آراء الكــــــتاب
مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع
بهدف إثراء الحياة الثقافية
يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة
نتلقى مشاركتكم عبر الايميل
abdalmaqsud@hotmail.com
مصطلحات
من وقت لآخر تطرح على الساحة بعض القضايا المتعلقة بالعديد من المصطلحات، منها على سبيل المثال وليس الحصر، مصطلح الوطن والمواطنة والانتماء والولاء، وتعريف الوطن يختلف من شخص لآخر حيث إن التعريف الشائع معناه، أن الوطن هو المكان الجغرافي الذي ننتمي إليه ونحمل أوراقاً ثبوتية لجنسية هذا الكيان بدون اللجوء للقسم على حمايته والدفاع عنه، إيمانا أن المواطن ليس في حاجة لهذا القسم بخلاف منح جنسية أي وطن آخر ليس الوطن الأم.
في الوقت نفسه تعلو بعض الأصوات لتعلل المقصود من الوطن وتعرفه أنه المكان الذي أعيش فيه، وفيه الرزق والعمل والحصول على الحماية من خلاله حتى ولو لم أحمل أوراقه الثبوتية، وهذا الرأي جدلي بعيدا عن المناقشة السليمة المبنية على الوعي الفكري وتقديس الأرض ورفعه لمنزلة العرض والكرامة، فالأوطان في المهد لم تمنعها حدود ولا تقسيم لكن يظل الوطن محدوداً بحدود جغرافية وجب على مواطنيه الدفاع عنه والانطلاق من خلاله والمشاركة في تنميته وتطويره .
أما المواطنة فهى الانصهار الحقيقي بين المواطن والوطن، حتى يقال إن هذا البلد ليس وطناً نعيش فيه بل وطن يعيش فينا، والدليل على صحة هذا القول أن المغترب يحمل أعباء وطنه وجنسيته على أكتافه وفي قلبه ويدافع عنه بالكلمة والحجة في بلاد المهجر، وهناك أشخاص يحملون جنسيات مزدوجة ومع ذلك ينتمون إلى وطنهم الأم حتى ولو كان لهم أبناء صغار ولدوا وكبروا وترعرعوا في الوطن الثاني، فالقضية هي الشغف والحنين إلى الوطن حتى ولو لم يزره المغتربون من أبناء الجاليات في الخارج، لأن الأمر يستدعي أن يتكلم لغة الأباء ويتبع عادات وتقاليد هذا الوطن ولو كان في بلاد المهجر الأجنبية، فأبناء الجاليات في شتى بقاع الأرض يدينون بدين الأباء ويتعلمون القيم ويمارسون العادات والتقاليد مما يتيح لهم معرفة وطنهم الأم بدون تنظير وتوجيه.
القضية شائكة عند من يحاول العبث بالوطن الأم ويجد الراحة والتقدم والرقي في مكان آخر، مدعياً أن الأرض واسعه ولا حدود فاصلة فالكرة الأرضية وطن كبير، من هذا المنطلق يتحول النقاش إلى جدال لا يسفر عن وضع أسس حقيقية بين الوطن والمواطنة بقدر الترويج على أن الحياة العامة لا تحتاج لجوازات سفر وسهولة التنقل، والرد على هؤلاء أن الارتباط بالوطن هو ارتباط نفسي كارتباطنا بالأم وهي ليست المرأة الجميلة الوحيدة، ومع ذلك نقدرها ونحبها وندافع عنها، وفي الحقيقة كلما شعر المواطن أن الأملاك العامة ملكه كلما حافظ عليها وحماها لأنها مقدراته ومن ممتلكاته، وهذا الشعور ضروري جدا في هذه الحالة، لأن الوطن والمواطن والمواطنة اندماج بين الأرض والإنسان والشعور.
محمد أسامة
رفعت الجلسة
فقدان الهدف المشترك بين الزوجين يسهم في الفرقة، هذا بالإضافة لعدم وجود الألفة والسكينة والاحترام المتبادل، كل هذه العوامل والخصال تعجل بإنهيار الحياة وتحل الميثاق الغليظ من الروابط الإنسانية تماما، حتى أن الفراغ العاطفي يسيطر على القلوب والنفوس فيحدث الفتور وعدم الاكتراث. الحياة الزوجية تقوم على الاحترام والمودة والرحمة، وتحديد هدف مشترك بينهما يسعى لتحقيقه، بعيداً عن فرض الرأي والتمسك بالطرف للجذب والشد وفرض الرأي المنفرد بالقرار، فالعلاقة بين الزوجين لابد أن تكون مبنية على أسس وقيم من بينها التقدير واحترام الآخر والأخذ بالمشورة في القضايا المصيرية التى تحدد منهج الحياة بينهما.
وعلى الوالدين تقديم النصح والإرشاد للأبناء ثم التخلي تماما عن التدخل في حل المشاكل والخلافات إلا في حال تعثر توصيل وجهات النظر، كما على الوالدين ترسيخ مفهوم صورة الزوجة ومكانتها في المجتمع ودورها المنوط بها، فلا يساعدوا أبنهم الغير سوي من فتاة سوية، فتعتبر هذه الخطوة خيانة أخلاقية في حق الفتاة، من المفروض تقومين الأبناء وتربيتهم على المسؤولية وبناء شخصيتهم على تقدير المرأة والعكس
كما على المجتمع أن يغذي العقل الجمعي في تغيير بعض السلوكيات السلبية التى تقلل من فرص الزواج وتشارك في تعطيل الزواج بين الجنسين، تكلفة التجهيزات بين الطرفين والمتطلبات العالية التى ليست في محلها، فمعظم الدول العربية تفرض على الرجل فروضاً مادية عالية مما يجعل الشاب يعكف عن الزواج، وفي بلاد أخرى تساهم الزوجة في تأسيس البيت مما يرهق الأهل ماديا خاصة إذا كان عند الأسرة أكثر من فتاة وبينهن سنوات قليلة، ورأينا الغارمين والغارمات خلف القضبان بسبب هذه التجهيزات المغالى فيها، فلو أن المجتمع يراعي في التجهيز الاحتياجات الضرورية فقط لأصبح الزواج سهلا ومتاحا، واعتدل المجتمع وقلت نسبة العنوسة بين الجنسين.
لا ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي، لها دور في زيادة معدل الطلاق وانهيار الأسرة، لأنها جعلت العالم الكبير تحت نظر الجميع مما جعل البيوت من زجاج شفاف لا تحمي الأسرار، ولا تحتفظ بالخصوصية ونشر الصور الدالة على الثراء والرحلات والإنجاب وجمال الأطفال وشراء السيارات، يعجل من دخول المشاكل وتفاقم الاختلاف، فلو أن الأمهات اتخذن منهج الخنساء في توجيه بناتهن القادمات على الزواج لصلح المجتمع وصار سوياً. الحياة الزوجية ليست مشاعا لكل من مر وضع لبنة أمام الباب، فمع الوقت هذه اللبنة ستكثر وتعكف العقول عن الفهم وترفع سقف الخلافات بينهما، فلو أنهما فطنا لحل المشكلات وتذليل العقبات فيما بينهما بدون تدخل الأهل لصلحت الأسرة، لأن العواقب ستكون وخيمة عند الانفصال خاصة للأطفال، الذين يعانون من فقدان الثقة والتخبط في التربية السليمة، وتشتيت القلوب وزيادة العند والكيد، وتزداد القضايا والتلاعب بثغرات القانون مما يؤدي لحرمان الأب من الرؤية وغيرها من المكائد التى يقدمها محامي الطرفين كحل للانتقام. على المجتمع أن يستوعب هؤلاء الشباب، ويقدم لهم المحاضرات وورش العمل قبل الزواج بل على الشباب البحث عن هذه المراكز والحرص على صقل المعرفة في حل المشكلات الصغيرة أولاً بأول حتى لا تكبر وتصبح بين أروقة المحاكم.
ممدوح جاد
التكنولوجيا وكبار المواطنين
يعاني الكثير من كبار المواطنين من عدم تقبلهم وحبهم لاستخدام التكنولوجيا، ويرون فيها مضيعة للوقت ،ويجدون صعوبة في تعلمها، فيما يسارع آخرون منهم إلى مواكبة التكنولوجيا وتقبلها، واستطاع الكثير منهم الانخراط والاندماج مع عصر السرعة وتعلم مبادئ أولية لاستعمال التكنولوجيا ساعدتهم على ملء أوقات فراغهم، واستطاعوا متابعة وقراءة ما يروق لهم عبر الشبكة العنكبوتية.
كما اتخذ البعض الآخر موقفا معاديا ورفضوها رفضا قاطعا ،فتراهم يستاؤون من استخدام أبنائهم أو أحفادهم للهواتف المحمولة وانشغالهم عنهم وتراهم يعانون كثيرا من إيجاد سبل تسد أوقات فراغهم ، مع انشغال معظم الأبناء وعدم قدرتهم على التفرغ التام لهم في زمن يحتاج المزيد من الجهد والتعب لسد متطلبات الحياة ، ومن هنا يتوجب علينا إعادة النظر في كيفية تمكين كبار المواطنين لاستعمال التكنولوجيا لتصبح وسيلة لملء أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع والتسلية معا ، واطلاعهم على مواضيع متنوعة لا حدود لحصرها لتكون سببا لملء حياتهم بعيداً عن التذمر والاستياء.
وما بين هذا وذاك كيف يكون للأسرة دور برعاية الكبير والاهتمام به وتقديم يد العون لتعليمه أسس بسيطة في التكنولوجيا ، ولا ننسى دور الدول المهم في نشر العلم بين الكبار من خلال تقديم دورات تعريفية وتعليمية وتشجيعية لكبار المواطنين لتعليم استخدام الأدوات المعاصرة التي ستعود عليهم بالفائدة والسعادة والانفتاح على العالم الواسع الذي أصبح أشبه بقرية صغيرة، يستطيع أن يجوبها في دقائق ، وسيكون لذلك دور فعال في تنشيط ذاكرة الإنسان التي من الممكن أن تضعف مع الوقت وتتراجع ، لذلك عليه أن يمرن فكره وعقله كما يمرن الرياضي عضلات جسده ، فتساعده على التعلم واستخدام وسائل جديدة ، وإذا قدمنا لهذا الإنسان الذي يمتلك الخبرة والمعرفة والحكمة ما ينقصه تعلمه سنكون حققنا منهم أشخاصا غير مهمشين وقادرين على مواكبة قطار الحياة للتعايش معه، وبذلك نكون قد أعدنا إليهم ثقتهم بأنفسهم ، ليقدموا ويزيدوا معلوماتهم القيمة لشباب الجيل الحالي.
الكاتبة : رنا الشريف
خارج السباق
بالرغم من (القانون وعمر أفندي، وتيتا زوزو) وغيرهم من المسلسلات الدرامية العربية التى يتم إنتاجها خارج السباق الرمضاني، أثبتت أن نظرية تكديس الأعمال الدرامية في هذا الشهر باتت فاشلة، لأن المسلسلات التي تبث في غير أوقات رمضان وعلى مدار العام تعطي مساحة طيبة للمشاهدة ومتابعة المشاهد لها بدون الضغط بأكثر من عمل.
منتجو الدراما يتسابقون نحو إنتاج الأعمال في رمضان على اعتبار أن المشاهد عنده وقت لمتابعة هذه الأفكار، لكن الواقع يقول غير ذلك، لأن العائلات في تزاور، ومتابعة المسلسلات آخر اهتماماتهم، فالخروج وعدم التواجد في البيوت قل جدا عن السابق، بخلاف التوقيت الزمني للامتحانات وانشغال الطلاب بدروسهم، فضلاً عن الكم الهائل من الأعمال ووجود العديد من النجوم على رأس كل عمل
لم يدرك المنتجون أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت تنشر مقاطع من هذه الأعمال، وغالباً ما يشاهدها الجمهور على التطبيقات في أوقات مختلفة وتناسب أوقات فراغه، أما أن تنتج مسلسلات خارج السباق الرمضاني فهذا يحقق النجاح المبهر كما وجدناه في مسلسل ( برغم القانون وعمر أفندي) والملفت للنظر أن هذه الأعمال منحت فيها البطولة المطلقة لنجوم كانوا صفا ثانيا، وأبدعوا لأن وجودهم بين الكبار كان يضعهم في مقارنة وقتية تظلمهم من حيث الإبداع والخبرة.
أما وجودهم خارج هذا السباق يمنح الجمهور القدرة على الحكم بشكل جيد على النجوم الجدد وتحملهم مسؤولية عمل درامي كامل، والجميل أن المسلسل يضم وجوهاً شابة قد يكون أول عمل يخوضه في مجال التمثيل، ومن مميزات هذه الأعمال هي مساحة الوقت وعدم وجود ضغط زمني يجعل العمل يبث على الفضائيات حلقة بحلقة والعمل مازال في التصوير، وهذا خطر لأن صناع العمل يتأثرون بردود فعل الجمهور وهذا حدث في أكثر من عمل ما دفعهم لتغيير النهاية بما يرغب به، وأصبحت فكرة ضخ كل هذه الأعمال في رمضان للحصول على إعلانات فكرة غير صائبة، وذلك بعد انتشار الإعلانات على جميع التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لانشغال الجمهور في منطقة الشرق الأوسط بالعديد من القضايا التى سحبت البساط من تحت أقدام هذه الأعمال، وانتشار نوافذ الإعلان أيضا قللت من أهمية بثها خلال المسلسلات، فلابد من إعادة النظر في توزيع الأعمال على مدار العام للتقليل من الأخطاء الفادحة التي تحدث في التصوير وغيرها، وإعطاء الجمهور الفرصة لمشاهدة أعمال مصنوعة بمهارة، واتقان، وإبداع.
حمادة الجنايني
حبة القمح
كحبة قمح إذا غبت... جاعوا
و في حضرتي بذروا ثم باعوا
أنا كنت خيرا ولا زلت خيرا
و في سمعتي كل سوء أذاعوا
بأن التراب الذي يحتويني
أميل إليه عند نضوجي
بقى بالسنابل... ولا يرغبوني
فإن قاطعوني..
ولا سامح الله... إن خاصموني
كحبة قمح
أفيض بطيبي برغم شجوني
وأعطيهم الخبز لو يحرقوني
وإن يدفنوني
سأخرج من تحت ذاك التراب
لأجل الخريف
لأجل الطيور
لأجل رغيف عند الصباح
يمر سلاما على الفقراء
كحبة قمح
أرى أن حجمي صغيرا بأرضي
و أصغر مني من ينكروني
و أكبر فضلي لمن جربوني
كريما و أحلى خصالي العطايا
فكم من صديق و عابر سبيل
استدلوا طريقي وما فارقوني
و كم من لئيم تعلم مني
أصول التواضع و خان الوصايا
كحبة قمح بقيت أُناضل
أمام الرياح نضال الفسائل
أنا حين تقسو علي المناجل
لتقطع ساق و روح السنابل
أقدم روحي بكل خشوع
أنا حبة القمح حين أموت
سأعطي الحياة إلى الميتين
أنا حبة القمح لو رافقوني
ومن رافق الخبز كيف يجوع
الشاعر : غسان الدليمي
الكوميديا فن الإصلاح الاجتماعي
يجري مصطلح "الكوميديا" الآن على الألسنة باعتباره مرادفاً للأعمال التمثيلية المضحكة التي تهدف إلى التسلية والترفيه، وهذا اختزال خاطئ مرده إلى ضعف الثقافة الفنية وقلة المحصول الأدبي لدى البعض، والحق أن الكوميديا كانت في الأصل أداة ساخرة من أجل النقد الاجتماعي والتهذيب الخلقي بأسلوب فكاهي مرح، وكان الأديب أحمد حسن الزيات أول من وضع لهذه الكلمة مقابلاً عربياً وهو 'الملهاة" لما تحمله الكوميديا من لهوٍ وسخرية وضحكات نابعة من مفارقات الحياة، فهي تعالج الجانب الظريف من أفعال البشر، وهي خفيفة ومبهجة وتصلح لأن تكون دواءً للاكتئاب والشعور بالملل، ويحبها الجمهور لأنها عادةً تنتهي نهاية سعيدة مع شيء مهم لابد منه في العمل الكوميدي وهو أن الشخصيات المعوجة لابد أن تنال ما تستحقه من سخرية العمل المكتوب الظاهر في أداء الممثلين وسخرية الجمهور المتفرج، فإذا كانت الشخصية المستهدف نقدها في العمل هي لدجال مثلاً فلابد من كشف حقيقتها وإلا صارت الكوميديا بلا معنى ولا هدف..
ولهذا فإن الكوميدية بطبيعتها ساخرة وهجائية، فهي سلاح النقد ولكن ليس النقد الأدبي أو الفني بل النقد الاجتماعي من أجل إصلاح الخلل ومكافحة الآفات البشرية والنقائص..
ويصنف النقاد الكوميديا بحسب مضمونها وأساليب مؤلفيها، فهناك الكوميديا الراقية وأسلوبها ساخر وقد تكون لاذعة لكنها تستهدف الجمهور اللماح ولا تصلح للطبقات الشعبية غير المثقفة لأن فيها نوعاً من الفكر..
وفي المقابل توجد الكوميديا الشعبية التي تخاطب العامة بأسلوبهم فهي تسخر بشكل مباشر ولا تعتمد على البعد الفكري وإنما على المفارقات الصارخة..
وإلى جانب كوميديا المثقفين والكوميديا الشعبية توجد الكوميديا الرومانسية وتتجه إلى الشاعرية لكن بروح مرحة خفيفة وتُكَرِّس للمواقف المثالية..
وهناك الكوميديا الأخلاقية التي تسخر من الفساد والكذب والنفاق، ويحب النقاد أن يفرقوا بينها وبين كوميديا السلوك التي تلقي الضوء الكاشف على العادات السلبية للناس والسلوكيات التي يمارسونها بوعي أو بدون..
ونرى أن التفرقة بين كوميديا الأخلاق وكوميديا السلوك لا شيء، لأن الفرق بين النوعين غير محوري فهما في الحقيقة نوع واحد، وهو النوع الذي يمثل المرآة التي نرى فيها نفوسنا ونستقطع الجزء السلبي من شخصياتنا بعد أن نلهو ونضحك ولا نشعر بوطأة النصيحة..
والكوميديا الأخلاقية قديمة حيث تعود إلى العصر الروماني وبالذات في مسرحيات "بلاوتوس" و"تيرنس" وفي هذه المسرحيات نجد السخرية اللاذعة وما يسمى بـ "التَّنَدُّر"
وفي إنجلترا وبالتحديد في عصر الملكة إليزابيت الأولى برع الكاتب المسرحي "بِن جونسون" في الكوميديا الأخلاقية ومنحها قالبها المتميز وصنعتها المُتقَنة مما جعل مسارح إنجلترا وأوروبا كلها تسير على منواله، ولا تزال كوميديا السلوك موجودة وتؤدي مهمتها في كشف عيوب المجتمعات ومعالجة الجانب الهابط من الطبيعة البشرية ومقاومة الظواهر الاجتماعية السيئة، وهذا النوع الذي لا يحبه بعض المثقفين هو أصل الكوميديا وهو الذي جعل أرسطو يعرفها لنا بأنها الفن الذي يعالج أوجه النقص والقبح، إلا أن الكوميديا على ذلك ليست وعظاً ولا خطابة وإنما إبداع فني مرح، وقوته تكمن في هذا المرح وتلك الخفة.
حاتم السروي
مدعو الفن
تقول الحكمة القديمة " الفن مرآة المجتمع" حيث إن قوة الفن ونمطه ومدى تأثيره تتناسب طردياً مع مدى تقدم المجتمع ثقافياً وحضارياً، كما أن حال الحركة الفنية في كل عصر تعكس حال ذلك العصر، و مواجهة الواقع لها عظيم الأثر على تأكيد تلك القناعات.
نقر بوجود مواهب فذة في الفن التشكيلي لم تُتح لها الفرصة لصقل موهبتها بالدراسة المتخصصة، لكنهم يظلوا فنانين يمتلكون موهبة فطرية عظيمة، لكن مدعي الفن، وأقصد بهذا المصطلح أولئك المتطفلين على الفن التشكيلي، خصوصاً وأنهم لم يدرسوا الفن التشكيلي أو حتى الرسم ولا يملكون أدنى موهبة، وهم مجرد أشخاص يحبون لقب "فنان" ويعشقون الظهور والوجاهة الاجتماعية، حتى وإن كانت وجاهة مزيفة، علماً أن هذه الظاهرة منتشرة في معظم دول العالم حالياً .
أرصد ما رأيته و لامسته بنفسي على مستوى الوطن العربي والدول غير العربية ، فالمُتلقي العادي حين يدخل معرضاً فنياً يمكنه بسهولة التمييز بين العمل الفني الحقيقي والعمل الطفولي لأحد المدعين، نعم هكذا يطلق على أعمالهم (أعمال طفولية) لشخص لا يجيد الإمساك بالفرشاة والتحكم بها والتعامل مع التكنيكيات المختلفة ولا يقدر على التخطيط لعمل فني ودراسته قبل الشروع في تنفيذه ولا يمتلك أدنى ثقافة فنية أو رؤية واضحة.
ويقف الجمهور جنباً إلى جنب مع الحقيقي والأكاديمي، ونتساءل كيف ترعرع في وادينا الطيب هذا القدر من مدعي الفن، خصوصاً إن منهم من ذهب لأبعد من ادعاء الفن منهم من يدعي أنه "دكتور في الفن " ويلقب نفسه بالدكتور، فأي دكتوراه غير أكاديمية تلك التي تمنح في الفن، والأدهى أن تجده أمراً اعتيادياً بين أوساط تلك الشريحة المتطفلة.
والغريب أن نجد مجاراة من بعض الفنانين الحقيقيين والأكاديميين لأنه صار بالنسبة لهم أمراً واقعاً، وأذكر منذ سنوات أني قد وصلتني دكتوراه وهمية باسمي (كهدية) من جهة ادعت أن مقرها كندا، فمن سمح لتلك الخلايا أن تستشري في الوسط ، وما تلك الجهات الوهمية المانحة للدكتوراه المزعومة ، والمأساة معظم من لا يجيد الفن يعرض أعماله الساذجة باسم الفن، تماما كالفنانين الحقيقيين الذين أفنوا حياتهم ودراستهم الأكاديمية في هذا التخصص.
في حين بعض الفنانين الأكاديميين لم يجدوا منفذاً لعرض أعمالهم بشكل فعال ونشط إلا من خلال هؤلاء المدعين، والغريب أننا نريد من الفن التشكيلي أن يصل للناس وأن يلعب دوراً مؤثراً في التغيير نحو الأفضل، في حين أنه يحتاج لتنقيح تلك العشوائيات المتطفلة عليه لأن إصلاح المجتمع الفني من الداخل هو الركيزة الأساسية لتمكين الفن من القيام بدوره على النحو الأمثل، لذا نأمل وجود جهة رقابية وانتقائية تنتقي الشباب من الفنانين الحقيقيين ممن لهم الأحقية في تمثيل تلك الحقبة تمثيلاً مشرفاً يتماشى مع رؤيتها نحو استشراف المستقبل ثقافياً وحضارياً .
فنانة تشكيلية : ولاء محمد باشا
خلاصة تجارب
مهما قست دنيتك كن شامخاً لا تلين
شد الوصائل وحبل الوصل لا تقطعه
خلي طباعك كريح العود والياسمين
وامشٍ بدرب الوفا والورد أنت ازرعه
لا تشكُ همك ولا تقضي حياتك حزين
اصبر على مر وقتك والأسى شيعه
عن عرض غيرك تحفظ لا تلم السنين
داري على بلوتك والواشي لا تسمعه
للحب جذع بقلب اللي يحسه متين
ازرع بذور المحبة والنفاق انزعه
جرحك تعود تخيطه أنت وبلا أنين
كم من جراحٍ تشافت والألم ودعه
واصدق بقولك وبفعالك وربك معين
واحفظ لسانك وشين القول لا تطلعه
وابعد عن الصاحب الحاسد ولا تستهين
وانشر هوا طيبتك والخير لا تمنعه
يا صاح خذ العبر من دنيتك واستعين
بالله وارضى بحكمه في العسر والسعه
هذي خلاصة تجارب والختم كلمتين
اترك دروب الخطأ والخير درب اتبعه
الشاعرة : مريم كويس
الرحيل
حين قررت الرحيل
كنت أدري ما أقول
قبل حزمي لمتاعي
شاملا نعشي القتيل
دفنه في قبر ماض
مع مجهودي الطويل
لن يرى نبشا لديه
من لدني أو عويل
كغسيل لدماغي
قبل مجهول الرحيل
و صروف الدهر هانت
دونها ظرفي المهول
غدر من أحببت جرح
في حياتي لا يزول
سوف أمضي نحو أفق
تائه المنفى أجول
احتويني بحنان
وإلى نفسي أأول
نور ربي لظلام الظلم لي خير بديل
أصحب النجم وأشدو
لمراع وحقول
هي ترياقي رحيقا
شافيا قلبي العليل
هي بي زهرة حب
لم يساورها الذبول
وسبيل الله أنقى
لي من أي سبيل
نعمة لطف إلهي
خير درب للوصول
الشاعرة : سمية وظيفي