رئيس الدولة يعين محمد المنصوري وكيلاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل
أكراد تركيا في مواجهة شرسة متجددة مع أردوغان
اعتبر الكاتب التركي تركمان تيرزي أن أكراد تركيا يمرون باختبار مؤلم في مواجهة القومية الجديدة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي وائتلاف حزب الحركة القومية، حيث يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصمم على شل السياسة الكردية. وكتب تيرزي، في صحيفة “ويك أند أرغوس” الجنوب أفريقية، أن المشكلة الكردية في الشرق الأوسط أصبحت القضية الرئيسية التي ستُحدد مصير المنطقة في المستقبل القريب.
والأكراد الذين يعيشون في شمال العراق، وشمال شرق سوريا، وجنوب شرق تركيا، وشمال غرب إيران، وغرب أرمينيا، أكبر أقلية في العالم دون دولة. وحصل أكراد العراق على حكم ذاتي في الجزء الشمالي من البلاد بعد سقوط صدام حسين.
وبفضل الدعم الغربي، أعلن الأكراد السوريون أيضاً منطقة فيدرالية بحكم الأمر الواقع في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا في 2016.
الأكراد عامل رئيسي في الاستقرار
حصل الأكراد على قدر كبير من الحكم الذاتي في العراق، وسوريا، لذلك غضب متزايد منهم باعتبارهم الجماعات العرقية الرئيسية في المنطقة، التي يعاملها العرب، والفرس، والأتراك على أنهم انفصالية.
وباعتبارهم رابع أكبر مجموعة عرقية في المنطقة، ويُقدّر عددهم بنحو 30 مليون نسمة، فقد أصبح الأكراد عاملاً رئيسياً في مستقبل الشرق الأوسط.
ودعمت الحكومات الأمريكية والأوروبية الأكراد السوريين في قتالهم الناجح ضد داعش، كما غطت وسائل الإعلام الدولية نجاحهم في الحرب على داعش في سوريا، بشكل كبير.
مقاومة مسلّحة
ومع ذلك، فإن الصراع الكردي لا يتعلّق فقط بمحاربة داعش. ويخوض الأكراد منذ فترة طويلة كفاحاً مسلّحاً ضد هذه الدول الكبرى للحصول على حقوقهم السياسية والثقافية.
ويقاتل حزب “الحياة الحرة” الكردستاني PJAK الذي تأسس في 2004، من أجل منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي داخل ايران، لكن الجماعة المسلحة لم تنفذ أي عملية كبيرة منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 2011 بعد الانتصار العسكري للحكومة الإيرانية.
وتضم تركيا العدد الأكبر من الأكراد وأكثرهم تسيساً في المنطقة، وتعد المشكلة الكردية إحدى القضايا الرئيسية في تركيا. ووفقًا لكتاب “حقائق العالم”، يعيش أكثر من 16 مليون كردي في تركيا.
وحصلت أكثر من 60 مجموعة عرقية على استقلالها بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية الكامل، إلا الأكراد. تاريخياً، كان الأكراد في تركيا يتمتعون بحقوق أكثر من الأقليات الكردية الأخرى في الدول المجاورة، وحصلوا على جنسية متساوية مع غالبية الأتراك في جمهورية أتاتورك التركية الحديثة، شرط ألا يعترفوا بهويتهم الكردية علناً.
أزمات أعمق
ولطالما كانت الأزمات الكردية في تركيا أعمق مقارنةً مع القضية الكردية في إيران وسوريا والعراق، رغم أن هذه الدول المجاورة لم تُصدر بطاقات هوية وطنية لسكانها الأكراد طيلة عقود طويلة. وبعد سقوط العثمانيين، أنشأ مصطفى كمال أتاتورك دولة علمانية تركية خالصة، بلغة واحدة وعرقية واحدة وثقافة واحدة، ما أدى إلى قمع الأديان والجماعات العرقية الأخرى، بما في ذلك الأكراد.
وأدت أيديولوجيـا أتاتورك الجديدة القائمـــــة على الاستيعاب الثقافي والديني إلى اندلاع ثورات كردية.
قمع أتاتورك بشكل دموي تمرد الباحث الإسلامي الكردي الشيخ سعيد في المدن ذات الأغلبية الكردية بدياربكر، وإلازيغ، وبنغول في 1925، باستخدام 35% من الميزانية التركية و51 ألف جندي ضد 30 ألف متمرد كردي.
وأعدمت “محاكم الاستقلال” الثورية لأتاتورك الشيخ سعيد وأتباعه الذين أرادوا الحكم الذاتي الكردي والخلافة الإسلامية.
بعد عقود من تمرد سعيد، أصبح حزب العمال الكردستاني حركة التمرد الكردية الرئيسية التي بدأت كفاحاً مسلحاً ضد الدولة التركية في 1984. وفقد أكثر من 40 ألف شخص أرواحهم في هذا الصراع، وكلف الصراع تركيا أعباء اقتصادية ضخمة.
اغتيال وسجن
وأغلقت المحكمة الدستورية في البلاد العديد من الأحزاب السياسية الكردية منذ تسعينيات القرن الماضي، فيما تعرّض مئات من القادة السياسيين الأكراد للاغتيال، أو السجن.
وأطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية سلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان في أواخر 2012، لكن الحكومة التركية أنهت الهدنة في يونيو (حزيران) 2015 بعد قتل حزب العمال الكردستاني لرجلي شرطة، وانتصار حزب الشعوب الديموقراطي في يونيو (حزيران) 2015 في الانتخابات العامة التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية الغالبية في البرلمان لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة في 2003.
ومع انتهاء الهدنة، دمرت القوات التركية العديد من المدن الكردية في حرب واسعة النطاق في جنوب شرق تركيا.
ونتيجة لخسارته الأصوات الكردية، أصبح حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، يعتمد بشكل متزايد على حليفه الانتخابي، حزب الحركة القومية.
وانتخب أردوغان رئيساً تنفيذياً بدعم من حزب الحركة القومية في 2018. وتظهر أحدث استطلاعات الرأي أن دعم أردوغان في أدنى مستوياته على الإطلاق. كما أنه يستعد لحل حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد لإرضاء حزب الحركة القومية.
محاكمة غيرغيرلي أوغلو
وبعد أسابيع قليلة من تعهد أردوغان بسلسلة من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، جرد البرلمان التركي النائب البارز عن حزب الشعوب الديموقراطي والمدافع عن حقوق الإنسان عمر فاروق غيرغيرلي أوغلو من مقعده البرلماني في 17 مارس (آذار).
ورفع مدع عام تركي كبير قضية أمام المحكمة الدستورية في نفس اليوم، سعياً لحل الحزب.
في نقاش سياسي مباشر على قناة «CNN Turk» في الأسبوع الماضي، لخّص النائب السابق عن حزب الشعوب الديموقراطي ألتان تان، المطالب الأساسية للأكراد بإلغاء حظر استخدام اللغة الكردية في الحياة العامة والخاصة، وإقامة نظام سياسي لامركزي في تركيا يمنح المزيد من الصلاحيات للسلطات المحلية، في المنطقة ذات الأغلبية الكردية.
وتتجلّى قلة التسامح مع الأكراد في البيئة السياسية الحالية لتركيا بشكل جيد من خلال هولكي جيفيز أوغلو، الشخصية التلفزيونية المعروفة والصحفي ومؤسس حزب اليسار الديموقراطي التركي الذي لم يستمرّ وقتاً طويلاً.
ورغم أنه صحافي، يتهم جيفيز أوغلو باستمرار ألتان تان بأنه مروّج دعاية محظورة لحزب العمال الكردستاني (PKK) وانفصالياً.
حرب ايديولوجية
ومنذ اعتماد حزب العدالة والتنمية سياسة اقتصادية خاصة، تعثرت تركيا وباتت تواجه تحديات اقتصادية شديدة. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يضاعف أردوغان حربه الأيديولوجية ضد جميع المعارضين. ورغم تحذيرات بايدن والحكومات الأوروبية، يبدو أن أردوغان مصمم على شلّ السياسة الكردية.
وختم تيرزي قائلاً، إن الأكراد يمرون حالياً باختبار مؤلم في مواجهة القومية الجديدة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي وائتلاف حزب الحركة القومية.