أشعل أزمات وأثار الجدل.. إلى أين يقود ترامب العالم؟
خلال 10 أيام فقط من بدء ولايته الثانية، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً، وردود فعل، عبر العالم، إذ بدأ يعلن إجراءات وأوامر تنفيذية، ربما لم يسبقه إليها أحد من نظرائه. آخر القضايا التي أثارها ترامب تلك المتعلقة بتهجير أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني إلى خارج قطاع غزة، وفيما بدا أنه «خطة» وليس مجرد اقتراح، حدد ترامب الأردن ومصر مكاناً لإبعاد سكان غزة. واللافت أن ترامب، أمام الرفض الأردني والمصري، عاد عبر مستشاره الخاص، ليطالب الأردن ومصر بأن «تقترحا حلاً بديلاً.. إن لم ترغبا في استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة»، حسبما قال المستشار آدم بوهلر في حوار مع قناة إسرائيلية. ويعكس هذا الأمر إصراراً من ترامب على تنفيذ خطته، وبما ينسف كثيراً من التفاهمات حول الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
خطوة أخرى قطعها ترامب بخصوص غزة، عبر إجراء آخر أثار جدلاً في بلاده، حين وقع أمراً تنفيذياً يتعلق بـ»مكافحة معاداة السامية»، ويتيح ترحيل الطلاب الذين يشاركون في مظاهرات داعمة لفلسطين، وهو ما يشكل مزيداً من الضغط حتى داخل الولايات المتحدة، خاصة أن القرار يتناقض مع أهم الأسس التي تقوم عليها «الديمقراطية الغربية» وهي «حرية التعبير عن الرأي». ويأتي الإجراء الجديد على خلفية احتجاجات عمت عدداً من الجامعات الأمريكية قبل أشهر احتجاجاً على الحرب في غزة. ويسمح الإجراء لوزارات الخارجية، والتعليم، والأمن الداخلي في الولايات المتحدة، بإعداد تقارير عن الطلاب الأجانب الذين يشاركون في أنشطة معادية للسامية، واتخاذ خطوات لترحيلهم. صحيفة «الغارديان» قالت إن إجراء ترامب بشأن غزة، يُعد بمثابة «موسيقى» بالنسبة لليمين المتطرف.
وأضافت أن الاقتراح لا يحتاج إلى أن يكون عملياً ليكون ضاراً، بل إنه يعزز «اليمين المتطرف» في إسرائيل، خاصة أن أحد قرارات ترامب كان إلغاء عقوبات أمريكية على مستوطنين متطرفين.
وتصريحات ترامب، وإجراءاته المرتقبة طالت الدول الأوروبية، التي تسود أوساطها الاقتصادية والسياسية حالة من القلق، عبر عنها رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، الذي قال إن فرنسا والاتحاد الأوروبي قد «يُسحقان» بسبب السياسة المعلنة لترامب، إذا لم يتحركا لمواجهتها.
ويأتي التحذير تعليقاً على إعلان ترامب أنه سيفرض «رسوماً جمركية وضرائب على الدول الأجنبية» من دون أن يفصّل هذه التدابير، وهو ما وصفه بايرو بأنه محاولة أمريكية لفرض «سياسة مهيمنة». وفي مؤشر على ارتفاع حدة التصعيد، أعلن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، أن الاتحاد الأوروبي مستعد «للدفاع عن مصالحه» إذا اقتضت الضرورة.
ولا يتوقف القلق الذي يثيره ترامب عند ذلك، إذ إن الرئيس الأمريكي العائد لولاية جديدة، أثار في الأيام الأولى من ولايته الثانية أزمات أخرى، بدأ بعضها حتى قبل أن يتسلم مهامه رسمياً، إذ أشعل جدلاً بعد تصريحاته بشأن كندا، حين أعلن أنها «يجب أن تكون ولاية أمريكية»، ثم أعلن رفع الرسوم على الواردات من كندا والمكسيك. كذلك أثار إعلانه أزمة مع بنما التي رفضت تصريحات تعهد فيها ترامب بـ»استعادة» قناة بنما، وشددت على أن ذلك الممر المائي سيبقى تحت سيطرتها. وكانت «طموحات ترامب» بشأن ضم جزيرة غرينلاد، وعرض استعداده لشرائها، قد أثارت أزمة مع الدنمارك، التي أعلنت على لسان رئيسة وزرائها ميته فريدريكسن، أنها حظيت بدعم أوروبي «قوي للغاية» في مواجهة ذلك التهديد.
هذا بالإضافة إلى الأزمة اللاحقة مع كولومبيا، رغم أنها وجدت طريقاً للحل بعد ساعات من التوتر.
ملفات متوترة يبدو أن ترامب مٌصرّ على الخوض فيها، رغم كل ما تبطنه من تهديد، يدفع العالم نحو «فوضى» جديدة، قد تمتد آثارها إلى العالم كله.