفخار، تسرب لجسدي الدفء والشعور بالراحة، رمقتني أمي بعينيها فأدركت أن لديها حكاية وخبر، ولحظات واقتربت مني ووضعت يدها على ركبتي وأنا أجلس القرفصاء .

 قالت: أنت كبرت وتخرجت في الجامعة وصرت عروسة وأبن عمك الدكتور كل الفتيات يرغبن بالارتباط به، لكنه يرغب في الزواج منك، وفي الحقيقة أن أبوك واشقاءك باركوا هذه الزيجة، فزوجة عمك كانت هنا وأخبرتني برغبته تجاهك 
 ازداد وجهي حرارة من الخبر وتلعثمت في الرد وانصرفت بهدوء لغرفتي المطلة على الحديقة الخلفية للبيت، ومع أن البرد القارص إلا إنني فتحت النافذة وتأملت شجرة المانجو العالية والطيور ترقد على أغصانها لتحتمي من البرد، يشرد العقل مرة أخرى، ويتساءل متى سأتخذ قرار يخص حياتي، لم أخير في الختان، ولا الكلية التي ارغمت على الالتحاق بها، وتحويل مسار رغباتي تحقيقاً لرغبات من يتحكمون في مصيري لابد أن يكون هناك وقفة 
 أسرعت في اليوم التالي لبيت عمي بحجة زيارة بنت عمي والجلوس معها، وكان هدفي أن ألمح أبن عمي الأكبر، وامتدت جلستي معها طويلا وعيني تراقب البهو ودرج سلم الدور العلوي حتى وجدته يدخل من الباب الخلفي، رحب بي وجلس بجوار أخته وكالعادة سألني عن خطة مستقبلي وأنه جاهز لتقديم خدماته كونه وكيل نيابة وعلى علاقة طيبة بالقيادات السياسية بالمحافظة، إلا أنني انتهزت فرصة خلوتنا لخروج أخته، وبدأت أرمي شباك الأنثى وحنكة الفتاة للفت نظره، ولمحت له بالحب بدون تصريح وأنه حلم كل فتاة في البلد وفي الكون 
 كان خجولا وملتزما وأشهر أبناء العائلة احتراماً، وبناء على تلميحاتي النابعة من تفكير أنثى خالت عليه، فبادر وسبق أخيه في طلب خطبتي من والدي مباشرة بعد صلاة عصر نفس ذات اليوم، لما علم والدي أن أولاد أخيه تشاجرا بسبب الزواج مني أقسم أنهما لا يتزوجا مني، وكانت أول خطة في حياتي أقدم على تنفيذها بحنكة الأنثى المتمردة من أجل التمرد، جعلت من يتحكمون في شؤوني يقررون ما أريده ويفعلون ما أرمي إليه، كانت طريقة جديدة بدأت في ممارستها بحنكة واقتدار، حققت نظرية انيس منصور في كتابه الشهير "قالوا" كتاب عبارة عن أقوال مأثورة عن المرأة منها أن من دهائها تستطيع أن تجعل إبليس يجلس كالطفل في حجرها، فمادام القوم نزع مني ما لا أرضى به فسوف استخدم ما اتمكن من تحقيق أهدافي به 
حتى والدي الذي بدأت علاقتي به منذ الطفولة متوترة وصعبة، صار اليوم يتودد لي ويحقق رغباتي بنفس حيلتي، وأول عهدي به وأول لقاء بيننا كنت في الخامسة من عمري، عندما عاد من الغربة، واستحوذ على غرفة أمي ، نفرت من الوضع والشكل والمضمون ورفضت وجوده في البيت، تجنبته تماما ولن أستطيع مناداته، أو الاقتراب منه والاعتراف به .
سحر الألفي - كاتبة 


متى تعود القيم لمجتمعنا
 سؤال يطالعنا دائماً في أحاديثنا اليومية ، وعندما يُطرح أو يُساق هذا التساؤل يكثر معه المتحدثون من الأمثلة بدءاً من الحديث حول تطاول الصغار على الكبار ، وانتهاءً بالحديث عن انفلات الشباب ، ومروراً بأمثلة كثيرة مثل الدراما الفنية ، وما تقدمه من محتوى يساهم بشكل أو بآخر في انحدار بعض القيم إن لم يكن أغلبها ، كما أن الحديث عن تلاشى القيم لا يخلو من المقارنات فنجد من يقارن بين أحوال الماضي والحاضر ، و أغلبهم منحازاً بشكل صريح إلى الماضي وأهله ومنهم من يقارن بين أحوالنا وأحوال الدول المتقدمة مقللاً من شأن الوطن الذى يعيش فيه وأهله 
ونحن جميعاً ننخرط في هذا النوع من الخطاب ، ولا يستثنى منا أحد ، وإزاءً لهذه الصور المختلفة من الآراء المحفزة لفكرة انهيار القيم وتفككها في حياتنا المعاصرة ، إزاء هذه الصور نجد أمامنا بعض الصور التي تعيش بيننا وحولنا في المجتمع ، وهذه الصور تبعث بالأمل ، والتفاؤل حيث أننا نكاد نشاهدها بصفة يومية في حياتنا المعاصرة ، فنجد العامل البسيط الذى يعمل منذ الصباح حتى صباح اليوم التالي، ونجد أيضاً التاجر الأمين ، والقاضي العادل ، والحرفي الماهر وكل هؤلاء من جميع فئات المجتمع يناضلون من أجل "اللقمة الحلال" وعلى أكتاف هؤلاء المناضلين تُبنى أركان ووسط كل هذه التناقضات والدلائل والتساؤلات التى تأكد وجود القيم أو تنفيها، نتطرق إلى السبب الرئيسي وراء كل هذا، وأنا أرجح من خلال رؤيتي للمشهد المجتمعي عن كثب ، وكأحد أبناء الطبقة المتوسطة التي تعتبر القلب النابض للمجتمع ، كما أنها أيضاً تعتبر أكثر الطبقات تأثُراً بغياب القيم، أرى أن العامل الرئيسي وراء الفراغ القيمي الذى يشهده المجتمع هو حالة الهلَع الوجودي ، والأخلاقي التى نشهدها فى الآونة الأخيرة ، بالإضافة إلى ذلك المبالغة فى الخطاب الإعلامي الذى يدعمه الخطاب الديني ، مما أدى إلى تفاقم الظاهرة ، وأصبح غياب القيم حوار مجتمعي مطروح ودائم بين أفراد المجتمع، من غياب القيم هو العودة إلى مبادئنا وأخلاقنا التي حثنا عليها ديننا الحنيف ، كما أننا بحاجة إلى أن نتأمل أنفسنا ، ونتأمل حياة الآخرين .
محمد أحمد شوقي